03/07/2011

 أد / محمد بديع :

نحمد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شيء من بعد، ونُصلي ونُسلِّم على خير خلق الله؛ سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء..) (النساء: من الآية 1).

فالمرأة المسلمة نصف الأمة، بل النصف الأهم الذي يُؤثِّر في الحياة أبلغ تأثير، وعليها يتوقف مصير الأمة، ونجاحها في تحقيق مستهدفاتها، والتغلب على تحدياتها؛ لذا نجد الإسلام عُني بالمرأة عنايته بالرجل؛ فرفع قيمتها، وأعلى قدرها، وأشركها مع الرجل في التكليفات (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل: من الآية 97)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال"؛ فهي شقيقة الرجل في الأصل والمصير، وشريكته في عمارة الكون، ولا فرق بينهما في الإيمان والاعتقاد، والثواب والعقاب، والشيطان عدو لهما بنفس القوة والضراوة، ولا بد أن يكونا جميعًا قوةً واحدةً في وجه عدو واحد (يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) (طه: من الآية 117)، ومن هنا كان ميزان التكريم الإلهي هو التقوى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات: من الآية 13)، وفي قوله سبحانه وتعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) (آل عمران: من الآية 195).

فالمسئولية الإيمانية للمرأة كالرجل سواءً بسواء، فهي مسئولة عن تصديقها وإيمانها بالله والرسول، وإن خالفها أقرب الأقربين في ذلك، ولحكمة شاءها الحكيم الخبير ضرب الله المثل للذين كفروا بامرأتين؛ هما زوجتان لنبيَّيْن من أنبياء الله، ضرب الله بهما المثل في الغدر والخيانة وسوء الأخلاق؛ فكانتا أسوأ نموذج للزوجة (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)) (التحريم).

وفي نفس السورة ولكن في آيتين منفصلتين تكريمٌ لأُخريين؛ امرأة فرعون مدَّعي الألوهية، لم يضرَّها كفره، وكانت أعلى مثل يضربه الله للمؤمنين والمؤمنات، ومريم ابنة عمران، أعلى مثل يضربه الله للمؤمنين والمؤمنات؛ فهي البتول الطاهرة، صاحبة الرزق اليومي في المحراب.. (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)) (التحريم).

وقد كثر في النصوص القرآنية الخطاب الموجَّه إلى الناس جميعًا، المرأة والرجل، والمؤمنين والمؤمنات، على سواء: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)﴾ (الأحزاب)، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ (الأحزاب: من الآية  36)، ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..﴾ (النور).

وهذا كله يؤكد أن الجنسينِ قادران على انتهاج طريق الإسلام؛ للوصول إلى الكمال المعنوي والمادي؛ لتحقيق الحياة الطيبة.. (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (97)) (النحل)، وقد نال الرجل والمرأة درجة الصديقية وما زال التنافس مفتوحًا لهما على قدم المساواة لينالها كل منهما إلى يوم القيامة.

فالمرأة كالرجل.. كيان مستقل حرٌّ، وهذا واضحٌ وجليٌّ في مواضع عديدة من القرآن الكريم:

(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)) (المدثر)، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) (فصلت: من الآية 46)، كما أن المرأة والرجل متساويان أمام قوانين الجزاء أيضًا: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ... ) (النور: من الآية 2)، وأباح الإسلام للمرأة كل ألوان الممارسات المالية، وجعلها مالكةً عائدها وأموالها، يقول تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) (النساء: من الآية 32).

كما أن المفهوم الحقيقي للقوامة هو ما قدَّمه سيدنا آدم وسيدنا موسى من قديم؛ حيث تحمَّل آدم مسئولية هذه العلاقة الزوجية (فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) (طه: من الآية 117) أي سيقع العبء ببذل الجهد ورعاية الأسرة وحمايتها عليكِ أنت، واستمر نفس التكليف بما ظهر في حرص سيدنا موسى عليه السلام عندما رأى نارًا (فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى) (طه: من الآية 10)؛ أي أدفع عنكم الضرر بالبقاء بعيدًا عن النار، وآتيكم منها بالمنفعة حتى أوصلها لكم، فدفع المضرة وجلب المنفعة هو المسئولية الحقيقية والقوامة الإيجابية.

وهكذا استمرت العلاقة الزوجية بالودِّ والتراحم وبكلمة واحدة في القرآن (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) (البقرة: من الآية 237)؛ لأن ما بين الزوجين هو الفضل وهو أعلى من العدل، وتوزيع المسئوليات بالتكامل كما في صدر سورة الليل (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (3)) (الليل)، تكامل الليل والنهار و توزيع الأدوار  وتوظيف طاقات كل فرد؛ فكلٌّ ميسَّر لما خُلق له.

