08/07/2010

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه .. وبعد ..
قال الله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الإسراء: 1.
وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ  قَالَ: "أُتِيتُ بِدَابّةٍ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ خَطْوُهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهَا فَرَكِبْتُ وَمَعِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلاَمُ فَسِرْتُ فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلّ فَفَعَلْتُ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلّيْتَ؟ صَلّيْتَ بِطَيْبَةَ وَإلَيْهَا الْمُهَاجَرُ، ثُمّ قَالَ: انْزِلْ فَصَلّ فَصَلّيْتُ فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْنَ صَلّيْتَ؟ صَلّيْتَ بِطُورِ سَيْنَاءَ حَيْثُ كَلّمَ اللّهُ  مُوسَى عَلَيْهِ السّلاَمُ ثُمّ قَالَ: انْزِلْ فَصَلّ فَنَزَلْتُ فَصَلّيْتُ فَقَالَ أَتَدْرِي أَيْنَ صَلّيْتَ؟ صَلّيْتَ بِبَـيْتِ لَحْمٍ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السّلاَمُ، ثُمّ دَخَلْتُ بَـيْتَ الْمَقْدِسِ فَجُمِعَ لِيَ الأَنْبِـيَاءُ عَلَيْهِمُ السّلاَمُ فَقَدّمَنِي جِبْرِيلُ حَتّى أَمَمْتُهُمْ .. ". سنن النسائي
الغاية من الإسراء والهدف من هذه الرحلة جاء ملخصاً في جزء من الآية الأولى في قول الله تعالى: لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا فبعد أن يرى رأي العين القدرة الإلهية التي تتحرك به في أجواز الفضاء؛ لتنقله إلى المسجد الأقصى في الشام، ثم تعرج به إلى السماوات العلى؛ ليرى من آيات ربه الكبرى، هذه الرحلة العظيمة تمنحه اليقين التام، والقدرة الهائلة في مدافعة الباطل القائم في الأرض والفساد المستشري في جنباتها، فبعد استناد علوم الأنبياء إلى رؤية الآيات العظيمة، يحصل لهم من عين اليقين، ما لا يقادر قدره، وليس الخبر كالمعاينة، فيتحملون في سبيل الله ما لا يتحمله غيرهم، وتصير جميع قوات الدنيا عندهم كجناح بعوضة لا يعبأون بها إذا ما تدول عليهم بالمحن والعذاب.
وهذا ما يؤكده القرآن الكريم ففي حق إبراهيم عليه السلام يقول الله تعالى: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. الأنعام: 75. وفي حق موسى يقول الله تعالى: لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى. طه: 23.
وفي الحديث دلالة على أن الأنبياء السابقين أقروا للنبي  بالرسالة وصلوا من خلفه، وهذا يفرض  على أتباع هؤلاء الرسل أن يكونوا أنصارًا للرسول  وإذا كانت رسلهم يسلمون على الرسول ويشهدون له بالرسالة والنبوة، فما على أتباعهم إلا أن يصلوا ويسلموا على رسولنا  ويسيروا على نهجه ويتبعوا شريعته التي تنبع من أصل شريعتهم مع الفارق أنها خالية من التحريف وتحمل لهم التخفيف وصدق الله حيث يقول: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. الأعراف: 157.
كما أن الحديث يؤكد أن طيبة، وطور سيناء، وبيت لحم، وبيت المقدس صارت من مقدسات المسلمين، وأنهم أولى بها ممن سبقهم؛ لأن رسولهم  قد وطأها بقدمه الشريفة، وآخر الأنبياء والمرسلين عهداً بها، وبها صلى وأصبحت مسجدا للمسلمين.
وإذا كان اليهود يبحثون تحت الأرض عن هيكل موهوم، حتى يتخذون منه ذريعة لأحقيتهم بتلك الأرض، فإن للمسلمين فوق الأرض مسجداً شامخاً، وشاهداً ظاهراً للعيان، يعلن خمس مرات في اليوم أن تلك البقاع وما حولها أرض للمسلمين.
