في حادثة مأساوية هزّت حي بشبرا بالقاهرة، انهار عقار قديم صباح أمس الاثنين دون سابق إنذار، مما أسفر عن سقوط أثاث وأجزاء من المبنى على السكان القاطنين في الطوابق السفلية. وتحركت فرق الدفاع المدني والإسعاف على الفور، وفرضت قوات الأمن كردونًا أمنيًا حول المبنى، بينما اشتكي الأهالي من انعدام صيانة العقار ووجود تشققات ظهرت منذ سنوات دون تدخل فعلي من الجهات المسؤولة.
خسائر بشرية منذ 2013 حتى 2025
في أقل من عقدين، فقدت مصر أكثر من 1100 شخصٍ في انهيارات للمباني، في ظل دعم حكومي لم يسعف بالبنية التحتية القانونية أو التوكيد الصارم والتدابير الوقائية.
ووفقًا لبيانات معهد "دفتر أحوال" المتخصصة، تم تسجيل 1517 حادث انهيار عقار خلال الفترة من يناير 2014 إلى ديسمبر 2019، نتج عنها 535 حالة وفاة (339 ذكور و196 إناث) بالإضافة إلى 1417 مصابًا.
من 2013 وحتى 2014:
سجلت دراسة المبادرة المصرية 392 حادث انهيار (يوليو 2012–يونيو 2013)، أودت بحياة 192 شخصًا.
من 2014 وحتى 2016:
وقعت 661 حادث انهيار، منها 214 كلي و447 جزئي، مخلفًا 304 وفاة و717 مصابًا
من 2017 وحتى 2023:
أكثر من 800 حادثة، خلّفت نحو 551 قتيلاً و1088 مصابًا.
فبراير 2025 (كرداسة - الجيزة):
انهيار مبنى سكني أدى إلى 10 قتلى و8 مصابين.
إبريل 2025 (القاهرة – حدائق القبة):
جريمة إنشائية تسببت في سقوط مبنى وأسفرت عن 9 قتلى و4 مصابين.
إجمالي التقديرات الرسمية (2013 – 2025):
- 535 قتيلاً (2014 – 2019)
- +551 قتيلاً (2017 – 2023)
- 19 قتيلاً في الربع الأول من 2025
يُقدّر إجمالي عدد الوفيات بما لا يقل عن 1105 أشخاص نتيجة حوادث انهيار المباني خلال هذه الفترة.
حصر المباني الآيلة للسقوط
وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (تعداد 2017)، هناك نحو 100 ألف عقار آيل للسقوط تحتاج هدمًا أو تدخلًا هندسيًا فوريًا، من أصل 14.5 مليون عقار سكني في البلاد، مؤكدًا هشاشة الواقع العمراني
والآن، يُقدّر عدد المباني المعرضة للانهيار بحوالي 1.4 مليون عقار.
تفاقم المشكلة ناتج عن غطاء تشريعي ضعيف، إهمال بالبناء والصيانة، فساد رقابي، وغياب إلزام حقيقي للإخلاء .
أكثر المناطق تأثرًا:
الإسكندرية: نحو 7000 عقار آيل للسقوط.
القاهرة الكبرى: تتصدر نسبة العقارات غير الآمنة (40%)، وخاصة في أحياء وسط المدينة.
أبرز أسباب المشكلة:
- إهمال الصيانة الدورية للمباني
- البناء المخالف والمواد الرديئة
- غياب الرقابة وتقصير المحليات والتعرف المدني
أسباب ظاهرة سقوط العقارات
انتقدت تقارير ونواب البرلمان ضعف الالتزام والتقاعس الرسمي من حكومة السيسي بتنفيذ قرارات الإخلاء والترميم رغم صدور آلاف الإخطارات.
كما أن غياب المتابعة والمساءلة أدى إلى تراكم خطر على حياة السكان، خصوصًا في العقارات القديمة وفي مناطق الإيجار القديم التي يرفض سكانها الإخلاء.
ويرى الخبراء أن البناء العشوائي، غياب التراخيص، تلوث التربة وارتفاع المياه الجوفية، خاصة ساحل الإسكندرية، مشكلات تُفاقم الأزمة.
ومن أهم أسباب ظاهرة سقوط العقارات:
1 - الأعمار الافتراضية وسوء التنفيذ
المهندس محمد الزعريف (مهندس إنشائي): يرجع انهيار المباني إلى انتهاء "عمرها الافتراضي" نتيجة الإهمال البنيوي، ومشاريع شُيدت بتصاميم هندسية ضعيفة أو بأيدي مقاولين دون إشراف مهندسين متخصصين.
ويوضح المهندس مصطفى كامل ميتوَالي (أستاذ إنشائي - جامعة عين شمس): أن انهيار المباني، حتى الحديثة، غالباً ناتج عن غياب دراسة التربة، أو تجاوز امتداد البناء قدرات التحمل، مما يعرضها للانهيار أو التعلق بالخرسانة.
2 - غياب الرقابة وإهمال المشروعات غير المرخّصة
وتعتبر هالة حسنين (ناشطة في الملفات العمرانية): أن السبب الرئيس هو فساد الهيئات الرقابية المحلية، وغياب تخطيط عمراني واقعي، حيث تكرّس الجهات الحكومية مظهر الصورة الزائف دون تطبيق حقيقي للمعايير .
وتنبه إلى التأثير الكبير لشبكات الصرف الصحي التالفة على الأساسات، مشيرة إلى ما أكّده الدكتور طارق والي من أهمية الصيانات الهيكلية وتطهير البنية التحتية للحد من الانهيارات.
3 - التشريعات المنقوصة وفشل آليات الصيانة
ويشير رأفت شميس (رئيس جهاز التنفتيش بوزارة الإسكان): إلى أن ضعف متابعة المحليات وتجاهل تطبيق قانون البناء، وتفعيل لجان تقييم المباني الآيلة للسقوط بسبب نقص الخبرات، يجعل القانون "حبرًا على ورق"
بينما أكد محمد عبد العال (خبير تشريعات الإسكان): أن نقص الصيانة الدورية للأبنية، وتهميش اتحاد الملاك، أحد أبرز أسباب الانهيارات، وينوه إلى أن قانون اتحاد الشاغلين بحاجة إلى تعديل وتفعيل فعّال.
4 - جودة المواد والتلاعب بها
ويوضح أحمد الزيني (رئيس شعبة مواد البناء): أن تلاعب البعض بمواد البناء كالأسمنت المتهيئ وعزل الطبقة السطحية، يؤدي لتعرّض الأبنية للصدأ والتآكل، خاصة في المراحل الأخيرة بعد البناء، وهو ما يفاقم خطر الانهيار.
5 - عوامل بيئية إضافية
ويلفت الدكتور حداد (جهاز التفتيش الفني): إلى ضعف مقاومة المباني للطبيعة غير المتوقعة، مثل الأمطار أو ارتفاع منسوب المياه الجوفية، لا سيما في الأبنية التي تفتقر إلى عزل مناسب أو بنيت بالطوب اللبن، مما يجعلها عرضة للانهيار.