أثار برلمان السيسي، جدلاً واسعاً بعد المصادقة على تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، حيث انقسمت الآراء بين ترحيب بتقليص مدة الحبس الاحتياطي، واعتراضات واسعة على منح السلطات صلاحيات أوسع في المراقبة والتنصت.
وبينما ترى الحكومة أن القانون يمثل خطوة نحو إصلاح منظومة العدالة، يعتبره المعارضون خطوة تقنن الانتهاكات وتقلص الضمانات القانونية للمواطنين.
 

تقليص الحبس الاحتياطي ومكاسب غير مكتملة
   من بين أبرز التعديلات التي لاقت قبولاً مشروطاً، تقليص مدد الحبس الاحتياطي ووضع قيود على قرارات المنع من السفر، لتكون بيد النائب العام أو قاضي التحقيق المختص، مع ضرورة أن تكون الأوامر مبررة ولمدة محددة.
كما أقر القانون تعويضات للمحبوسين احتياطياً ممن حصلوا على البراءة، إلا أن هذه المكاسب جاءت وفق شروط صارمة أثارت استياء المعارضة.

فقد ألزمت التعديلات الجديدة المحبوس احتياطياً بإثبات عدم تورطه بأي شكل في القضية التي حصل على البراءة منها حتى يتمكن من الحصول على تعويض، وهو ما وصفه المعارضون بأنه شرط تعجيزي يصعب تحقيقه.
كما رفض البرلمان مقترحات بإلغاء هذا القيد أو توسيع حالات التعويض لتشمل كل من لم يُدان قضائياً.
 

صدام الأغلبية والمعارضة حول صلاحيات المراقبة
   إلى جانب الجدل حول الحبس الاحتياطي، كانت هناك معارضة شديدة لبعض المواد التي تمنح السلطات القضائية والتنفيذية صلاحيات أوسع في المراقبة والتنصت.
فقد نصت المادتان 79 و80 من القانون على منح قضاة التحقيق سلطات واسعة لاعتراض ومراقبة الاتصالات وضبط الخطابات والرسائل، مما أثار قلق المنظمات الحقوقية التي اعتبرت هذه المواد تهديداً للحقوق والحريات.

كما منحت المادة 116 النيابة العامة صلاحيات جديدة لاعتراض الاتصالات عبر الإنترنت دون الحاجة إلى رقابة قضائية مباشرة، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية سابقة قانونية قد تؤدي إلى استغلال هذه الصلاحيات في تقييد حرية التعبير وملاحقة المعارضين.
 

رفض مقترحات بديلة وغياب الحوار المجتمعي
   رغم المطالبات العديدة بإجراء حوار مجتمعي واسع قبل إقرار القانون، لم يتم إشراك أطياف المعارضة والمجتمع المدني بالشكل الكافي، حيث رفض البرلمان مقترحات بديلة، مثل اعتماد السوار الإلكتروني كبديل للحبس الاحتياطي، ومنح المواطنين الحق في إقامة دعاوى قضائية ضد الموظفين العموميين.

كما رفضت الأغلبية البرلمانية مطالب المعارضة بوضع قيود على إجراءات المحاكمة عن بعد، والتي يرون أنها تضر بحقوق المتهم في الدفاع عن نفسه بشكل كافٍ.
وقد بررت الحكومة هذا التوجه بأنه جزء من تحديث النظام القضائي في ظل التطورات التكنولوجية.
 

مواقف الحقوقيين
   اعتبرت 12 منظمة حقوقية أن التعديلات الجديدة تمنح الشرعية لممارسات المراقبة غير القانونية، خاصة فيما يتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين السياسيين.
كما عبرت المعارضة عن استيائها من عدم الأخذ بتوصياتها حول تعديل مواد الحبس الاحتياطي وضمانات المحاكمة العادلة.