لقد اشتملت هذه الرحلة النبوية الغيبية على معانٍ دقيقة، وشارات حكيمة بعيدة المدى، تؤكد على أن محمدًا  هو نبي القبلتين، وإمام المشرقين والمغربين، ووارث الأنبياء قبله، وإمام الأجيال بعده، فقد التقت في شخصه وفي إسرائه مكة بالقدس، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، وصلى بالأنبياء خلفه، فكان هذا إيذانًا بعموم رسالته وخلود إمامته وإنسانية تعاليمه، وصلاحيتها لاختلاف المكان والزمان.
أما رحلة المعراج ففيها العبر الكثيرة :
أولها وأهمها فرضية الصلاة:
أيها المسلمون: إن في فرضية الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، حين كان قاب قوسين أو أدنى، وتكليفه بتكليم الله إياه، وهو في السماوات العلى دلالة على أهمية الصلاة، وعظم منزلتها، وعلى أنها معراج يومي للمسلم مع كل مناجاة، حيث التذكير بيوم الدين، يوم يقوم الناس لرب العالمين، والتذكير برسالة المسلم التي من أجلها خلق والمتلخصة في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ كما أنها دعوة للتوكل التام على الله والاستعانة به وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ كما أنها دعوة للتميز التام والاستقلالية الكاملة في المنهج والطريق، فطريقهم مستقيمة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وهي طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ وذلك يكون باتباع القرآن الكريم:  وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأنعام: 153. واتباع الرسول  وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ الشورى: 52. وليحذر كل مسلم من أن ينحرف عن هذا الصراط بأن يسلك سبيل المغضوب عليهم، أو الذين أضلهم الله.. من يهود أو نصارى..
إن الصلاة ترسم للمسلم طريقه وسط الظلمة التي تحيط به، وتأخذ بيده من بين الدعوات المتتالية التي تعمل على أن تحرفه عن طريقه، وقد رأى ذلك الرسول  ليلة الإسراء حيث دعاه داع عن يمينه وآخر من يساره فلم يجبهما فلما سأل جبريل قال: ذاك داعي اليهود، أما لو أنك لو أجبته لتهودت أمتك. قلت: وبينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد، انظرني أسألك، فلم أجبه. قال: ذاك داعي النصارى، أما أنك لو أجبته لتنصرت أمتك".
وفي هذا المشهد تأكيد على أن: اليهود لن يتوقفوا عن العمل المستمر لتهويد المسلمين، كما أن النصارى يمكرون بالليل والنهار من أجل تنصير المسلمين، وأنهم لن يتحقق لهم الرضا عن المسلمين إلا إذا رجعوا عن دينهم، واتبعوا اليهود أو سلكوا سبيل النصارى، ولقد أكد القرآن الكريم على هذا المعنى، وكرر الحديث عنه لتوعية المسلمين، وتحذيرهم مما يحيكه لهم أعدائهم قال الله تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ. البقرة: 120.
والمسلم في صلاته ينتقل من دنياه إلى أخراه حيث يسبح في الجنة مع المنعمين، وينظر عن بعد للمعذبين كما جاء عَنِ الْحَارِثِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ ،أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ لَهُ: "كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثة؟" قَالَ: أَصْبَحْتُ مُؤْمِنًا حَقًّا، فَقَالَ: "انْظُرْ مَا تَقُولُ؟ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ؟" فَقَالَ: قَدْ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا، وَأَسْهَرْتُ لِذَلِكَ لِيَلِي، وَأظمَأَتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي بَارِزًا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ يَتَضَاغَوْنَ فِيهَا، فَقَالَ: " يَا حَارِثة عَرَفْتَ فَالْزَمْ ".
