واجه عدد من المغاربة والجزائريين الراغبين في الالتحاق بـ"قافلة الصمود 1" عراقيل متصاعدة من حكومة السيسي. القافلة، التي انطلقت من 32 دولة بهدف كسر الحصار عن غزة، تمرّ عبر تونس وليبيا، وكان يُنتظر أن تعبر إلى رفح عبر مصر. لكنها اصطدمت بعوائق دبلوماسية وأمنية أبرزها رفض منح تأشيرات الدخول، والاحتجاز المباشر لعدد من المشاركين.

في المغرب، عبّر أعضاء "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" عن استيائهم من غياب تجاوب رسمي مصري مع طلبات المشاركة. وأوضحوا في ندوة صحافية بالرباط أنهم لم يتقدموا بطلبات تأشيرة سياحية عادية، "لأنها لا تسمح بالوصول إلى مناطق أمنية مثل رفح"، في إشارة إلى خصوصية المسار المطلوب.

وأضافوا: "راجعنا السفارة المصرية ثلاث مرات، دون لقاء السفير، وأُبلغنا أن الرد سيأتي لاحقًا عبر الهاتف". منسق المجموعة، عبد الحفيظ السريتي، أكد أن المشاركة المغربية تهدف إلى وقف "حرب الإبادة" التي يتعرض لها الفلسطينيون، معربًا عن أمله في أن "تتفاعل الجهات المصرية والمغربية إيجابيًا مع المساعي الجارية".

كما أشار ناشطون إلى عوائق جغرافية وحدودية، خصوصًا مع الجزائر، حالت دون تنظيم قافلة مغربية تُشارك بريًّا في المسيرة المتجهة إلى رفح.

 

احتجاز جزائريين دون مبرر

من جهة أخرى، تحدّثت المحامية الجزائرية فتيحة رويبي عن احتجاز ثلاثة محامين جزائريين فور وصولهم مطار القاهرة، هم: مصطفاوي سمير، محمد عاطف بريكي، وعباس عبد النور. جاء ذلك، حسب منشورها على "فيسبوك"، حوالي الخامسة مساء بتوقيت الجزائر، وكان برفقتهم نحو 37 مشاركًا من القافلة.

رويي أكدت أن المحامين لم يتلقوا أي توضيح قانوني، وتمت مصادرة هواتفهم ووثائقهم، ووصفت الأمر بـ"الاعتداء الصارخ على الحقوق الأساسية وحرية التنقل". وطالبت وزارة الخارجية الجزائرية بالتدخل العاجل لحماية مواطنيها، مؤكدة أن "ما حدث لا يمكن تبريره لا قانونيًا ولا إنسانيًا".

 

موقف رسمي مصري... وتحذير من الاحتلال

وزارة الخارجية في حكومة السيسي أصدرت بيانًا أكدت فيه أن الدخول إلى معبر رفح والمناطق الحدودية يخضع لضوابط تنظيمية صارمة، مشددة على ضرورة تقديم طلبات رسمية مسبقة عبر السفارات الأجنبية أو المصرية، أو من خلال المنظمات المعنية.

وأوضحت أن أي طلب خارج هذه القنوات لن يُنظر فيه، وذلك "حفاظًا على أمن الوفود الزائرة بسبب دقة الأوضاع الحدودية". وكررت الوزارة موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية، لكنها أكدت على ضرورة الالتزام بالإجراءات القانونية الخاصة بالتأشيرات والتصاريح المسبقة.

بالتزامن، أصدر وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بيانًا طالب فيه السلطات المصرية بـ"منع وصول المتظاهرين إلى الحدود"، معتبرًا أن القافلة "تهدد أمن إسرائيل وتزعزع استقرار الدول العربية المعتدلة".

 

ترحيب من غزة وانتقادات من الداخل المصري

في قلب غزة، عبّر الفلسطينيون عن ترحيبهم الكبير بـ"قافلة الصمود 1"، وظهر ذلك في مقاطع فيديو انتشرت بشكل واسع على منصات التواصل. الغزيّون عبّروا عن امتنانهم للتضامن الدولي في ظل المجازر المستمرة، مؤكدين أن هذه المبادرات ترفع من معنوياتهم.

في مصر، تباينت ردود الفعل. الحقوقية عايدة سيف الدولة كتبت: "الحرية لكاسري الحصار من الجزائر"، معتبرة أن منع القافلة سيكون سابقة خطيرة. أما الناشطة ماهيرنور المصري فوصفت القافلة بـ"العمل المهم جدًا"، وقالت إن منعها "فضيحة للنظام المصري".

 

قافلة رمزية بمطالب إنسانية

القافلة تتكوّن من أكثر من 160 مركبة محمّلة بالمساعدات الطبية والإنسانية، وتضم مئات المتطوعين من دول شمال إفريقيا وأوروبا وآسيا. من بين أبرز أهدافها: وقف إطلاق النار، فتح الحدود، إدخال المساعدات، انسحاب الاحتلال، والبدء في إعادة الإعمار.

صموئيل كريتيناند، الممثل السويسري للقافلة، شدد على أن الهدف ليس اختراق الحدود بالقوة، بل "إحداث تأثير رمزي وسياسي عالمي عبر التضامن السلمي، بعد تنسيق دبلوماسي مسبق".

وعلى الرغم من الرسائل الرمزية التي تحملها "قافلة الصمود 1"، إلا أن المبادرة الإنسانية تواجه عراقيل سياسية وأمنية، أبرزها من حكومة السيسي. وبين احتجاز المشاركين ورفض التأشيرات، وبين ترحيب فلسطيني وتحذيرات إسرائيلية، تبقى المسيرة مرآة لصراع أوسع بين التضامن الإنساني والقيود الجيوسياسية.