وسط الدمار الذي خلفته الحرب الصهيونية على قطاع غزة، وبين أنقاض المنازل المدمرة، اجتمع أهالي مدينة خانيونس جنوب القطاع في أول ليلة من شهر رمضان لتناول أول سحور جماعي، في مشهد يجسد التحدي والصمود رغم المآسي.
رمضان بين الأنقاض.. فرحة ممزوجة بالألم
في أجواء ملؤها التناقض بين الفرح بقدوم الشهر الفضيل والحزن على الخراب الذي طال كل زاوية من المدينة، زين الفلسطينيون شوارع خانيونس بزينة رمضان التقليدية، وأضاؤوا ما تبقى من الشوارع لإضفاء لمسة من الأمل وسط الظلام الذي فرضته آلة الحرب.
ورغم فقدان آلاف الأسر لمنازلها وأحبائها، فإن إصرار سكان المدينة على الاحتفاء بالشهر المبارك بدا واضحًا، في رسالة مفادها أن الحياة تستمر رغم الألم.
سليمان الفرا، أحد المتطوعين في المبادرات الإغاثية بالمدينة، عبّر عن أهمية هذه الفعالية بقوله: "رغم الدمار والحرب، أصررنا على إدخال الفرحة إلى قلوب أهلنا، وأقمنا سحورًا جماعيًا بين الركام، لنثبت أن غزة لا تموت، وأن رمضان سيبقى فرصة لتكافلنا ولملمة جراحنا".
سحور وسط الدمار.. رسالة تحدٍ وصمود
بجوار المنازل المهدمة، وعلى مائدة طويلة امتدت بين الأنقاض، جلس عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال فقدوا عائلاتهم ومنازلهم، لتناول وجبة السحور الأولى.
مشهد يعكس روح التضامن والتكافل الاجتماعي الذي يميز الشعب الفلسطيني، خاصة في الأوقات العصيبة.
أبو سفيان، أحد كبار السن المشاركين في الحدث، أعرب عن مشاعره المختلطة قائلًا: "رغم الدماء والدمار، أبينا إلا أن نرسم البسمة على وجوه الأطفال، وكما كنا نصنع ذلك قبل الحرب، سنستمر في ذلك بعدها".
إعادة الحياة إلى شوارع غزة رغم الدمار
يحل رمضان هذا العام وسط دمار هائل خلفته الحرب الصهيونية، حيث دُمرت 88% من البنية التحتية في قطاع غزة، بما فيها المنازل والمؤسسات الحيوية والخدمية، وفق تقارير رسمية.
لكن مع ذلك، تبذل البلديات جهودًا كبيرة لتنظيف وتزيين الشوارع، كمحاولة لإعادة بعضٍ من الحياة المفقودة إلى المدينة المنكوبة.
وقف إطلاق النار.. هدنة هشة بعد كارثة إنسانية
بعد شهور من الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، بدأ تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار في 19 يناير 2025، بوساطة مصرية وقطرية ودعم أميركي.
الاتفاق الذي يتضمن تبادل أسرى بين حركة حماس والاحتلال الصهيوني على ثلاث مراحل، منح الفلسطينيين فرصة لالتقاط الأنفاس بعد كارثة إنسانية خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى 14 ألف مفقود.
رمضان في غزة.. إرادة حياة أقوى من الحرب
رغم كل الجراح، فإن سكان غزة يثبتون مرة أخرى أن إرادة الحياة أقوى من الحرب.
تجمعهم حول مائدة السحور بين الركام، تزيينهم الشوارع بالأضواء، وإصرارهم على إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال، كلها مشاهد تؤكد أن غزة لا تنكسر، وأن رمضان يظل شهر الأمل والصمود حتى في أصعب الظروف.
الفيديو:
https://www.facebook.com/watch/?ref=embed_video&v=1287513062354245