وهنا لفتة علمية حول الضلع الأعوج الذي هو أنسب شكل للقيام بالمهمة، فلولا اعوجاج الضلع لما استطاع أن يحتضن القلب ويحيط بالرئتين، وسهَّل لهما القيام بمهامهما الخطيرة، فليس الاعوجاج هنا عيبًا أو نقصًا، بل هو تمام المناسبة للمهمة، وهي أخطر مهمة تتحمَّلها المرأة؛ فهي شقيقة الرجل، وزوجة الرجل، وابنة الرجل، وهي أم الرجل، ومربية الرجل، وما مثال أم موسى  وامرأة فرعون وهما اللتان ربتا موسى عليه السلام ولا مريم أم عيسى عليه السلام ولا هاجر أم اسماعيل عليه السلام إلا أصدق دليل على ذلك.

واجبات

اعلمي- أختي- أن عليك واجبًا كبيرًا تجاه دينك؛ فعليك أن تحسني إيمانك بالله عملاً وقولاً، وأن تنفِّذي كل ما أمر الله به، وأن تنتهي عما نهى عنه، وأن تراعي الله في عملك وحركاتك وسكناتك، واعلمي أنك مأجورة على حفظك لنفسك وعرضك ومالك وولدك وزوجك، واجعلي لك وردًا وزادًا من القرآن والسنة.

وعليك بحسن تبعُّلك لزوجك الذي يعدل الجهاد في سبيل الله والصلوات الجامعة والجمع والجنازات في الأجر، وتفنَّني في أن ترضيه وتنالي رضاه؛ فهو طريقك إلى رضا الله وجنته، وبقيامك بواجب النصيحة له والأخذ بيده ومعاونته على الطاعة لتكوني لبنةً صالحةً في المجتمع، وتكوني واحةً تأوي إليها الأفئدة من كل صوب.

واعلمي أن إعانتك زوجك على أعماله الدعوية وتيسيرها له هو طاعة لله ولك مثل أجره لا ينقص منه شيء، وعليه هو أيضًا أن يعينك في مهنتك في البيت كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسهل لك قيامك بواجباتك الدعوية ليكون خير الناس "خيركم خيركم لأهله".

وعليكِ بيتك.. أن تؤسِّسيه على تقوى من الله، وتجعليه مملكتك الصغيرة، وجنتك الفيحاء، وروضتك الغنَّاء، طاعةً وقربى إلى الله، يطاع فيه الله، وتُحيا فيه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُرفع فيه ذكر الله كثيرًا، ويكون منارة للناس كل الناس، مسلمين وغير مسلمين؛ ليكون بذلك لبنةً صالحةً في بناء حاضر بلادك ومستقبلها، وتمثلي حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: "والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها"، وأدي الأمانة والمسئولية بحقها وعلى الوجه الذي يرضي عنك ربك.

وعليكِ بأبنائكِ.. ربِّيهم على مبادئ الإسلام الحنيف، وعلى الأخلاق والقيم والمبادئ الإسلامية القويمة، ولتغرسي فيهم حب الله ورسوله، واجعلي هذا الحب منارةً يسيرون في هديها، وربِّيهم على أن يكونوا قادة المستقبل، وحاملي لواء الإسلام، والدفاع عنه وعن مقدساته، وعرفيهم بقضية المسلمين الأولى- فلسطين- ودورهم فيها، وليقتدوا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والصالحين، ويسيروا على دربهم؛ ليخرج منهم قادة مصلحون، يحقق الله على أيديهم النصر للإسلام والمسلمين ونشر رسالة الإسلام رحمة للعالمين كل العالمين.

فدورك أساسي في قوة الأسرة وتماسكها، وأي اختلال في أدائك لمسئوليتك في الأسرة ورعايتها سينعكس أثره على أفرادها جميعًا وسيكون عاملاً طاردًا وليس جاذبًا، ولتقومي بتربية أبنائك وبناتك على حب الله ورسوله وحب الخير للغير فإن "خير الناس أنفعهم للناس" كل الناس".

وعليكِ بمجتمعك.. بأن تُسهمي في بنائه على التقاليد الصالحة، وعلاج كل مساوئ المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن تعملي على بثِّ الفكر القويم والنهج الرشيد والمبادئ الوسطية في أذهان بنات جنسك، مثقفات وغير مثقفات ملتزمات وغير ملتزمات مسلمات ومسيحيات، ولتقودي حركة الإصلاح والتجديد في مجتمعك قولاً وعملاً وحركةً وعطاءً، فالأمية بين النساء داء متفشٍّ، فليكن لك دور في إزالة هذه الوصمة عن بنات جنسك، كما أن الأرملة التي لا يستطيع أحد غيرك أن يدخل عليها ويواسيها ويتفقدها ويحمل الخير إليها غيرك، اعلمي أن سدَّ حاجاتها الإيمانية والمعنوية أهمُّ بكثير من سدِّ حاجاتها المادية التي يعطيها الناس غاية اهتماماتهم.

كما أنك أقدر على توصيل البر والفضل، فكوني عند حاجات جيرانك يكن الله في حاجتك ويقضِها لك أفضل من قضائك أنت، وانشري فقه المرأة ليس فقط في العبادات، ولكن أيضًا في المعاملات، وحاولي تصحيح المخالفات الشرعية المنتشرة بين أوساط النساء، بالحكمة والموعظة الحسنة، فلأن يهدي الله بك امرأةً واحدةً خيرٌ لك من حمر النَّعم.

