رغم إعلان باحثون أزهريون منهم الشيخ أحمد تركي نقلا عن جريدة صوت الأزهر أن برلمان السيسي وافق على مشروع قانون تنظيم الفتوى بعد التوافق على جميع طلبات الأزهر الشريف من أن "هيئة كبار العلماء هي الجهة المرجعية الوحيدة المخولة بمنح تراخيص الإفتاء وإلغائها، كما تختص بوضع برامج التدريب والتأهيل والإشراف عليها." و"الفتوى العامة تقتصر على هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء." و"لجان وزارة الأوقاف تشارك في الفتوى الخاصة، بعد اجتياز أعضائها الشروط والاختبارات التي تضعها هيئة كبار العلماء."، و"لجان الفتوى داخل وزارة الأوقاف يترأسها ممثل للأزهر الشريف.. وتُحدد أماكنها بالتسبق بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء"، و"الأزهر يتولى إعداد اللائحة التنفيذية للقانون خلال ستة أشهر.".
اعتبرت أ.د/ زينب أبو الفضل الأستاذة بجامعة الأزهر عبر حسابها على فيسبوك (في تعليق على مشروع قانون تنظيم استصدار الفتوى المطروح للمناقشة أمام مجلس النواب ) أنه " وفق هذا القانون المزمع الموافقة عليه - لمن لم يطلع عليه - لايحق لنا نحن أساتذة الفقه وأصوله ، أو العلماء المتخصصين في الفقه والفتوى أن نفتي إذا سئلنا ، مادمنا لسنا أعضاء بمجمع البحوث الإسلامية ، أو هيئة كبار العلماء ، أو دار الإفتاء المصرية ، أو في لجان الفتوى التابعة للأزهر الشريف تحديدا ". مضيفة "أما زملاؤهم في الأوقاف فلا ، مع أنهم - وياللعجب !!- خريجو الأزهر مثلهم تماما ، ويحصلون على مايسمونها الدورات التأهيلية للإفتاء نفسها ، ويدرس لهم فيها الأساتذة أنفسهم!!".
وأوضحت أن معنى ذلك ".. أن مصر لم تتخلص من روح الإقصاء والاستبداد الديني ، الذي طالما حاربه المصلحون كالكواكبي مثلا في كتابه طبائع الاستبداد منذ أكثر من قرن من الزمان ، وكأنه ماكان ولاكان كتابه .".
وشددت على أنه "بل وسوف نتعرض نحن أساتذة الفقه وأصوله للعقاب القانوني إن سئلنا فأفتينا ، أو حتى إذا أبدينا رأينا الديني في نازلة من النوازل مثلا.. بينما يحق لتلاميذنا ممن يعملون بدار الإفتاء المصرية أو بلجان الفتوى التابعة للأزهر ، ولاحقا : الأوقاف أن يفتوا بما يشاؤون ، ولو كانوا ممن يحملون الليسانس فقط ، فالمؤهل هو عملهم بهذه الأماكن وكفى .".
وتساءلت "أي منطق هذا ؟ .." مستطردة، ".. لقد درس على يدي ولايزال عدد كبير ممن يعملون بدار الإفتاء المصرية ، وبمجمع البحوث الإسلامية ، كما درس على يدي معيدون ومعيدات بكليات الشريعة والدراسات الإسلامية والعربية ،وبكليات أصول الدين وغيرها من كليات جامعة الأزهر ، وكذا أعضاء بلجان فتوى بالأزهر وبالأوقاف ، وأئمة وخطباء من شمال مصر إلى جنوبها ، وقد تم منح كثير منهم الماجستير والدكتوراه تحت إشرافي العلمي ، ولايزال منهم من ينتظر ".
الأستاذ ممنوع
وأوضحت أبو الفضل (Dr.Zainab Abo Elfadl) عبر فيسبوك أن "..هؤلاء جميعا وفق مشروع القانون يحق لهم الفتوى ، أما أستاذتهم فلا ، بل وتخضع للمساءلة والعقاب القانوني إن فعلت .. ومثلي في هذا أساتذة الشريعة بجامعة الأزهر نفسها - شيء مضحك حقا - وبكلية دار العلوم وكليات الحقوق على مستوى مصر بأسرها ، وبكلية الآداب جامعة أسيوط وكذا بجامعة جنوب الوادي ، هاتان الكليتان اللتان بهما عدد غير قليل من أساتذة الفقه وأصوله لوجود قسم خاص بالدراسات الإسلامية بهما ".
