منذ تعيين الفريق كامل الوزير وزيرًا للنقل بحكومة الانقلاب في مصر، أُطلق عليه لقب "رائد المشاريع العملاقة" التي تستهدف تطوير البنية التحتية للنقل والطرق والموانئ، إضافة إلى مشاريع أخرى كالقناة الجديدة والمتحف المصري الجديد وغيرها، لكن هذه المشاريع، التي يُفترض أن تكون رافعة للتنمية، جاءت على حساب ديون ضخمة أثقلت كاهل الاقتصاد المصري، مما أثار جدلاً واسعًا حول جدوى هذه القروض وأثرها على الاقتصاد الوطني.

 

مشاريع كامل الوزير وتكلفتها الهائلة

بحسب تصريحات رسميّة، تبلغ تكلفة مشروعات النقل التي يشرف عليها كامل الوزير حتى عام 2024 نحو 1.1 تريليون جنيه مصري، تشمل:

  • مشروعات الطرق والكباري بتكلفة 377 مليار جنيه.
  • مشروعات السكك الحديدية بتكلفة 142 مليار جنيه.
  • مشروعات الأنفاق والجر الكهربائي بتكلفة 512 مليار جنيه.
  • مشروعات الموانئ البرية والبحرية بأكثر من 20 مليار جنيه.

هذه الأرقام تعكس ضخامة الإنفاق على البنية التحتية للنقل، حيث تشمل مشاريع مثل تطوير السكك الحديدية، حفر قناة السويس الجديدة، تطوير هضبة الجلالة، إنشاء الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومحاور طرق كبرى مثل محور روض الفرج.

 

حجم الديون والقروض

وفقًا لما أُثير في برلمان الانقلاب المصري، فإن الهيئات القومية للنقل (السكك الحديدية، الأنفاق، الطرق والكباري) تحمل ديونًا ضخمة تصل إلى حوالي 35 مليار دولار، وهو ما يمثل نحو 20% من إجمالي ديون مصر الخارجية التي تقدر بحوالي 160 مليار دولار بنهاية مارس 2024.

هذه الديون الضخمة تأتي في ظل زيادة مستمرة في الاقتراض الخارجي، حيث ارتفعت ديون مصر الخارجية بنسبة 255% منذ تولي زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي السلطة قبل عشر سنوات، من 45.2 مليار دولار إلى 160 مليار دولار تقريبًا.

 

لماذا يقترض كامل الوزير؟ وأين تذهب هذه القروض؟

تُبرر حكومة الانقلاب المصرية، من خلال تصريحات كامل الوزير وغيره من المسؤولين، هذه القروض بأنها ضرورية لتنفيذ مشاريع البنية التحتية التي تهدف إلى تحديث منظومة النقل وتحسين الخدمات، مما من شأنه دعم الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.

لكن الواقع يشير إلى أن هذه القروض تُستخدم في تمويل مشاريع ضخمة لم تحقق بعد عوائد اقتصادية ملموسة، بل إن بعض القطاعات مثل السكك الحديدية تحقق خسائر سنوية تقدر بالمليارات رغم القروض الضخمة التي حصلت عليها.

النائب عبد المنعم إمام، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب الانقلاب، هاجم سياسة الاقتراض التي يتبعها كامل الوزير، مؤكدًا أن السكك الحديدية وحدها استهلكت 80% من حجم ديون مصر الخارجية منذ عهد الملك فاروق وحتى عدلي منصور، وأن هذه المنظومة لا تحقق أرباحًا بل تعاني من عجز سنوي كبير، مما يجعل سداد هذه الديون أمرًا غير واضح المعالم.

 

تصريحات سياسية وانتقادات برلمانية

في جلسة مجلس النواب بتاريخ 3 يونيو 2024، تعرض كامل الوزير لهجوم عنيف بسبب طلبه الموافقة على قرض إسباني بقيمة 200 مليون يورو لاستيراد 7 قطارات نوم فاخرة، حيث اعتبر النواب أن هذا القرض يأتي في ظل تراكم ديون ضخمة على الهيئة القومية للسكك الحديدية والأنفاق والطرق والكباري، والتي وصلت إلى 35 مليار دولار بخلاف القرض الجديد.

النائب عبد المنعم إمام قال: "لا ببقائك خير ولا في رحيلك ندم"، مشيرًا إلى أن الأزمة المالية التي تعاني منها منظومة النقل تتحمل كامل الوزير 80% من أسبابها، بسبب سياسة الاقتراض المفرطة التي لا تراعي قدرة الدولة على السداد.

 

أثر القروض على الاقتصاد المصري

تسببت هذه القروض في زيادة مخصصات فوائد الدين في الموازنة العامة للدولة بنسبة 63.77% في العام المالي 2024-2025، حيث ارتفعت من تريليون و120 مليار جنيه إلى تريليون و834 مليار جنيه، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على المالية العامة ويؤثر سلبًا على الإنفاق في القطاعات الحيوية الأخرى.

كما أن تراجع قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار من متوسط 30.95 إلى 48.05 جنيه للدولار زاد من تكلفة خدمة الدين، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الدولة والمواطنين، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، كما شهد المصريون زيادة في سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة 300% مؤخرًا.

 

توقعات المستقبل

مشاريع كامل الوزير، رغم ضخامة حجمها وأهميتها المعلنة، تُنفذ على حساب ديون ثقيلة وصلت إلى 35 مليار دولار فقط في قطاع النقل، تمثل حوالي 20% من إجمالي ديون مصر الخارجية التي تبلغ نحو 160 مليار دولار، هذه القروض، التي يُفترض أن تساهم في تطوير البنية التحتية، أثارت جدلاً واسعًا بسبب عدم وضوح عوائدها الاقتصادية، وارتفاع خسائر بعض القطاعات مثل السكك الحديدية.

الانتقادات البرلمانية والسياسية تشير إلى أن سياسة الاقتراض الحالية غير مستمرة، وأنها قد تؤدي إلى أزمات مالية خانقة في المستقبل القريب، خاصة مع تزايد أعباء خدمة الدين وتراجع قيمة العملة المحلية.

في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتمكن الحكومة من تحويل هذه القروض إلى استثمارات ناجحة أم ستظل عبئًا على الاقتصاد المصري والمواطنين؟