أصدرت محكمة جنايات الإرهاب أمس الثلاثاء، حكماً بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات بحق الناشط الطلابي والحقوقي البارز معاذ الشرقاوي، إلى جانب عدد من المتهمين الآخرين في القضية رقم 540 لسنة 2023 حصر أمن دولة عليا، وهي القضية التي تحمل دلالات مقلقة بشأن مستقبل الحريات العامة وحقوق الإنسان في البلاد.

وجاء الحكم بعد توجيه سلسلة من الاتهامات للشرقاوي، تضمنت "نشر أخبار وبيانات كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، فضلاً عن "الانضمام إلى جماعة إرهابية أُسست على خلاف أحكام القانون"، بحسب ما ورد في لائحة الاتهام المقدمة من نيابة أمن الدولة العليا، التي استندت أساساً إلى تحريات جهاز الأمن الوطني.
 

دفاع يتهم الأمن بـ"فبركة القضية".. وتحريات بلا أدلة
   وصف فريق الدفاع عن الشرقاوي الاتهامات بأنها "هشة" وتعتمد على "روايات أمنية لا ترقى إلى مستوى الأدلة القانونية"، مؤكدين أن لائحة الاتهام لم تُرفَق بأي مستندات أو تسجيلات توثق طبيعة ما سُمّي بـ"الأخبار الكاذبة" أو تحدد بوضوح الوقائع التي تندرج تحت مزاعم "التحريض".

وأشار محامو الدفاع إلى أن الشرقاوي لم يُضبط متلبساً بأي جرم، بل جرى توقيفه بناء على أرشيفه السياسي ومشاركاته الإعلامية السابقة، ما يعكس – بحسب وصفهم – توجهاً لتجريم الرأي السياسي والنشاط السلمي تحت مظلة قوانين الإرهاب ذات الصياغات الفضفاضة.
 

اختفاء قسري وانتهاك للقانون
   من أبرز الانتهاكات التي شابت القضية، وفق ما أكدته مصادر قانونية، تعرض معاذ الشرقاوي للاختفاء القسري لمدة تجاوزت الثلاثة أسابيع، في ظل إنكار رسمي تام لمكان احتجازه، وحرمانه من التواصل مع ذويه أو محاميه، بما يخالف الدستور وقانون مكافحة الإرهاب المعدل عام 2015، الذي يشترط ألا تتجاوز فترة التحفظ 14 يوماً مع ضمانات قانونية واضحة.

وفي بلاغ رسمي قدمته أسرته، تم توثيق وقائع تعذيب بدني تعرض لها الشرقاوي، شملت الضرب المبرح على الوجه والكتفين، وتعصيب العينين طوال فترة الاحتجاز، فضلاً عن نقله بين عدة مقار احتجاز غير قانونية، قبل ظهوره المفاجئ أمام النيابة دون إخطار مسبق لأسرته أو هيئة الدفاع، ما يطرح علامات استفهام خطيرة بشأن مدى التزام أجهزة الدولة بضمانات العدالة والإجراءات القانونية السليمة.
 

لا تحقيق في مزاعم التعذيب.. وصمت رسمي
   وعلى الرغم من توثيق هذه الانتهاكات عبر شهادات مكتوبة ومرفقات قانونية، لم تُجرِ النيابة أي تحقيقات بشأن مزاعم التعذيب أو الاختفاء القسري، وهو ما دفع منظمات حقوقية محلية ودولية إلى التحذير من تصاعد سياسة الإفلات من العقاب، وغياب الرقابة القضائية الفعلية على ممارسات الأجهزة الأمنية.

اللافت أن جهاز الأمن الوطني – المسؤول الأول عن القضية – أنكر علمه بمكان احتجاز الشرقاوي طوال فترة اختفائه، على الرغم من تسلم عدة بلاغات رسمية من أسرته ومحاميه، ما يزيد من المخاوف حول شيوع هذه الممارسات و"تطبيعها" كأداة أمنية للتخويف والسيطرة، بحسب تعبير منظمات حقوقية.
 

ناشط طلابي بارز.. وتاريخ من المطاردة الأمنية
   ويُعد معاذ الشرقاوي أحد أبرز رموز الحراك الطلابي في مصر منذ عام 2013، وكان من الوجوه الفاعلة في عدد من الفعاليات الجامعية والسياسية التي دعت إلى الإصلاح السياسي واحترام الحقوق المدنية، وقد سبق اعتقاله في أكثر من مناسبة.

ويقول مقربون منه إنه أعيد توقيفه في سياق حملة أوسع ضد منتقدي السياسات الأمنية، بعد ظهوره في مقابلات إعلامية وجه خلالها انتقادات حادة لأداء الأجهزة الأمنية وانتهاكات حقوق الإنسان.