ولفتت إلى أنه "في لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية المنوط بها الفتوى ،"- وفق هذا القانون - عدد وافر من الأساتذة غير المتخصصين في الفقه وأصوله ، والشيء نفسه في هيئة كبار العلماء ، مع إجلالنا قطعا واحترامنا للجميع ، فالمتخصصون في الفقه وأصوله في هاتين الهيأتين ربما ثمانية فقط ، ووفق مشروع القانون سيكون هؤلاء هم الفيصل عند التضارب في الفتوى ، وأكثرهم غير متخصص كما ذكرت .
بل أقول : ليتكم تعاملتم بهذا المنطق الإقصائي ولكن دون ازدواجية في المعايير ، فهنا في مصر اعتلى منصب الإفتاء غير متخصصين لافي الفقه ولا في أصوله عدة مرات ، والآن تحاولون إقصاء الأساتذة المتخصصين من خارج جامعة الأزهر - وهؤلاء هم المعنيون أولا - ومن هم من داخلها ، تحت دعوى عدم التأهيل .".
والخلاصة أنها لتتجنب المساءلة القانونية ".. ماعلي إن استفتيت إلا أن أحيل السائل إلى تلميذ من تلاميذي ، الذين أعاني الأمرين لسنوات قد تمتد لعشر -بدءا من التمهيدي حتى الدكتوراه - حتى يكون الواحد منهم في نظري صالحا لأن يحمل لقبا علميا ، أو بالكاد يكون قد اقترب من أن يكون مؤهلا ... وقديما قالها المتنبي وصدق فيما قال : وماذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا .. وهكذا هي مصر لاتعرف كيف تتخلص من مشكلاتها ، وأراها تكاد تكون منحصرة في روح الاستبداد والإقصاء التي أصبحت حالة عامة ... كل في مكانه مستبد ، وياليته مستبد عادل !!!".
وأضاف "إسلام عبدالعزيز"، تعليقا "هذا جانب من المهزلة سماحةالعلامة الفقيهة، وهناك جوانب أخرى تؤكد ما قلتيه من أن مصر طبعت على الاستبداد في كل موقع.. للأسف الشديد.. لكن لا عليك أستاذتنا الموقرة.. أبشرك بأن مثل هذه المجتمعات تسير حركة الجماهير فيها دوما في اتجاه معاكس، وكأنه عقاب صامت لتلك الإجراءات غير العقلانية.. ففضيلتك وضرباؤك ستبقون في الضمير الجمعي لجماهير الأمة مرجعية أخيرة، وبوصلة يتم على أساسها تحديد الاتجاهات بعد أن فقدت تلك المؤسسات مكانتها بفعل "كيد النسا" الذي يمارس بداخلها..".
وأوضحت زينب أبو الفضل أن "الجماهير تسير في الاتجاه المعاكس.. ونتمنى أن يكتب الله لمسعانا القبول وماأريد به وجه الله يبقى وسيذهب الزبد جفاء.. وهي فعلا مكائد وأنفس متحكمة ولاشيء غير ذلك".
ولأسباب سياسة رأى محمد سليمان رفاعي أن القانون تم إصداره ".. معظم القوانين التي هي من هذا النوع لم تسن للعمل بها، ولن يتم العمل بها، لا في مصر ولا في خارجها، وربما لجأوا إليها لأغراض سياسية ليس إلا. وإن كان الغرض هو توحيد مصدر الفتوى في مصر وتحجيمه والسيطرة عليه فهذا لن يتم أيضا وهو غير ممكن عقلا وشرعا.. وما يتجاهلونه: هو أننا في عالم مفتوح ومصادر الفتوى لم تعد قاصرة على مؤسسة أو جامعة أو أستاذ أو شيخ، مما يجعلنا نعتقد أن صدور مثل هذا القانون هو محاولة لتمرير بعض الفتاوى التي لا تقبل النقاش.. ماشي ممكن في أشياء اقتصادية أو اجتماعية لكن في الدين. ما يصح".
وعلق الباحث إسماعيل الاسكندراني Ismail Alexandrani "القانون الكارثي الكهنوتي اللامنطقي اتوافق عليه بأغلبية ساحقة منذ قليل تحت قبة البرطمان".