أصدر زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، عبد الله أوجلان، يوم الخميس أمرًا بحل الحزب ونزع سلاحه، في خطوة لقيت ترحيبًا واسعًا من قبل القادة السياسيين الأتراك ووسائل الإعلام.

يقبع أوجلان في سجن جزيرة إمرالي منذ عام 1999، وقد دعا سابقًا إلى وقف إطلاق النار، لكن هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيها صراحة حل الحزب.
ووفقًا لمصادر مطلعة على المفاوضات بين الحكومة التركية وأوجلان والحزب، فإن هذه العملية استغرقت أكثر من عام.
 

كيف تم اتخاذ القرار؟
   تم الكشف عن المبادرة لأول مرة في أكتوبر الماضي على لسان دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية (MHP) وحليف الحكومة التركية.
ورغم استمرار العمليات العسكرية التركية ضد الحزب، سمحت أنقرة بتصوير أوجلان ونشر بيانه عبر القنوات التلفزيونية الرئيسية، كما تم السماح لسياسيين أكراد بتلاوته علنًا.
 

العوامل التي أدت إلى هذه الخطوة
   يعتقد العديد من المحللين أن هذا القرار جاء نتيجة النجاحات العسكرية التركية، التي أدت إلى عزل الحزب في جبال قنديل شمالي العراق منذ 2016، مما حرمه من السيطرة على الأراضي وخطوط الإمداد.
وقد استخدمت تركيا تقنيات متطورة مثل الطائرات المسيرة والحرب الإلكترونية لتقويض قوة الحزب.

المنطقة الوحيدة التي لا يزال للحزب وجود فيها بشكل جزئي هي سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة على مساحات واسعة.
 

الخطوات المقبلة
   دعا أوجلان قيادة الحزب إلى عقد مؤتمر عاجل لاتخاذ الخطوات اللازمة للحل النهائي.
ووفقًا للصحفية هاندي فيرات، التي لها صلات بالحكومة، فقد تم الاتفاق بالفعل على هذه الخطوات، والتي تشمل:

  • عقد مؤتمر خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر لإقرار الحل النهائي

  • بدء عملية جمع الأسلحة بالتعاون مع الدول المجاورة

  • مغادرة المقاتلين الأجانب للبلدان المضيفة

  • دمج الأفراد الراغبين في العمل السياسي ضمن النظم السياسية لبلدانهم

  • نقل قادة الحزب إلى دول ثالثة، مثل السليمانية في العراق، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الحليف التقليدي لحزب العمال الكردستاني.

ماذا عن سوريا؟
   تعد سوريا من أبرز القضايا الغامضة في هذا السياق. رحب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بقرار أوجلان لكنه أكد أنه لا ينطبق على قواته، مشيرًا إلى أنه تلقى رسالة شخصية من أوجلان.

ويرى الصحفي يلديراي أوغور أن هذا الموقف متوقع، لأن قوات سوريا الديمقراطية تنكر رسميًا أي صلة بحزب العمال الكردستاني، لكن الواقع يشير إلى ارتباط وثيق بينهما.
كما أن بيان أوجلان يتعارض مع مطالب الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، حيث أكد أن النزعات القومية الزائدة لا تعكس طبيعة المجتمعات التاريخية، في إشارة إلى تراجعه عن مطالب الحكم الذاتي الكردي.

وتشير فيرات إلى أن تركيا قد تصعد عملياتها العسكرية في سوريا إذا لم توافق قوات سوريا الديمقراطية على الاندماج ضمن الحكومة السورية، التي تتحسن علاقتها مع أنقرة.
 

ماذا يعني القرار للسياسة الداخلية؟
   
إذا تم حل الحزب رسميًا، فقد تتخذ الحكومة التركية إصلاحات ديمقراطية، بما في ذلك تخفيف الضغوط القانونية على السياسيين الأكراد.
ويعتقد البعض أن صلاح الدين دميرطاش، الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والمعتقل حاليًا، قد يتم الإفراج عنه بموجب أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما أن الحكومة قد تستفيد سياسيًا من القرار، حيث يمكن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يصوره على أنه انتصار تاريخي، مما يمنحه دفعة قوية على الساحة السياسية.
 

تحديات التنفيذ
   
رغم الدعم الواسع، لا يزال هناك بعض الأصوات المعارضة داخل حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي، الذين يعتبرون هذا القرار تنازلًا كبيرًا.
لكن من الصعب تجاهله، نظرًا للمكانة شبه المقدسة التي يتمتع بها أوجلان داخل الحزب.
 

هل اقتربت تركيا من السلام مع الأكراد؟
   
لا تزال هناك تحديات، لكن تركيا تشجع تحويل قوات سوريا الديموقراطية إلى كيان سياسي من خلال جناحها السياسي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، والانضمام إلى العملية الدستورية السورية.

في النهاية، قد يؤدي هذا القرار إلى تغييرات جذرية في المشهد الكردي والتركي، ولكن نجاحه سيعتمد على كيفية تنفيذ الخطوات المقبلة وردود الفعل الإقليمية والدولية.

https://www.middleeasteye.net/news/whats-next-after-ocalans-order-disband-pkk