في سياق تصاعد توترات الاحتلال مع لبنان والمواجهة المستمرة مع قطاع غزة، يبرز إعلام الاحتلال كأداة فاعلة في دعم العمليات العسكرية للاحتلال، فيما يواجه الصحفيون الفلسطينيون حملة قمع ممنهجة تتهمهم بأنهم ينتمون إلى حركات مقاومة بدلاً من مزاولة عملهم المهني.
أثار مؤخراً مقطع فيديو جدلاً كبيراً يظهر فيه صحفي صهيوني من القناة 12 يشارك في تدمير مبنى في جنوب لبنان، مما يثير التساؤلات حول الدور المتزايد للإعلام الصهيوني في العمليات العسكرية وتبريرها، مقابل التضييق المستمر على الصحفيين الفلسطينيين العاملين في غزة.
 

تفاصيل الحادثة: الصحفي الصهيوني ودوره في تفجير المبنى
   في الفيديو الذي لاقى انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر الصحفي الصهيوني برفقة جنود جيش الاحتلال، ويستلم من أحدهم جهاز تفجير خاص بغرض تدمير مبنى في منطقة الجنوب اللبناني.
وفي المشهد، يشرح الجندي للصحفي المهمة الأخيرة المطلوبة، مشيراً إلى أن المبنى المستهدف "يشرف على بلدتي دوفيف وميرون" وأنه يُستخدم كنقطة انطلاق لهجمات على الاحتلال، حسب زعمه.
يتجاوب الصحفي مع التعليمات ويقوم بعملية التفجير، ليظهر المبنى وهو ينهار والدخان يتصاعد منه.

بعد تفجير المبنى، صرح الصحفي أن المبنى المستهدف كان يشكل "تهديداً تم تحييده ضد كيان الاحتلال". وقد جاء هذا التصريح ليعزز رواية الاحتلال التي تبرر عملياتها العسكرية في جنوب لبنان على أنها تصب في إطار "الحماية الدفاعية".
إلا أن المشهد أثار استياءً واسعاً نظراً لانخراط صحفيي الاحتلال بأنفسهم في العمليات العسكرية، مما يخرجهم عن حيادية الصحافة ويتعارض مع دورهم كناقلين للأحداث لا كمشاركين فيها.
 

تبريرات إعلام الاحتلال: مزاعم وجود تهديدات أمنية
   من خلال متابعة إعلام الاحتلال، يتضح أنه يساهم بشكل مباشر في تبرير هذه العمليات العسكرية تحت شعار "تحييد التهديدات الأمنية".
وبحسب تصريحات المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، يتم استهداف المباني التي يزعم بأنها "تستخدم كمخازن أسلحة أو نقاط مراقبة تهدد أمن الاحتلال".
وتستند قوات الاحتلال في تبريرها إلى مزاعم بأنها تواجه "تهديدات دائمة" من الحدود اللبنانية وغزة، مما يدفعها إلى تنفيذ عمليات عسكرية كتلك التي وثقها الفيديو.

غير أن هذا النهج الإعلامي يثير تساؤلات حيال شفافية ومهنية وسائل إعلام الاحتلال  التي تتورط، بشكل أو بآخر، في دعم النشاط العسكري للاحتلال.
فبدلاً من نقل الصورة بموضوعية، يبدو إعلام الاحتلال كجزء من منظومة الدفاع الصهيونية، يعمل على شرعنة هذه الهجمات وتبريرها للرأي العام المحلي والدولي.
 

الصحفيون الفلسطينيون بين الاستهداف والتحريض
   في الوقت الذي يظهر فيه صحفيون صهاينة يشاركون في عمليات عسكرية، تتعرض المؤسسات الإعلامية الفلسطينية في غزة للتضييق المتزايد من قبل سلطات الاحتلال؛ إذ يواجه الصحفيون الفلسطينيون اتهامات بالانتماء إلى حركات المقاومة، مما يعرضهم للاستهداف والاعتقالات.
فقد ادعى جيش الاحتلال مؤخراً أنه عثر على وثائق لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة تؤكد انتماء 6 من صحفيي قناة الجزيرة لهاتين الحركتين.
هذه الاتهامات أثارت قلقاً واسعاً، حيث تعتبر جزءاً من استراتيجية صهيونية لتحريض المجتمع الدولي ضد الصحفيين الفلسطينيين واعتبارهم "جزءاً من النسيج العسكري للمقاومة".

وكانت شبكة الجزيرة قد أدانت هذه المزاعم، مؤكدة أن جميع صحفييها ملتزمون بالمعايير المهنية ويتعرضون لمخاطر كبيرة أثناء توثيقهم للأحداث في غزة، حيث ينقلون صورة ما يجري من انتهاكات إنسانية بحق المدنيين في ظل الحصار والهجمات المستمرة.
كما فند المكتب الإعلامي الحكومي في غزة هذه المزاعم، موضحاً أن الصحفيين يمارسون دورهم الطبيعي كناقلين للمعلومات وليسوا أعضاء في أي تنظيمات سياسية أو عسكرية.
 

ازدواجية المعايير: الإعلام كأداة للتضليل والتشويه
   تكشف هذه الحادثة عن ازدواجية واضحة في المعايير التي يعتمدها الاحتلال تجاه الصحافة الفلسطينية.
فبينما يسمح صحفيوا الاحتلال لأنفسهم بالتورط في العمليات العسكرية والظهور كجزء من الجيش، يتم استهداف الصحفيين الفلسطينيين حتى لمجرد نقلهم للأحداث.
ويتضح من هذه الازدواجية أن الاحتلال الصهيوني يستخدم الإعلام كأداة لتبرير عملياته العسكرية وإخفاء الانتهاكات، وفي المقابل يحاول تشويه صورة الإعلام الفلسطيني أمام العالم واعتباره جزءاً من تهديدها الأمني المزعوم.
 

تبعات الدور العسكري لإعلام الاحتلال على حرية الصحافة
   تعد مشاركة الصحفيين الصهاينة في العمليات العسكرية تطوراً خطيراً ينقل الإعلام من دوره التقليدي كسلطة رابعة إلى مشارك فعلي في الأنشطة العسكرية.
هذا التغيير في الدور يعكس ما يبدو كتحالف بين إعلام وجيش الاحتلال، مما يقوض حرية الصحافة ويضع إعلامي الاحتلال خارج إطار الحياد المهني.

الفيديو:
https://www.facebook.com/watch/?v=1585542815503745