أعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، خلال زيارته الرسمية إلى اليابان، أن "مصر تتصدر إفريقيا في سرعة الإنترنت الثابت"، مضيفًا أن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي لدفع جهود التنمية.

لكن في شوارع القاهرة والمحافظات، وفي المنازل والمقاهي والمكاتب، تدور قصة أخرى تمامًا: شكاوى لا تنقطع من بطء السرعة، انقطاع الخدمة، استهلاك الباقات قبل أوانها، وشركات لا ترد.

أرقام رسمية.. ولكن
بحسب مؤشر "Speedtest Global Index" الصادر عن شركة "Ookla" في مارس 2025، فإن مصر احتلت المركز الأول في إفريقيا من حيث سرعة الإنترنت الثابت بمتوسط 87.15 ميجابت في الثانية، والمركز 71 عالميًا، متفوقة على دول مثل سلطنة عمان والمكسيك وأوكرانيا.

لكن هذه الأرقام لا تُترجم بالضرورة إلى تحسن حقيقي في تجربة المستخدم. فخلال النصف الثاني من عام 2024، تراجعت مصر 8 مراكز دفعة واحدة في التصنيف العالمي، مما يعكس حالة من التذبذب وغياب الاستقرار في أداء الشبكات.

إنترنت الموبايل.. أزمة حقيقية
في حين تحتفي الحكومة بترتيب الإنترنت المنزلي، فإن الإنترنت عبر الهاتف المحمول – الذي يعتمد عليه غالبية المصريين – يعيش حالة من التراجع، حيث صنّف تقرير دولي مصر في المركز 107 عالميًا بمتوسط سرعة تحميل لم يتجاوز 24.39 ميجابت في الثانية.

هذا التراجع مرتبط مباشرة بضعف استثمارات البنية التحتية في المناطق الريفية والمهمشة، إضافة إلى تقادم الأجهزة وضعف تغطية الجيل الرابع في كثير من المناطق، بينما لم تبدأ تغطية الجيل الخامس فعليًا حتى الآن.

شكاوى بالجملة وسخط شعبي
عشرات آلاف الشكاوى تنتشر شهريًا على مواقع التواصل الاجتماعي من سوء جودة الخدمة، وانقطاع الإنترنت بشكل متكرر، واستهلاك الباقات بسرعة غير مفهومة.
المحامي والإعلامي خالد أبو بكر أثار القضية عبر منصاته، متهمًا الشركات بالاحتيال على المستخدمين وتقديم خدمات أقل بكثير من المعلن عنها.

التخطيط السيئ للشبكات
بحسب تصريحات خبراء في الاتصالات، فإن سببًا رئيسيًا لاستهلاك الباقات بسرعة هو التخطيط السيئ للشبكات، وضعف نظام التوزيع العادل للحزم (Fair Usage Policy).
وفي تصريح صحفي، قال أحد المتخصصين: "شبكات الإنترنت في مصر لا تُخطط وفقًا لاحتياجات المستخدمين الفعلية، وإنما وفقًا لاعتبارات تجارية بحتة".

احتكار وتقليص فرص المنافسة
تُتهم الشركة المصرية للاتصالات – المزود الرئيسي لخدمة الإنترنت الأرضي – بالسيطرة شبه الكاملة على البنية التحتية، ما يحد من قدرة الشركات الأخرى على تقديم خدمات بجودة وسرعة أعلى.
هذا الاحتكار أدى إلى غياب المنافسة، ما أضعف من تطور الخدمات وبقاء الأسعار عند معدلات مرتفعة مقارنة بدخل المواطن المصري.

الذكاء الاصطناعي؟ رفاهية بلا بنية
تصريحات الوزير عن اهتمام الدولة بالذكاء الاصطناعي تقابلها انتقادات حادة من خبراء يرون أن الحديث عن "التحول الرقمي" و"الثورة التكنولوجية" لا طائل منه دون تأسيس قاعدة رقمية قوية تبدأ من إنترنت مستقر، سريع، وعادل في التوزيع.