أثارت زيارة وزير خارجية إسرائيل إلى إثيوبياضمن تعزيز التعاون الثنائي والاستراتيجي، الكثير من التساؤلات حول طبيعة الزيارة وتوقيتها وأهدافها، وخاصة علاقتها بسد النهضة.

بحسب محللين فإن الزيارة تعكس رغبة إسرائيلفي التمدد جنوبًا لمحاصرة مصر والتغلغل في القارة الإفريقية خاصة عبر إثيوبيا الغنية بالموارد بالتزامن مع تصعيد التوتر في غزة والبحر الأحمر.

الزيارة الإسرائيلية تأتي في توقيت حساس بأبعاد أمنية واقتصادية، وسط مخاوف من تصاعد الدور الإسرائيلي في ملف سد النهضة وهو ما يهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر.

 

بناء قواعد عسكرية إسرائيلية
   خبير الشؤون الإسرائيلية الأكاديمي إبراهيمجابر رجّح أن تكون هناك محادثات لإقامة قواعد عسكرية إسرائيلية ربما قرب سد النهضة، خاصة مع تداول معلومات سابقة عن وجود صواريخ إسرائيلية هناك.

وأوضح أن هذا التوجه يأتي في سياق المعاهداتوالاتفاقيات السابقة بين إثيوبيا والمؤسسة الإسرائيلية، مشيرا إلى أن الهدف منه هو محاصرة مصر من الجهة الجنوبية والتمدد في أفريقيا من خلال بوابة إثيوبيا.

وأشار جابر إلى أن هناك أيضا أهدافا تجاريةواقتصادية للإسرائيليين في إثيوبيا من ناحية تصدير التكنولوجيا الزراعية لهم وكذلك الاستثمار، معتبرا أن إثيوبيا بلد فيه خيرات كثيرة لكنها غير مستغلة مثلما هو الحال في دولة جنوب السودان التي يتغلغل فيها الإسرائيليون ويستثمرون في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والبنى التحتية واستخراج بعض المعادن الثمينة.

ورأى أن اصطحاب الوزير ساعر وفدا من الخبراء والتجار والمختصين في المجالات الصناعية والتجارية والزراعية يعني أنه سيتم توقيع اتفاقيات متبادلة بين الطرفين، مضيفا أن هذا الأمر يعود إلى رؤية الحكومة الإثيوبية وقناعاتها التي لا تنسجم مع الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني ولا حتى مع الدول العربية الأفريقية.

وانتقد جابر موقف إثيوبيا قائلا "كثيرا ما حصلت توترات في العلاقات بين إثيوبيا ودول الجوار مثل إريتريا وجيبوتي والسودانومصر كما هو معروف، فإذن هذه دولة، صحيح أنها تحتضن الاتحاد الأفريقي، لكنها تبدو متمردة على كل شيء وتنحاز للطرف الإسرائيلي".

 

إقامة قواعد قريبة من اليمن
  وأضاف أن هناك زيارات متبادلة بين الطرفين على مستوى الوزراء ووزراء الخارجية، مما يؤكد أن للزيارة أهدافا إستراتيجية تتعلق بإقامة قواعد قريبة من اليمن للحد من استهدافات اليمن للعنق الإسرائيلي، إلى جانب الأبعاد الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

وبشأن دوافع إثيوبيا لاختيار هذا المسار، قال جابر إن إثيوبيا تسير في ركب الولايات المتحدة الأميركية، فعلاقاتها بها قوية جدا، ويبدو أنها تستفيد من هذه العلاقات الجيدة، إضافة إلى تغلغل اللوبي الصهيوني الإسرائيلي هناك، وبالذات في البرلمان والحكومة الإثيوبية.

وأكد أن إثيوبيا دولة قارية ليس لها منفذعلى البحر، وهذا طبعا تسعى إلى تعويضه من خلال علاقاتها مع الطرف الإسرائيلي الذي وقف معها ضد مواقف مصر والسودان المعارضة لبناء سد النهضة، مشيرا إلى أن هذا الأمر -بالإضافةإلى الدعم الأميركي- هو الذي مكنها من إتمام سد النهضة الذي فعلا جاء على حساب مصلحة السودان ومصر.

ومنذ سنوات، تطالب الجارتان مصر والسودان بإبرام اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ بناؤه على النيل في 2011 -ولا سيما في أوقات الجفاف- لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه النهر.

أما إثيوبيا فتعتبر أن اتفاق إعلان المبادئ -الذي وقّعته مع مصر والسودان عام 2015- كافٍ، وتردد أن السد مهم لجهود التنمية، خاصة عبر توليد الكهرباء، ولن يضر بمصالح أي دولة أخرى.