هيمنت الحرب بين إسرائيل وإيران على مناقشات "مؤتمر لندن" السنوي الذي نظمه معهد تشاتام هآوس، بمشاركة صانعي سياسات وخبراء في الشؤون الدولية، حيث تطرقت الجلسات إلى تداعيات الحرب على سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وسط تحولات في التحالفات العالمية وتوازنات القوى.

في الجلسة الافتتاحية، أعرب الأمين العام الأسبق لحلف الناتو، اللورد روبرتسون، عن قلقه بشأن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من النزاع، محذرًا من "لعبة خطرة على حافة الهاوية". وقال خلال حديثه مع مديرة تشاتام هاوس، برونوين مادوكس: "القرار الذي سيتخذه الرئيس الأمريكي سيُحدث تحولاً كبيرًا في خريطة التوازنات، أياً كان اتجاهه. ويبدو في الوقت الراهن أنه يمارس لعبة متهورة، معتمدًا على نفس المهارات التي استخدمها كمطور عقاري. لكن الأمر هذه المرة لا يتعلق ببناء برج في نيويورك، بل بمستقبل استقرار العالم".

من جانبه، دعا الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني (MI6)، السير جون ساورز، إلى تنفيذ ضربات أمريكية ضد المواقع النووية العميقة في إيران، مثل منشأة "فوردو"، والتي تعجز إسرائيل عن استهدافها. لكنه شدد على ضرورة تجنب السعي إلى تغيير النظام في طهران. وقال: "على الولايات المتحدة تنفيذ الضربة والتخلص من هذا العبء. أولًا، ذلك سيقلل من فرص نقل إيران لمعدات نووية إلى مواقع يصعب تعقبها، وهي بالتأكيد تمتلك هذه الخيارات. وثانيًا، هذا يفتح الباب أمام مطالبة إسرائيل بالتوقف عن محاولة إسقاط النظام، لأن هذا المسار سيغرق إيران في فوضى شاملة."

وفي جلسة أخرى، تناول الفريق الأمريكي المتقاعد بن هودجز مخاطر غياب الأهداف الاستراتيجية في السياسة الأمريكية تجاه النزاعات، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تحدد أهدافًا واضحة في العراق أو أفغانستان أو حتى أوكرانيا. وأضاف:  "إذا غاب الهدف الاستراتيجي، تصبح السياسات عبثية. قصف منشأة مثل فوردو بقنبلة خارقة للتحصينات يُعد قرارًا سياسيًا، لا استراتيجية متكاملة."

أما ستيف تشانج، مدير معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS)، فحذر من أن أي تدخل أمريكي مباشر ضد إيران قد يقوض النظام الدولي الليبرالي ويمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها. وقال: "مثل هذا التدخل سيُظهر أن الولايات المتحدة تتصرف بطريقة تقوض النظام الليبرالي الدولي، إن لم تكن تدمره فعليًا."

امتدت مناقشات مؤتمر لندن لتشمل قضايا متعددة تتأثر بشكل مباشر بنهج إدارة ترامب في السياسة الخارجية، منها التجارة، والتنمية، وأمن أوروبا، وتغير المناخ. وربط المشاركون بين السياسات الأمريكية الحالية وبين إعادة تشكيل النظام الدولي وفق توازنات جديدة تتجاوز الحرب بين إسرائيل وإيران إلى مشهد دولي أكثر تعقيدًا.
 

https://www.chathamhouse.org/2025/06/president-trumps-iran-statements-deadly-game-brinkmanship-lord-robertson-tells-london