أعلنت النيابة العامة فرض حظر نشر شامل في قضية المنتجة والمذيعة سارة خليفة، المتهمة بتشكيل عصابي دولي لتصنيع وتهريب المواد المخدرة داخل مصر، في فضيحة ضخمة تورطت فيها شخصيات مرتبطة بالأجهزة السيادية والحرس الشخصي لعبد الفتاح السيسي.
الحجب للتغطية لا للعدالة
بررت النيابة العامة قرارها بأن تداول المعلومات قد يؤثر على الشهود وعلى سير التحقيقات، مشيرة إلى أن التحقيقات كشفت عن تشكيل عصابي مكوّن من 7 أفراد، ضبط منهم 4 حتى الآن، بحوزتهم كميات ضخمة من الحشيش الصناعي (البودر)، بالإضافة إلى مبالغ مالية ضخمة بالعملة المحلية والأجنبية، وعدد من السيارات الفارهة والهواتف المحمولة التي كانت تستخدم في العمليات الإجرامية.
لكن خلف هذا التبرير الرسمي، يرى مراقبون أن قرار الحظر يهدف أساسًا إلى حماية الأجهزة المتورطة، وليس سير العدالة. فقد كشفت التحقيقات وشهادات متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن سارة خليفة كانت تعمل تحت حماية شخصيات نافذة في المخابرات العامة والحرس الجمهوري.
إفلات من العقاب
مقطع فيديو متداول كشف أن أحد المتهمين أشار مباشرة إلى أن "سارة كانت محمية من عناصر بالحرس الشخصي للسيسي".
كما نشر الصحفي سامي كمال الدين، عبر منصة "إكس" أن "شخصية سيادية" وقفت خلف سارة خليفة، وكانت شريكة لها في تجارة الحشيش الصناعي، بثروة تقترب من نصف مليار جنيه.
https://www.youtube.com/watch?v=rd3VDVLcuDg
وأشار الناشط حسن راضي، إلى أن حماية النظام للفاسدين ليست جديدة، مستشهدًا بفضيحة سابقة للمذيعة داليا فؤاد التي ضبطت بـ180 لترًا من مخدر الاغتصاب بقيمة 140 مليون جنيه، لكنها لم تتلقَ سوى حكم بسنة سجن واحدة.
https://x.com/hassanradi20/status/1914735079219220617
من التزوير إلى المخدرات
سارة خليفة، التي اشتهرت كمذيعة ومنتجة فنية، وارتبط اسمها سابقًا بخطبتها للاعب الأهلي محمود كهربا، لم تكن جديدة على قضايا الفساد.
فقد أدينت عام 2023 في قضية تزوير أوراق رسمية بالتعاون مع مغني المهرجانات عصام صاصا، لتهرب ضريبي عبر إنشاء شركات وهمية.
هذه الخلفية الجنائية، مع ظهور نشاطها في تصنيع وتوزيع المخدرات داخل أحياء راقية بالقاهرة، تكشف نمطًا متكررًا في مصر: استغلال الواجهة الفنية والإعلامية لستر أنشطة إجرامية برعاية أجهزة متنفذة.
حجم الصدمة
وصف مصدر قضائي التحقيقات بأنها "صادمة"، ليس فقط لحجم الأموال والمخدرات المضبوطة، بل لأن العقل المدبر للعصابة كان شخصية معروفة ومشهورة.
ضبطت الشرطة نحو 200 كجم من المواد الخام لصناعة البودر، بالإضافة إلى ذهب ومشغولات ثمينة ومبالغ نقدية ضخمة، وأربع سيارات فارهة يشتبه أن ثمنها من عوائد الاتجار.
تبرؤ رسمي.. أم تهرب؟
في محاولة لإبعاد الشبهة عن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أكبر أذرع الدولة الإعلامية التابع للمخابرات، أعلن نقيب الإعلاميين طارق سعدة أن سارة خليفة "منتحلة صفة إعلامي"، وليست مقيدة بجداول النقابة.
لكن هذه التصريحات لم تقنع الرأي العام، الذي رأى فيها محاولة للتنصل من علاقة النظام بالفاسدين الذين صعدوا بتمويل سيادي.
حجب الحقيقة.. سياسة نظام
ليست هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام حظر النشر لحماية فضائح تتعلق بشخصيات قريبة من السلطة.
من قضايا الفساد المالي والجنسي إلى قضايا تهريب المخدرات والدعارة، تتكرر نماذج تغييب المعلومات كاستراتيجية ممنهجة لبسط السيطرة على الرأي العام ومنع أي محاسبة حقيقية.
فقد سبق أن حُظر النشر في قضايا تتعلق بفضائح داخل الأجهزة الأمنية، وانتهت جميعها بطي الملفات دون عقاب حقيقي، بينما يُقدَّم لصغار المتهمين كأكباش فداء لتهدئة الغضب الشعبي.
غضب على التواصل الاجتماعي
هاشتاجات مثل #خلية_دعارة_برعاية_المخابرات_وحرس_الرئاسة تصدرت منصات التواصل، حيث كشف ناشطون أسماء لضباط وأفراد مرتبطين بالعصابة، مؤكدين أن فضيحة سارة خليفة ليست حالة فردية بل "عرض لحالة فساد ممنهجة في قلب النظام".