في خضم الحرب المستعرة في السودان، تكشّف فصل جديد يعكس تعقيدات الصراع، حيث تشير تقارير إلى تورط شركة أمنية مقرها الإمارات في إرسال مقاتلين مرتزقة كولومبيين لدعم قوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

المعلومات التي كشفتها مصادر متعددة، إلى جانب تحقيقات صحفية كولومبية وتقارير منظمات دولية، تشير إلى وجود شبكة واسعة تدير عمليات نقل المرتزقة والأسلحة من أمريكا الجنوبية إلى السودان عبر ليبيا، ما يسلط الضوء على دور شركات الأمن الخاصة في تأجيج الصراعات الإقليمية.
 

القبض على مرتزقة أجانب في دارفور
   في نوفمبر الماضي، أعلنت "القوة المشتركة للحركات المسلحة في دارفور"، المتحالفة مع الجيش السوداني، إلقاء القبض على مجموعة من المرتزقة الأجانب قرب الحدود السودانية-الليبية.
وظهر في مقاطع فيديو منتشرة على مواقع التواصل متعلقات أحد المحتجزين، تؤكد هويته كجندي كولومبي سابق يدعى كريستيان لومبانا مونكايو.
التحقيقات كشفت أنه دخل الإمارات عبر مطار آل مكتوم الدولي في أكتوبر 2024 قبل أن يُنقل إلى ليبيا ومن ثم السودان.
 

تفاصيل العملية العسكرية وضبط الأسلحة
   وفقًا لمصادر عسكرية سودانية، تمكنت القوات المشتركة من رصد قافلة تضم 50 عربة محملة بأسلحة ثقيلة وخفيفة ومقاتلين أجانب.
العملية أسفرت عن القبض على 34 مقاتلًا كولومبيًا، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ذات المنشأ الإماراتي والروسي، من بينها صواريخ "كورنيت" المضادة للدروع.
اللافت أن الأسلحة المضبوطة تضمنت صناديق تحمل علامات دول مثل صربيا وبلغاريا، وسط دلائل تشير إلى محاولات لتمويه مصادرها.
 

شركة أمنية إماراتية على رأس الاتهامات
   تشير الوثائق والتحقيقات إلى أن شركة Global Security Services Group، ومقرها الإمارات، لعبت دورًا محوريًا في نقل المرتزقة الكولومبيين.
الشركة أسسها ضابط كولومبي سابق يدعى ألفارو كويجانو بالتعاون مع شركاء إماراتيين، بعد أن عمل لسنوات ضمن الجيش الإماراتي.

وفقًا لتحقيقات صحفية كولومبية، بدأت القصة عندما عرضت شركة كولومبية تُدعى A4SI عقودًا للجنود الكولومبيين المتقاعدين للعمل في حماية منشآت نفطية بالإمارات براتب يبلغ 2600 دولار شهريًا.
إلا أن الجنود فوجئوا بعد وصولهم للإمارات بأنهم وقعوا عقودًا تلزمهم بالقتال خارج البلاد.
 

علاقات مشبوهة مع عصابات المخدرات
   يتضح أن خلفية كويجانو تُثير الريبة، حيث سبق واتُّهم بعلاقات مع عصابة المخدرات الكولومبية الشهيرة "نورتي ديل فالي".
وتشير تقارير إلى أنه استغل هذه الروابط لتجنيد الجنود السابقين في الجيش الكولومبي.
 

طريق المرتزقة من الإمارات إلى السودان
   الجنود الكولومبيون نُقلوا جوًا إلى بنغازي بليبيا، حيث استقروا في منشآت عسكرية قرب المطار.
بعدها تولت قوات "الدعم السريع" نقلهم برًا عبر رحلة استمرت ثمانية أيام إلى السودان.
إلا أن هذه القافلة تعرضت لكمين من القوات السودانية المشتركة عند الحدود، مما أدى إلى مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين بين صفوف المرتزقة.
 

تسليح مشبوه وشبهات غطاء إنساني
   تحليل الصور والفيديوهات التي نُشرت للأسلحة المضبوطة كشف عن صناديق تحمل شعارات مثل "الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات"، ما أثار تساؤلات حول استخدام المساعدات الإنسانية كغطاء لنقل الأسلحة.
يُذكر أن تحقيقًا سابقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" وجه اتهامات للإمارات باستخدام هذا الأسلوب لدعم قوات الدعم السريع.