قدمت مصر أخيرًا خطتها لإعادة إعمار غزة، وهي أكثر تفصيلًا وواقعية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تضمنت السيطرة الأمريكية على القطاع وتهجير سكانه.
ورغم دعم حماس للخطة المصرية، فإن نجاحها يتطلب تعديلات جوهرية.
 

رفض إسرائيلي وموقف أمريكي متذبذب
   في البداية، رفضت إسرائيل الخطة، بحجة أنها لا تعالج "الحقائق على الأرض"، كما أبدت الولايات المتحدة شكوكًا.
ومع ذلك، خفف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من حدة التحفظات الأمريكية، واصفًا الخطة بأنها "خطوة أولى بنية حسنة من المصريين".

لكن يبدو أن الرفض الإسرائيلي يهدف إلى تعطيل الخطة مبكرًا، مما يسهل تهجير الفلسطينيين من غزة.
ولتجاوز هذا الجمود، تحتاج القاهرة إلى معالجة ثغرات رئيسية في بنود الأمن والإدارة لجعل الخطة أكثر قبولًا للبيت الأبيض وإسرائيل وحماس والدول العربية.
 

التحديات الأمنية والعقبات السياسية
   تتضمن الخطة المصرية، التي تبنتها القمة العربية في 4 مارس، مشروعًا لإعادة الإعمار والتأهيل الاجتماعي على مدى خمس سنوات، بتكلفة 53 مليار دولار.
في الأشهر الستة الأولى، ستتولى لجنة من الخبراء إزالة الأنقاض والذخائر غير المتفجرة، بإشراف السلطة الفلسطينية، يليها إعادة الإعمار على مدى أربع سنوات ونصف.

لكن القضية الأكثر تعقيدًا هي الأمن. فبينما تقترح الخطة نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في غزة والضفة الغربية خلال فترة انتقالية، فإنها لا تحدد مصير حماس، بل تشير إلى أن ذلك يجب أن يكون جزءًا من عملية سلام.

من المرجح أن ترفض إسرائيل هذه الفكرة، إذ إنها لا تثق في بعثات حفظ السلام الأممية على حدودها، وتصر على نهج أمني بحت في التعامل مع حماس.
كما أن واشنطن قد تعرقل أي محاولة لنشر قوات حفظ سلام عبر مجلس الأمن.
 

حماس.. قوة لا يمكن تجاوزها
   النهج الإسرائيلي تجاه حماس يبدو غير واقعي، فبعد 17 شهرًا من القتال، فشلت إسرائيل في القضاء على الحركة أو نزع سلاحها.
لا تزال حماس القوة السياسية المهيمنة في غزة، ومن غير المرجح أن تتخلى عن موقفها "المقاوم" أو تسلم أسلحتها دون عملية سلام موثوقة تضمن تقرير المصير الفلسطيني ودورًا لها في المستقبل السياسي.
 

الموقف الخليجي والانقسامات العربية
   رغم رفض بعض دول الخليج لأجندة حماس الإسلامية وعلاقاتها مع إيران، فإنها غير راضية أيضًا عن الجمود السياسي والفساد داخل السلطة الفلسطينية.
في الوقت نفسه، تشعر هذه الدول بالإحباط من محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعطيل عملية السلام للحفاظ على منصبه.

كان غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد عن قمة القاهرة مؤشرًا على تردد الدول الخليجية في تمويل إعادة إعمار غزة دون وجود خارطة طريق واضحة للأمن والسلام والإصلاح السياسي.
 

التعديلات المقترحة لإنجاح الخطة
   لكي تحظى الخطة المصرية بدعم دولي، لا بد من مشاركة أمريكية فعالة. وبدلًا من الاعتماد على الأمم المتحدة، ينبغي أن ترتكز الخطة على دور أمريكي رائد في حفظ السلام، سواء عبر نشر قوات أمريكية، أو تقديم دعم دبلوماسي ولوجستي.

يجب أن تتزامن أي عمليات حفظ سلام مع إجراءات لبناء الثقة، وضمانات دولية بعدم انتهاك إسرائيل للاتفاقيات. كما ينبغي التنسيق بين واشنطن والدول العربية لتمهيد الطريق لمفاوضات سلام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إلى جانب التوصل إلى هدنة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل بعد وقف إطلاق النار.

الخطة المصرية تعد نقطة انطلاق جيدة، لكنها ليست حلًا دائمًا. تحتاج القاهرة إلى معالجة القضايا الأمنية والإدارية بشكل أكثر وضوحًا، مع تحقيق توازن بين مصالح جميع الأطراف، لضمان نجاحها وتحقيق استقرار دائم في غزة.

https://www.chathamhouse.org/2025/03/egypts-plan-gaza-may-have-thwarted-trumps-riviera-now-its-loopholes-need-be-fixed