وعليك بالقدوة الحسنة.. مظهرًا ومخبرًا؛ فالأخت المسلمة لا بد أن تكون قدوةً صالحةً في كل تصرفاتها، وفي شأنها كله، وعليها أن تعطي صورةً صادقةً لمبادئ دينها ودعوتها، في حركاتها وسكناتها، بل وفي كل إشارة صادرة منها؛ بحيث تخلق بيئةً فاضلةً ومجتمعًا كريمًا بسلوكها الإسلامي الكريم؛ ما يؤدي إلى حب الناس لدين الله وأخلاق الإسلام الفاضلة، ويكفينا درسًا تربويًّا عميقًا هذه المرأة التي ذُكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها بلسانها، وهنا الحساب على شيئين مهمين؛ الجيران كل الجيران.. مسلمة كانت أو غير مسلمة، والإيذاء باللسان فقط؛ فكان الجواب: "هي في النار".

بل أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أن امرأةً دخلت النار في هرة حبستها، وهذا الحديث أقوى تأثيرًا في النفس من كل قوانين الرفق بالحيوان فما بالكن بالإنسان؟!.

وعليك بالعمل الجاد لنشر دعوة الله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وأن تأمري بالخير وتبشِّري مجتمعك بما جاء به الإسلام من خير وحب في الله وعدل وسلام لكل البشر، ومودة وألفة وتعاون وإخاء وغَيرة على الإسلام، واعتزاز به وبمبادئه وشرائعه؛ لأنه جاء من عند الله رب كل البشر والكائنات.

وعليك أن تُعَوِّدي نفسك على أن تحكمي على ما ترينه وتشاهدينه من أحداث؛ ليكون لك رأي في مختلف قضايا أمتك.. فلتتزودي بمختلف أنواع العلم النافع، وتثقفي نفسك بما تستطيعين من العلوم الحديثة؛ لتكوني مواكبةً للتطور والتقدم العلمي من حولك.

وعليكِ بعدم التفريط في الالتزام بتعاليم الشرع المطهَّر وأحكامه تحت ضغوط الواقع، ومن أظهر ما يخصُّك في ذلك: الالتزام بالحجاب الشرعي، فإن مقصد حجاب المرأة المؤمنة هو إرضاء ربها، ثم حفظ كرامتها وعدم امتهانها، فعليك أن تلاقَي هذه الفريضة بالقبول والاعتزاز بها والاحتساب في ذلك، وكذلك التحلي بأخلاق الإسلام وقيمه في التعامل، وبخاصةٍ عند الاختلاط والسفر والعمل.

وعليكِ بالتوازن بين جميع واجباتك، دون إفراط ولا تفريط؛ حتى لا يطغى واجب على واجب؛ لتؤديها على أكمل وجه، وتنالي خيرَي الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.

إن الدور الدعوي والرسالي الواجب عليك أداؤه ليس نافلةً ولا تفضلاً من أحد عليك، بل هو حقٌّ من حقوقك ومسئولية من مسئولياتك، وعليك أن تلتزمي هذا الحق وتتحملي هذه المسئولية، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لقرة عينه فاطمة الزهراء رضي الله عنها: "يا فاطمة بنت محمد اعملي فوالله لا أغني عنك من الله شيئًا"، ومن هنا كان واجبًا عليك أن تعتني بنفسك لرفع مستواك الإيماني والعلمي والفكري والسياسي والثقافي، وأن تتغلبي على الأعذار وتقهريها دون إخلال بالضوابط الشرعية.

وعليك الاقتداء بنماذج للمرأة المجاهدة؛ من أمثال المجاهدات الكبيرات: الخنساء، ونسيبة، وصفية، وسمية، وأسماء.. ومن المعاصرات: زينب الغزالي، وأمينة قطب، ولبيبة أحمد ،وحميدة قطب، وغيرهن من الأخوات الفضليات رائدات العمل الإسلامي في العصر الحديث.

ولقد ضربت الأخوات الفاضلات المرشحات في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة 2010م أروع الأمثلة في أداء المرأة لدورها الرسالي، وحسن عرض فكرتها، والتحرك المنضبط في المجتمع؛ بما يخدم دينها ودعوتها وأمتها، فجزاهنَّ الله خير الجزاء.

نحن نريد شخصيةً مميزةً للأخت المسلمة تعمد إلى تحقيق نموذج فريد من النساء يُقتدى بهن:

من حُسن التعبُّد لله، وحُسن التبعُّل للزوج، وحُسن التربية للأبناء، وحُسن الإدارة للبيت، وحُسن الإعمار للمجتمع، وحُسن الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، وحُسن التبنِّي لقضايا الأمة.

هذه تذكرتي لكنَّ وإعذاري إلى الله، داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يعينكنَّ، ويسدِّد على طريق الحق خطاكنَّ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وفي السر والعلن، وأن يُعلي شأن دينه ودعوته.. إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.

وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله أكبر ولله الحمد.