لطالما حظيت إسرائيل بدعم غير مشروط من قطاعات واسعة في السياسة الأمريكية، لكن التحولات الأخيرة، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية منذ 7 أكتوبر 2023، أظهرت تراجعًا كبيرًا في التأييد الشعبي. وأظهر استطلاع حديث أجرته Economist/YouGov أن نسبة الأمريكيين المتعاطفين مع الفلسطينيين ارتفعت إلى 21%، وهي الأعلى منذ سبع سنوات، بينما تراجعت نسبة المؤيدين لإسرائيل إلى 31%.
الانقسام الحاد يظهر بشكل أكبر بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري؛ إذ لا يزال الجمهوريون متمسكين بدعم إسرائيل، بينما أعرب 35% من الديمقراطيين عن تعاطفهم مع الفلسطينيين، مقابل 9% فقط مع إسرائيل. هذا التحول انعكس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث امتنع العديد من الناخبين، خاصة في ولاية ميشيجان، عن دعم كامالا هاريس بسبب تأييدها لإسرائيل. في المقابل، وجد بعض الناخبين العرب والمسلمين أن ترامب قد يكون خيارًا أفضل، نظرًا لوعوده بإنهاء الحرب على غزة.
اليهود الأمريكيون وإعادة النظر في الموقف من إسرائيل
لطالما كان يُنظر إلى اليهود الأمريكيين على أنهم أحد أكبر الداعمين لإسرائيل، لكن هذا الدعم بدأ بالتآكل؛ حيث أظهر استطلاع أجراه مركز القدس للشؤون العامة أن ثلث اليهود الأمريكيين يرون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. كما أيد 62% منهم تعليق إرسال بعض الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل حتى توافق حكومة نتنياهو على وقف إطلاق النار.
هذا التحول في المواقف جاء نتيجة تطرف السياسات الإسرائيلية، إذ باتت تل أبيب تحظى بدعم رئيسي من المسيحيين الإنجيليين والجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا، بما في ذلك أحزاب ذات جذور نازية. هذا التحالف يقوم على عداء مشترك للمسلمين والمهاجرين والتعددية الديمقراطية.
انقسام في الخطاب اليهودي حول إسرائيل
لطالما انقسم المجتمع اليهودي حول إسرائيل، بين من يؤمن بضرورة دعمها المطلق، ومن يرى أن القيم الديمقراطية اليهودية تتناقض مع فكرة دولة دين واحد. اليوم، أصبح من المستحيل إنكار أن إسرائيل تتجه نحو اليمين المتطرف، حيث تدعم صراحة خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، وتسعى لترسيخ احتلالها للضفة الغربية إلى أجل غير مسمى.
في الولايات المتحدة، لا تزال الجماعات الصهيونية المتشددة، مثل أيباك، تحتكر تمثيل الصوت اليهودي، إلا أن هناك أصواتًا متزايدة داخل المجتمع اليهودي ترفض السياسات الإسرائيلية العنصرية والتوسعية.
إسرائيل تفقد جاذبيتها
مع انتقال إسرائيل نحو مستقبل أقرب إلى الحكم الثيوقراطي، يجد العديد من اليهود الأمريكيين أن الصورة التي روجت لها إسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية في الشرق الأوسط أصبحت غير قابلة للتصديق. في ظل هذه الظروف، لم يعد يُنظر إلى إسرائيل على أنها ملاذ آمن لليهود، بل أصبحت أحد أخطر الأماكن على اليهود أنفسهم، كما يرى بعض النقاد.
في النهاية، لم تكن الصهيونية سوى مشروع استعماري منذ البداية، والآن بدأ اليهود الأمريكيون يدركون أن إسرائيل تسير في طريق محفوف بالمخاطر قد ينفجر في أي لحظة.
https://www.middleeasteye.net/opinion/why-american-jews-are-turning-away-israel