تدخل أزمة "رسوم الميكنة" بين نقابة المحامين ومحاكم الاستئناف منحنى أكثر تصعيدًا، بعد أن أعلنت النقابة العامة للمحامين عزمها عقد اجتماع موسع، غداً الأربعاء، بحضور نقباء النقابات الفرعية، لبحث خطوات تصعيدية جديدة، على رأسها الدعوة إلى إضراب عام عن العمل قد يشل الحركة داخل المحاكم.

تأتي هذه التحركات في أعقاب إضراب جزئي نظمه المحامون الخميس الماضي، احتجاجًا على فرض محاكم الاستئناف رسومًا جديدة على خدمات قضائية أساسية تحت مسمى "مقابل خدمات الميكنة"، في خطوة اعتبرتها نقابة المحامين "غير دستورية وتمثل انتقاصًا من الحق في التقاضي".
 

رسوم جديدة تُفجّر الأزمة
   بدأت الأزمة في مارس الماضي، عندما أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار محمد نصر سيد، قرارًا استحدث فيه رسمًا جديدًا تحت مسمى "مراجعة الحوافظ"، بواقع 33 جنيهًا عن كل ورقة.

القرار شمل أيضًا زيادات غير مسبوقة في رسوم خدمات مثل استخراج الشهادات، التي وصلت إلى 60.5 جنيهًا، والحصول على صيغة تنفيذية من الأحكام التي بلغت 242 جنيهًا، وفق ما أكده عضو مجلس النقابة العامة ربيع الملواني.

رد الفعل الأولي من نقابة المحامين جاء حاسمًا؛ إذ أعلنت في 8 مارس رفضها التام لتلك الرسوم التي وصفتها بأنها تتعارض مع "المشروعية الدستورية"، وأشارت إلى أن هذه القرارات تم اتخاذها دون أي حوار مجتمعي أو تنسيق مع النقابة، رغم أن المحامي يعد شريكًا للسلطة القضائية بنص الدستور.
 

إضراب جزئي يقابل برد قضائي
   في خطوة تصعيدية أولى، نفذ المحامون الخميس الماضي إضرابًا جزئيًا عن العمل شمل الامتناع عن المثول أمام محاكم الاستئناف.
ورغم سلمية الإجراء، إلا أن بعض الدوائر القضائية ردت بشطب الدعاوى المدنية التي كان من المفترض نظرها ذلك اليوم، وهو ما اعتبرته النقابة "انتهاكًا للدستور" الذي يكفل الإضراب السلمي.

لم تتأخر النقابة في تقديم الدعم لمحاميها المتضررين، إذ أعلنت، الجمعة، تحملها للأعباء المالية الناجمة عن إعادة قيد الدعاوى المشطوبة، بما يشمل سداد الرسوم المتعلقة بذلك، في رسالة واضحة بأن التصعيد لن يتوقف رغم الضغوط القضائية.
 

نحو إضراب عام.. والنقابة تناشد الرئاسة
   مصدر مسؤول بالنقابة، هو عضو مجلس النقابة العامة ربيع الملواني، صرّح بأن المجلس سيدعو الجمعية العمومية إلى اجتماع طارئ لبحث سبل التصعيد، ومن بين الخيارات المطروحة: الإضراب العام على مستوى الجمهورية.
وأكد الملواني أن المحامين لن يقفوا أمام أي محكمة، ما لم يتم التراجع عن تلك الرسوم التي وصفها بـ"غير القانونية".

وأضاف الملواني: "نقابة المحامين لا تسعى إلى الصدام، لكنها تدافع عن حق دستوري أصيل في التقاضي، وعن كرامة أعضائها الذين يخوضون هذه المعركة نيابة عن المجتمع".
وحذّر من "مآلات خطيرة" حال استمرار تجاهل مطالب النقابة، مشيرًا إلى أن الجمعية العمومية التي ستُعقد قريبًا تمثل 500 ألف محامٍ متضررين من تلك الرسوم.

وفي خضم هذا التصعيد، جدّدت النقابة دعوتها إلى عبد الفتاح السيسي للتدخل من أجل نزع فتيل الأزمة، معتبرةً أن استمرار العمل بهذه الرسوم "يهدد توازن منظومة العدالة" ويمس حقوق المواطنين.
 

أزمة قانونية وأبعاد أعمق
   تثير أزمة "رسوم الميكنة" تساؤلات عميقة حول مشروعية فرض الرسوم القضائية خارج إطار القوانين المنظمة، ودون العودة إلى البرلمان أو إشراك المجتمع القانوني.
وترى النقابة أن فرض رسوم إضافية على خدمات قضائية أساسية يمثل "عبئًا جديدًا على المتقاضين"، كما يفتح الباب أمام تكرار مثل هذه القرارات في سياقات أخرى.

من جهته، قال الملواني إن النقابة شكلت لجنة لإدارة الأزمة، وأكد أن "الأمر الجلل الذي فُرض على المجتمع المصري لا يمكن السكوت عنه، لأنه يمس جوهر العدالة"، في إشارة إلى أن الأزمة تتجاوز البعد المهني لتصل إلى الحقوق الأساسية للمواطنين في الوصول إلى العدالة دون تكلفة مرهقة.