أعلنت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحافيين التزامها بإجراء انتخابات التجديد النصفي في 2 مايو المقبل، بعد سلسلة من التأجيلات التي رافقتها انتقادات واتهامات ضمنية بمحاولات الإقصاء أو التأثير على المسار الديمقراطي للنقابة.

يأتي ذلك بينما تعاني المهنة من أزمة حرية غير مسبوقة، واحتجاز 44 صحافيًا وصحافية في قضايا تتعلق بالنشر والتعبير، ما ألقى بظلال ثقيلة على الأجواء الانتخابية.

 

انتخابات مؤجلة... ونقابة تحت الضغط

رغم أن قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970 ينص على عقد الجمعية العمومية في أول جمعة من مارس كل عامين، فإن الانتخابات تأجلت هذا العام أربع مرات متتالية بسبب تزامن المواعيد المقترحة مع شهر رمضان وعيد الفطر و"عيد القيامة" المسيحي، ليُستقرّ على إجراء التصويت في 2 مايو المقبل، وفق توافق بين المرشحين.

وفي تصريح لـ"جمال عبد الرحيم"، سكرتير عام النقابة ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، أكد أن الدعوة الأخيرة لانعقاد الجمعية العمومية في 18 إبريل جاءت فقط للامتثال للنصوص القانونية، ولغلق أي أبواب للطعن، في حين أن اللجنة ستجتمع الأسبوع المقبل مع المرشحين للاتفاق على الترتيبات النهائية لليوم الانتخابي، ومنها طلب توسيع المكان المخصص للاقتراع لمواجهة الزحام المتوقع، خصوصًا أن هذه هي المرة الأولى التي تُجرى فيها الانتخابات في شهر مايو.

مجلس النقابة سبق وأن وجه الدعوة لـ10.226 صحافيًا وصحافية من المقيدين بجدول المشتغلين لحضور الجمعية العمومية، حيث يشمل جدول الأعمال التصديق على تقارير النقابة والموازنة، إلى جانب انتخاب النقيب وستة من أعضاء المجلس.

 

معركة النقيب: وجوه قديمة وصراعات جديدة

شهدت قائمة المرشحين لهذا الموسم تنافسًا محتدمًا، إذ بلغ عدد المرشحين 53، منهم 10 على مقعد النقيب، يتصدرهم النقيب الحالي خالد البلشي، المعروف بمواقفه المدافعة عن الحريات، إلى جانب النقيب الأسبق عبد المحسن سلامة، ومرشحين آخرين بينهم محسن هاشم، عبد الجواد أبو كب، محمد المغربي، ونورا راشد.

أما على مستوى عضوية المجلس، فتنافس 43 مرشحًا، من بينهم وجوه بارزة في المشهد النقابي مثل أيمن عبد المجيد، حسين الزناتي، إبراهيم أبو كيلة، ودعاء النجار.

 

الحرية الغائبة: 44 صحافيًا رهن الاحتجاز

بعيدًا عن التنافس على المقاعد، يواجه الصحافيون أزمة حريات تتفاقم يومًا بعد يوم. فقد وثق المرصد العربي لحرية الإعلام 30 انتهاكًا في شهر مارس فقط، بينها 11 انتهاكًا تتعلق بالحبس والتجديد، و8 انتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى قرارات إدارية تعسفية وتضييق على النشر.

ورغم نداء إنساني وجهه النقيب خالد البلشي للإفراج عن الصحافيين المحبوسين بمناسبة العيد، لم تحظ هذه المطالب بأي استجابة من الجهات المختصة، وهو ما اعتبرته أوساط حقوقية دليلاً على عمق الأزمة السياسية التي تُكبّل المهنة، وبلغ عدد الصحافيين المحبوسين حتى الآن 44، وسط ظروف إنسانية صعبة، وتجاهل مستمر لمطالب الإفراج.

 

قمع تنظيمي وتضييق إداري

لم تقف الانتهاكات عند حد الحبس، بل طاولت طبيعة العمل الإعلامي نفسه، فقد رصد المرصد العربي لحرية الإعلام 12 قرارًا أصدرها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الإعلاميين ضد قنوات وبرامج وصحافيين، اعتُبرت بمثابة "عقوبات تأديبية غامضة" تحت عبارات فضفاضة، دون توضيح للأكواد المهنية أو القوانين المنظمة للعمل الإعلامي.

المرصد وصف هذه الممارسات بأنها "إدانة للمجلس ذاته"، مطالبًا بإصلاح جذري لمنظومة الإعلام الرسمية، ووقف ممارسات التقييد التي تحوّل المؤسسات التنظيمية إلى أدوات قمع.

 

التضامن مع فلسطين: الصحافة لا تنسى رسالتها

رغم هذه الضغوط، ما تزال نقابة الصحافيين من بين الأصوات القليلة التي ترفع شعار التضامن مع القضايا العادلة، وعلى رأسها فلسطين. وقد دأب الصحافيون على تنظيم وقفات احتجاجية على سلالم النقابة تنديداً بالعدوان على غزة، وتأكيدًا على دعمهم لصمود الصحافيين الفلسطينيين الذين يواجهون حرب إبادة وتجويع ممنهجة.