وثانيها مخاطر الذنوب والمعاصى وعاقبتها :
 لقد تحدث الرسول  عن مخاطر الأمراض الاجتماعية وبين عقوبتها، كما شاهد ذلك في ليلة الإسراء والمعراج، ومن هذه الأمراض وعقوبتها:
• أكلة الربا، فقد أتى النبي  على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فأخبره جبريل: «هؤلاء أكلة الربا».
• عقوبة أكلة أموال اليتامى، فقد رأى رسول الله  رجالاً لهم مشافر - شفاه كبيرة - كشفاه البعير، في أيديهم قطع من نار كالأفهار (أي الحجارة) يقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم فأخبره جبريل: «هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما».
• عقوبة جريمة الغيبة والمغتابين، فقد رأى رسول الله  أناسا يأكلون الجيف فأخبره جبريل: «هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس».
• وذكرت الروايات عقوبة الزناة، ومانعي الزكاة، وخطباء الفتنة، والخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون والتهاون في الأمانة، ومن يتكلم بالكلمة العظيمة، ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها.
إن المعاصي والذنوب مهلكة ومدمرة للأمم قال الله تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا الإسراء: 16. وكذلك رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهد الجزاء الأوفى للأعمال الصالحة ليستبشر من يفعلونها فى الدنيا بحسن العاقبة كالمجاهدين الذين يزرعون ويحصدون فورا ، وسمعه وقع أقدام بلال رضى الله عنه خلفه فى الجنة بسبب رقعات النوافل التى يصليها .
أيها المسلمون في العالم أجمع:
إن سورة الإسراء تسمى سورة بني إسرائيل، والمسجد الحرام جاء مقرونا بالمسجد الأقصى، والحديث عن الإسراء جاء مقرونا بالحديث عن فساد بني إسرائيل..
وفي ذلك دلالات وآيات من أهمها:
• لقد أدرك الصحابة رضي الله عنهم أهمية المسجد الأقصى ومسؤوليتهم نحو المسجد الأقصى، وهو يقع أسيرًا تحت حكم الرومان، فحرروه في عهد عمر بن الخطاب  وظل ينعم بالأمن والأمان حتى وقع في أسر الصليبيين بعد خمسة قرون، من هجرة المصطفى، ومكثوا ما يعادل قرنًا يعيثون فسادًا، حتى قيض الله له صلاح الدين الأيوبي فحرره، وها هو ذا يقع تحت الاحتلال اليهودي، وسبيلنا إلى تخليصه الجهاد في سبيل الله، على المنهج الذي سار عليه الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
• أن التهديد للمسجد الأقصى، هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النيل من المسجد الأقصى توطئة للنيل من المسجد الحرام، فالمسجد الأقصى بوابة الطريق إلى المسجد الحرام، وزوال المسجد الأقصى من أيدي المسلمين، ووقوعه في أيدي اليهود يعني أن المسجد الحرام، والحجاز قد تهدد الأمن فيهما، واتجهت أنظار الأعداء إليهما لاحتلالهما.
والتاريخ قديمًا وحديثًا يؤكد هذا، فإن تاريخ الحروب الصليبية يخبرنا أن (أرناط) الصليبي صاحب مملكة الكرك أرسل بعثة للحجاز للاعتداء على قبر الرسول  وعلى جثمانه في المسجد النبوي، وحاول البرتغاليون (النصارى الكاثوليك) في بداية العصور الحديثة الوصول إلى الحرمين الشريفين؛ لتنفيذ ما عجز عنه أسلافهم الصليبيون، ولكن المقاومة الشديدة التي أبداها المماليك وكذا العثمانيون، حالت دون إتمام مشروعهم الجهنمي، وبعد حرب 1967م التي احتل اليهود فيها بيت المقدس، صرح زعماؤهم بأن الهدف بعد ذلك احتلال الحجاز وفي مقدمة ذلك مدينة رسول الله  وخيبر.
