يدخل إضراب عمال شركة النصر للغزل والنسيج والتريكو (الشوربجي) أسبوعه الثاني وسط تصعيد من إدارة الشركة التي أحالت 30 عاملًا إلى التحقيق، متهمة إياهم بـ"التحريض على الإضراب وتعطيل الإنتاج"، في وقتٍ يخيّم فيه صمت رسمي تام من وزارة قطاع الأعمال العام والنقابة العامة للغزل والنسيج، دون تدخل لاحتواء الأزمة المتصاعدة.

ويقول العمال إن تحركهم جاء كرد فعل على "ممارسات إدارية جائرة" وتدهور أوضاعهم المعيشية، بعد إلغاء يوم السبت من الراحة الأسبوعية، ومطالبتهم بمساواة رواتبهم بأجور عمال مجمع حلوان التابع له الشوربجي إداريًا، لكن الإدارة ردت بالإيقاف والتحقيق، في خطوة اعتبرها العمال "محاولة لترهيبهم وكسر الإضراب".
 

تحقيقات وعقوبات بلا غطاء قانوني
   
وبدأت إدارة الشركة، يوم الإثنين الماضي، استجواب 18 عاملًا من أصل 30 تقرر التحقيق معهم، وتمت التحقيقات في مقر القطاع القانوني للشركة بحلوان، في أجواء وصفتها مصادر عمالية بأنها "مشحونة ومتوترة"، في ظل رفض تام من العمال للاتهامات الموجهة إليهم، مؤكدين أن الإضراب حق مشروع، وأن تحركهم كان نتيجة انسداد كل قنوات الحوار.

مصادر من داخل الشركة أكدت أن قرار الإيقاف الجماعي للعمال صدر دون تقديم أسباب قانونية واضحة، ما عزز مخاوف العاملين من نية مسبقة للتنكيل بالمضربين و"قطع الطريق أمام أي تحركات عمالية مستقبلية"، كما وصفها أحدهم.
 

صمت رسمي ونقابي يثير الغضب
   وبينما يتعرض العمال لعقوبات متصاعدة، لم تصدر وزارة قطاع الأعمال العام أي تعليق على الأزمة، رغم مرور أكثر من أسبوع على اندلاعها، كما التزمت النقابة العامة للغزل والنسيج الصمت التام، في موقف اعتبره العمال "تواطؤًا ضمنيًا"، خاصة مع استمرار تعليق عمل لجنتهم النقابية منذ سنوات.

وأشار عدد من العاملين إلى أن تجاهل الجهات الرسمية لمطالبهم، وصمتها على قرارات الإيقاف، يعكس انحيازًا للإدارة، ويغلق باب الحوار تمامًا. وسبق أن خاض عمال الشوربجي تحركات مماثلة خلال السنوات الماضية، أبرزها في أغسطس 2023 حين نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بإعادة تفعيل اللجنة النقابية، ورفع الحظر عن حسابها البنكي المجمد من قبل النقابة العامة.
 

صراع نقابي منذ الدمج الإداري
   وتعود جذور الأزمة إلى قرار دمج شركة الشوربجي إداريًا مع مجمع مصر حلوان التابع للشركة القابضة للغزل والنسيج في عام 2023، وهو القرار الذي أدى إلى تفكيك اللجنة النقابية بالشوربجي، ووقف صرف حصتها من اشتراكات العمال، وسحب مقر اللجنة والوحدة العلاجية، ومنع أعضائها من دخول مقر العمل.

هذه الإجراءات اعتبرها العمال "استهدافًا ممنهجًا للتمثيل النقابي المستقل"، ومحاولة لعزلهم عن أي أدوات تنظيمية تمكنهم من الدفاع عن حقوقهم.
 

إنتاج متراجع وشركة فقدت هويتها
   تأسست شركة الشوربجي عام 1947 في إمبابة بمحافظة الجيزة، وارتبط اسمها لعقود بإنتاج ملابس البيت الداخلية والخارجية للرجال والنساء.
وامتلكت الشركة سابقًا 10 معارض في القاهرة والجيزة والإسكندرية، أُغلق بعضها لاحقًا مع تدهور الأوضاع التشغيلية.
واليوم، لا تنتج الشركة سوى طلبيات لحساب الغير، تقتصر على غزول وخيوط، وسط حالة من التراجع شبه الكامل لدورها الإنتاجي.
 

إضراب مستمر وسط التهديدات
   ورغم كل محاولات الضغط، يؤكد العمال تمسكهم باستمرار الإضراب حتى تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها وقف الممارسات التعسفية، والمساواة في الرواتب مع زملائهم في مجمع حلوان، وإعادة تفعيل اللجنة النقابية كخط دفاع أول عن حقوقهم.

فيما قال أحد العمال، مضيفًا: لا نخاف التهديدات. هذه معركة نضال من أجل كرامتنا، لسنا دعاة فوضى، نحن نطالب بحقوقنا التي تجاهلها الجميع، حتى الجهات التي يُفترض أن تحمينا.