صادق مجلس نواب السيسي على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات السعودية، ليتيح مزيدًا من تدفق رؤوس الأموال وتوسيع نطاق الاستثمارات في مختلف القطاعات.
ووفقًا لما نشره اتحاد الغرف التجارية السعودية على منصة "إكس"، تأتي هذه الاتفاقية ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز التعاون الاقتصادي المشترك بين البلدين.
وقد وقع الجانبان على الاتفاقية في أكتوبر الماضي، بالتزامن مع الإعلان عن تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، وهو كيان يهدف إلى متابعة تنفيذ المشروعات المشتركة وتطوير العلاقات الاستثمارية.
وتهدف الاتفاقية إلى توفير الضمانات القانونية للمستثمرين، الأمر الذي من شأنه تعزيز ثقتهم في بيئة الأعمال في البلدين. كما تسعى القاهرة من خلالها إلى جذب مزيد من الاستثمارات السعودية، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها.
الاستثمارات السعودية في مصر.. دعم أم سيطرة؟
شهدت السنوات الأخيرة تدفقات كبيرة من الاستثمارات السعودية إلى مصر، خاصة بعد تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في 2013، بعد انقلابه على الرئيس الشرعي محمد مرسي، ولم تقتصر هذه التدفقات على الاستثمارات المباشرة فحسب، بل شملت أيضًا دعمًا ماليًا كبيرًا على شكل ودائع ضخمة بالبنك المركزي المصري.
ففي مارس 2022، ومع تزايد الضغوط على الجنيه المصري إثر خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة، ضخت المملكة خمسة مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ليرتفع إجمالي الودائع السعودية إلى 10.3 مليار دولار.
إلى جانب ذلك، استثمرت الشركات السعودية أكثر من 35 مليار دولار في مصر حتى أكتوبر 2024، وسط توقعات بارتفاع هذا الرقم بفضل الاتفاقية الجديدة، والتي تضمن للمستثمرين السعوديين بيئة قانونية أكثر استقرارًا.
تعزيز الشراكة الثنائية ومشاريع استراتيجية
استضافت مدينة العلمين المصرية الصيف الماضي اجتماعات موسعة لمناقشة سبل دفع الاستثمارات السعودية قدمًا.
وأكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال الاجتماعات أن هناك توجيهات من القيادة السعودية لتعزيز الشراكة مع مصر، مشددًا على أن الاستثمارات السعودية تُدار وفق نهج استراتيجي يحقق المصالح المشتركة.
ومن أبرز المشاريع المشتركة بين البلدين مشروع الربط الكهربائي، الذي تبلغ قدرته 3000 ميغاواط ومن المتوقع تشغيل مرحلته الأولى قبل منتصف عام 2025.
ويهدف هذا المشروع إلى تبادل الطاقة الكهربائية بين البلدين وتحقيق استقرار في إمدادات الكهرباء.
حضور مصري متزايد في السوق السعودية
على الجانب الآخر، لم يقتصر تدفق الاستثمارات على السعوديين فقط، بل شهدت السوق السعودية نموًا كبيرًا في الاستثمارات المصرية، خاصة في قطاع العقارات والتشييد.
حيث جذبت المملكة العديد من الشركات المصرية الكبرى، مثل مجموعة طلعت مصطفى، وحسن علام القابضة، وسامكريت، وكونكريت بلس.
نتيجة لذلك، ارتفع عدد الشركات المصرية العاملة في السوق السعودية من 500 شركة قبل عدة سنوات إلى أكثر من 4000 شركة، مع زيادة في حجم الاستثمارات المصرية من 5 مليارات ريال سعودي إلى 50 مليار ريال.
اتفاقية لتعزيز الاستثمارات أم حماية للمصالح السعودية؟
رغم الفوائد الاقتصادية التي قد تحققها الاتفاقية، يرى البعض أنها تضمن للسعودية حماية فائقة لاستثماراتها في مصر، خاصة في ظل المخاوف من التقلبات السياسية والاقتصادية.
فمع التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، أصبحت الرياض أحد الداعمين الرئيسيين لانقلاب السيسي.
وفي ظل استمرار الضغوط الاقتصادية، يُطرح تساؤل حول ما إذا كانت هذه الاتفاقية مجرد خطوة لتعزيز الاستثمارات المتبادلة، أم أنها تكرّس النفوذ السعودي في الاقتصاد المصري، لحماية رؤوس أموالها من أي تغييرات مستقبلية قد تشهدها مصر.