لقد وقف دافيد بن غوريون زعيم اليهود بعد دخول الجيش اليهودي القدس يستعرض جنودًا وشبانًا من اليهود بالقرب من المسجد الأقصى ويلقي فيهم خطابًا ناريًا يختتمه بقوله: (لقد استولينا على القدس ونحن في طريقنا إلى يثرب).
ووقفت غولدا مائير، رئيسة وزراء اليهود، بعد احتلال بيت المقدس، وعلى خليج إيلات العقبة، تقول: «إنني أشم رائحة أجدادي في المدينة والحجاز، وهي بلادنا التي سوف نسترجعها».
- أن الصهاينة هم الذين سوف يدنسون مسرى رسول الله ، وينشرون الفساد فيما حوله وأن تخليص الأرض من شرورهم وفسادهم لا يكون إلا على يد عباد لله مخلصين، يجمعون بين قوة العبودية لله وقوة البأس المتمثل في القوة البدنية وقوة السلاح: عبادا لنا
أن الصهاينة لو أحسنوا واستقاموا فذلك يرجع على أنفسهم، وأن إساءتهم مردودة عليهم: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا  وأن كل قطرة دم يريقونها سوف تراق منهم، وأن كل شخص يقتل فإنما يقتلون أنفسهم..
أن تطهير المسجد الأقصى من فسادهم آت لا محالة، وأن تطهير أرض فلسطين من شرورهم قاب قوسين أو أدنى..
أن الله توعدهم بالتأديب، كلما عادوا إلى الفساد: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا (الاسراء: 8). وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ (لأعراف: 167)
أن القرآن الكريم يرسم لنا الطريق الأقوم للتخلص من فساد الصهاينة وتخليص الأرض من شرورهم:  إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ولم يصل الصهاينة إلى ما وصلوا إليه إلا بعد أن كبلوا حملة القرآن الكريم واعتقلوا أصحاب العقيدة من الإخوان المسلمين وغيرهم ممن تطوعوا للذود عن فلسطين، بتآمر بين الغرب والصهاينة والحكام العملاء.. ولو بقي الإخوان المسلمون في الميدان ما قامت إسرائيل، ولا رفع لها علم، وقديما سلط الله على اليهود بختنصر حين قيل له عنهم: "هم قوم فيهم كتاب فلا يقيمونه، وأنبياء فلا يطيعونهم، وهم متفرقون".
ونحن سلط الله علينا اليهود حين عطلنا كتاب الله، وأسقطنا مكانة العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وساد فينا شعارهم: "فرق تسد".
طريق النجاة:
• أن نحيي كتاب الله بيننا، فنقيم العدل، وننشر الرحمة، ونحقق المساواة بين البشر جميعا، وإن اختلفت عقائدهم وجنسياتهم وألسنتهم وألوانهم..
• أن نعيد للعلماء المخلصين الصادقين منزلتهم، وأن نستجيب لما يدعوننا إليه من شرع الله، ففيه حياتنا وعزنا..
• أن ننبذ الفرقة والتنازع والاختلاف، وأن نعود أمة واحدة كما أراد الله لنا إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ الأنبياء: 92.
• أن نجاهد في الله حق جهاده، فأجر المجاهدين دائم لا ينقطع، فقد أتى رسول الله  ليلة الإسراء على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم... كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي : يا جبريل، ما هذا..!؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه.
أيها المسلمون: لن يصلح الله حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها..
وهل كان صلاحهم إلا في صدق إيمانهم بالله، وترابطهم في أخوة صادقة، جمعت العربي والحبشي والرومي والفارسي في صف واحد،
وهل كان عزهم وفلاحهم إلا بالجهاد، وعشقهم للشهادة في سبيل الله،
واعلموا أيها المسلمون في كل مكان، إن الأمة التي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا، والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهن الذي أذلنا، ألا حب الدنيا، وكراهية الموت، فأعدوا أنفسكم لعمل عظيم، واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة.

والله أكبر ولله الحمد

القاهرة في : 26 من رجب 1431هـ الموافق 8 يوليو 2010م