أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استياءً واسعًا في العالم العربي بعد تصريحاته التي تنص على عدم منح الفلسطينيين حق العودة إلى غزة ضمن خطته لإعادة تطوير القطاع المدمر جراء الهجوم الإسرائيلي.
تصريحات ترامب المثيرة للجدل
منذ بداية الحرب على غزة، أكدت الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، رفضها تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، حيث يسعون لإقامة دولتهم المستقبلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومع ذلك، اقترح ترامب في 25 يناير أن تستقبل مصر والأردن الفلسطينيين النازحين، وهو ما رفضته الدولتان بشدة.
وفي 4 فبراير، وبعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، أعلن ترامب اقتراحًا مثيرًا للجدل يقضي بإعادة توطين سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، وإسناد السيطرة على القطاع إلى الولايات المتحدة، مع تحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط". وفي 10 فبراير، أكد أن الفلسطينيين لن يتمكنوا من العودة إلى غزة، مما يتناقض مع تصريحات سابقة لمسؤوليه بأن النزوح سيكون مؤقتًا فقط.
مخاوف فلسطينية وعربية
يشكل هذا المقترح تهديدًا خطيرًا للفلسطينيين، حيث يذكرهم بنكبة 1948 التي شهدت تهجير 700 ألف فلسطيني قسرًا من أراضيهم بعد قيام إسرائيل. يعيش اليوم حوالي 5.6 مليون لاجئ فلسطيني، معظمهم في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وغزة، فيما لا يزال نصفهم دون جنسية ويعيشون في مخيمات مزدحمة.
في الأردن، يثير اقتراح ترامب مخاوف قديمة من موجة تهجير جديدة، تذكر بمجزرة "أيلول الأسود" عام 1970، عندما شنت القوات الأردنية حملة عسكرية ضد الفصائل الفلسطينية، مما أدى إلى مقتل 3 آلاف فلسطيني وفرار 20 ألف آخرين.
أثر الحرب الإسرائيلية على غزة
منذ 7 أكتوبر 2023، تعرض قطاع غزة لقصف غير مسبوق، ما أدى إلى دمار واسع النطاق. ووفقًا للتقديرات، فقد قُتل أكثر من 48 ألف فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي. وأثناء الحرب، أجبرت إسرائيل سكان شمال غزة على النزوح إلى الجنوب، ثم دفعتهم مجددًا نحو رفح على الحدود مع مصر. ووفقًا للأمم المتحدة، تم تهجير 85% من سكان غزة بالفعل.
هل يمكن أن يحدث تهجير جماعي؟
يرفض الفلسطينيون مغادرة غزة خشية تكرار سيناريو 1948، فيما ترفض مصر استقبالهم لأسباب حقوقية وأمنية، إذ تخشى وجود عناصر من حماس بين النازحين، خاصة بعد الإجراءات المشددة التي اتخذتها القاهرة ضد الإسلاميين منذ 2013.
ونفى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق إسرائيل كاتس وجود خطط إسرائيلية لطرد الفلسطينيين من غزة، مشيرًا إلى التنسيق مع مصر. ومع ذلك، فإن تصريحات بعض السياسيين الإسرائيليين أثارت القلق، حيث دعا بتسلئيل سموتريتش إلى "تشجيع هجرة" الفلسطينيين وفرض الحكم العسكري على القطاع.
يثير اقتراح ترامب مخاوف جدية من تهجير قسري للفلسطينيين، وسط رفض عربي واضح. وبينما تواصل غزة تحمل أعباء الحرب والدمار، تبقى مستقبلها السياسي والسكاني في مهب الريح.