تشهد الساحة الحقوقية في مصر تصعيدًا جديدًا في حملة القمع ضد المعارضة السلمية، وذلك وفقًا لما أكدته منظمة العفو الدولية في بيان لها قبل يوم واحد من انعقاد الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان في مصر أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
 

تصعيد واستهداف مستمر
   أشارت المنظمة إلى تكثيف السلطات استهدافها للعديد من الناشطين والمعارضين خلال شهر يناير الجاري، حيث تصاعدت عمليات الاحتجاز التعسفي والتحقيقات الجنائية ذات الدوافع السياسية.

من بين أبرز القضايا التي استشهدت بها المنظمة التحقيق مع حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي تم الإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 20 ألف جنيه بعد اتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة، والمشاركة في جماعة إرهابية وتمويلها"، كما تم تقديم الناشر والسياسي هشام قاسم للمحاكمة بتهمتي "القذف والإزعاج المتعمد".

وأوضح بهجت لمنظمة العفو الدولية أن النيابة استجوبته لمدة أربع ساعات حول عمل المبادرة وتمويلها، بالإضافة إلى بيان نشرته المنظمة حول تدهور أوضاع الاحتجاز في سجن العاشر من رمضان، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد القائمين عليه.
 

حملة اعتقالات تستهدف الصحفيين والناشطين
   في سياق متصل، ألقت السلطات القبض على ندى مغيث، زوجة رسام الكاريكاتير أشرف عمر، المحتجز منذ يوليو الماضي، وذلك بسبب مقابلة أجرتها مع الصحفي أحمد سراج، الذي اعتقل في اليوم السابق على خلفية المقابلة نفسها.
وتم الإفراج عن مغيث لاحقًا بكفالة 5 آلاف جنيه، فيما لا يزال سراج قيد الاحتجاز في سجن العاشر من رمضان بعد اتهامه بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وتمويل الإرهاب".

كما طالت الاعتقالات المؤثر على منصة تيك توك محمد علام، المعروف باسم "ريڤالدو"، بعد نشره مقاطع فيديو تضمنت انتقادات للرئيس عبد الفتاح السيسي.
 

توقيت حساس ورسائل صارخة
   قال محمود شلبي، الباحث في الشأن المصري بمنظمة العفو الدولية، إن "من المفارقات الصارخة أن الحكومة شنت هذه الحملة قبيل مثولها أمام مجلس حقوق الإنسان، وهو ما يعكس رسالة واضحة بأنها لا تعتزم التسامح مع أي شكل من أشكال المعارضة أو تحسين سجلها الحقوقي".

وأضاف أن هذه الحملة تأتي بالتزامن مع الذكرى السنوية لثورة 25 يناير، وهي فترة تشهد سنويًا استهدافًا متواصلًا للمعارضين في محاولة لمنع أي احتجاجات أو فعاليات إحياء للذكرى.
 

التقارير الحقوقية أمام الأمم المتحدة
   في سياق الاستعراض الدوري الشامل، قدمت الحكومة والمنظمات الحقوقية تقاريرهما إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
التقريران يستندان إلى التوصيات السابقة التي قبلتها الحكومة من الدول الأعضاء بالمجلس خلال الاستعراض السابق في عام 2019، مع مقارنة بين التوصيات والواقع الحالي.

ويظل الوضع الحقوقي في مصر محل انتقاد دولي مستمر، حيث تؤكد المنظمات الحقوقية أن الحكومة لم تُحرز تقدمًا يُذكر في تنفيذ التوصيات السابقة، بل على العكس، استمرت في تصعيد حملاتها ضد المعارضين والناشطين، مما يجعل ملفها الحقوقي موضع اهتمام واسع في الأوساط الدولية.