تواصل أجهزة الأمن الفرنسية جهودها للقبض على الجاني الفرنسي الذي قتل المواطن المسلم أبو بكر داخل مسجد، صباح الجمعة الماضية، إذ طعنه بنحو 50 طعنة وصور نفسه قبل أن يفر بعد أن لاحظ وجود كاميرات مراقبة بالمسجد سهلت تحديد هويته.

 

وذكرت صحيفة لو فيجارو الفرنسية أن المحققين عثروا على مقطع فيديو صوره الجاني بنفسه أثناء ارتكابه الجريمة، وهو يشتم المواطن المسلم، ويسيء إلى الذات الإلهية بعبارات نابية.

 

وأوردت صحيفة لوباريزيان، أن الضحية يتحدر من دولة مالي، وعمره 24 عامًا، وعرف عنه أنه يتطوع كل أسبوع لتنظيف المسجد وتجهيزه قبل وصول المصلين لأداء صلاة الجمعة.

ونقلت لوباريزيان عن الادعاء العام، أن كاميرا المراقبة أظهرت الضحية وهو يتحدث إلى القاتل بشكل عادي، ثم توجها معا إلى قاعة الصلاة، حيث بدأ الضحية أبو بكر في أداء الصلاة، وبدا الجاني وكأنه يقلده، قبل أن يخرج سكينه ويشرع في طعنه.

 

ووقعت الجريمة صباح الجمعة داخل المسجد، ويتراوح عمر الضحية بين 23 و24 عامًا، ولم يعثر على جثته إلا مع بدء وصول المصلين لأداء صلاة الجمعة.

 

وأثارت الجريمة المروعة سخطًا كبيرًا في فرنسا، وذكرت لوموند اليوم، أن الإدانات الرسمية والشعبية للجريمة تتواصل، بينما نظمت وقفات منددة بما جرى، ودعت شخصيات وهيئات سياسية فرنسية مختلفة إلى تنظيم مظاهرة حاشدة عشية اليوم الأحد وسط العاصمة باريس احتجاجا على الجريمة وعلى الخطاب التحريضي ضد الإسلام والمسلمين.

 

مظاهرة باريس

وأضافت لوموند أن رئيس حزب لافرانس أنسوميز (فرنسا الأبية) جان لوك ميلانشون وعددًا من أعضاء قيادة حزبه أكدوا المشاركة في مظاهرة باريس، وكذلك فعلت زعيمة حزب الخضر مارين توندولييه.

وأضافت لوموند أن رئيس حزب لافرانس أنسوميز (فرنسا الأبية) جان لوك ميلانشون وعددًا من أعضاء قيادة حزبه أكدوا المشاركة في مظاهرة باريس، وكذلك فعلت زعيمة حزب الخضر مارين توندولييه.

 

إدانات رسمية

وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد أدان -في تغريدة على منصة إكس- الجريمة، وقال إن العنصرية والكراهية بسبب الدين لا يمكن أن يكون لها وجود في فرنسا، وإن حرية التعبد مضمونة وغير قابلة للانتهاك. وعبر عن تضامنه مع أسرة الضحية والمواطنين المسلمين.

 

وندد رئيس الحكومة فرانسوا بايرو يوم السبت بـ"العار المُعادي للإسلام"، وأضاف: "نحن نقف مع عائلة الضحية، ومع المؤمنين الذين صدمتهم هذه الحادثة"، موضحًا أن الدولة تحشد كل مواردها لضمان القبض على القاتل ومعاقبته.

 

في الوقت نفسه، توجه وزير الداخلية برونو روتايو اليوم الأحد إلى منطقة غار (جنوب فرنسا) التي شهدت ارتكاب الجريمة، بحسب ما أكدته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.

وأوضحت الصحيفة أن تفاصيل تحركات روتايو في منطقة ارتكاب الجريمة لم توضح، لكن رجحت مصادر أن يلتقي بممثلين عن هيئات دينية مختلفة باعتباره مسؤولا عن الشؤون الدينية، وأكدت أنه لا يود إرباك مسار التطورات الحالية.

 

بحث مستمر

وبحسب الإعلام الفرنسي، فالبحث عن الجاني جار على قدم وساق، وقد أجريت عمليات بحث يوم السبت في منطقة غارد وفي مقاطعة هيرولت المجاورة، وفقًا لمصدر قريب من القضية.

 

وأكدت لوفيجارو أن القاتل ولد في ليون عام 2004، واسمه "أوليفييه هـ."، وهو فرنسي الجنسية، وغير مسلم، ويتحدر من عائلة بوسنية، بعضها يقيم في منطقة غارد، وليس لديه سجل جنائي، وعاطل عن العمل، ولم يكن معروفًا لدى الأجهزة الأمنية.

 

وذكرت صحيفة لوباريزيان الفرنسية، أن المدعي العام لمنطقة أليس عبد الكريم غريني أكد أنه من الواضح أن الجاني لم يكن يعرف الضحية، وقال إن السلطات تبحث في ما إذا كانت هذه الجريمة تحمل دلالات عنصرية أم معادية للإسلام؟.

 

ونقلت لوفيجارو عن المدعي العام في نيم الفرنسية "إن المشتبه به خطِر للغاية" ومن الضروري القبض عليه قبل أن يتسبب في سقوط المزيد من الضحايا.

 

الأزهر يدين ويحذر

وأدان الأزهر الشريف، أمس الأحد، قتل مصل مسلم في هجوم إرهابي على مسجد جنوبي فرنسا، محذرًا من تصاعد أنشطة جماعات "الإرهاب الأبيض" في أوروبا والولايات المتحدة.

 

وقال الأزهر، في بيان نشره على حسابه بمنصة "إكس"، إنه "يدين الحادث الإرهابي، الذي استهدف مصليًا مسلمًا داخل مسجد ببلدية لا غراند- كومب، بعد أن وجَّه له أحد الإرهابيين المناهضين للإسلام، عشرات الطعنات بالسكين، حتى فاضت روحه".

 

وحذر البيان، من تصاعد "أنشطة جماعات الإرهاب الأبيض في أوروبا والولايات المتحدة".

 

ونبّه إلى أن "هذه الجماعات تتخفى وراء شعارات وهمية خبيثة كالعرق الأبيض والقومية البيضاء، لتبرير ممارسة جرائمها البشعة ضد المسلمين".

 

وشدد على ضرورة اعتماد استراتيجية أمنية عالمية للتعامل مع هذا التوجه الإرهابي، ووقف تهديداته وجرائمه التي تعرِّض أرواح المسلمين للخطر والموت والهلاك.

 

كما تقدم الأزهر بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة الضحية، داعيًا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يرزق أسرته وأصدقاءه الصبر والسلوان.