تناقلت الصحف والمواقع الإخبارية، نبأ وفاة نبيل المغربي، أقدم سجين سياسي مصري،والذي اعتقل مع تطبيق الجهاز الأمني للرئيس السادات، بقيادة النبوي إسماعيل، حملة اعتقالات سبتمبر الشهيرة، وكان ضمن المتهمين في القضية رقم 462 لسنة 1981 حصر أمن دولة عليا المعروفة باسم قضية تنظيم الجهاد، وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد 25 عامًا تجاوز هذه المدة بـ 5سنوات وبضع شهور،حيث قضى ما يزيد عن 30 عاما في السجن الى ان افرج عنه المجلس العسكري في   2011 ثم اعاد الانقلاب اعتقاله في اكتوبر 2013، فمن يكون هذا السجين؟ وما هي ظروف اعتقاله، ثم الافراج عنه، ثم اعتقاله ثانية حتى الموت؟

نبيل محمد عبد المجيد  المغربي،  شاب  مصري كان متفوقا في دراسته وفي حياته، حصل  علي لقب الطالب المثالي في الكلية، وحصل علي بكالوريوس اللغات وترجمة فورية من كلية الألسن عام 1973، لغة اولي اسبانية ولغة ثانية فرنسية إضافة الي اللغة الانجليزية وكان  يجيد الثلاث لغات.

ترشحه للعمل بالمخابرات الحربية

كانت اللغة الاسبانية هي اللغة الثانية في العالم بعد الانجليزية ويليها الفرنسية وبها تتعامل الأمم المتحدة كلغة ثانية، وفي تلك الفترة كانت المخابرات تستدعي كل من هو متفوق في مجاله،تم اختباره ثم اختياره ضمن صفوف المخابرات.

ثم التحق بالجيش كضابط احتياطي في المخابرات الحربية،  لسد العجز الذي حدث بعد حرب 73 وتعويض خسائر القتال ، بعد أن تم إجراء بعض الاختبارات كان فيها اول الدفعة وتم إلحاقه مع أربعة آخرين بمكتب ضباط الشفرة وكان هذا المكتب يعد اعلي درجة في المخابرات، ثم دبت الخلافات بينه وبين طارق زعتر، زوج شقيقة السادات، بسبب  إبدائه لرأيه في السادات، وكذلك وضوح نزعته الإسلامية,

 بعدها ترك العمل بجهاز الشفرة، وعمل في ثلاث جهات مدنية وهي وزارة الثقافة ثم وزارة الشباب ثم دار الاعتصام وكانت وقتها اكبر دار للطبع و النشر وكان يعمل مترجما فيها.

اعتقاله

كان ثائرا، رافضا للظلم، مطالبا بالحريات علي كافة المستويات المشروعة، تم اعتقاله قبل مقتل السادات بعدة ايام، سنة 1979، بسبب نشاطه الإسلامي وصعوده المنبر للخطابة ضد  السادات، بسب الصلح مع إسرائيل و”كامب ديفيد،  في مسجد بأحد ضواحي عين شمس، وهو مسجد الأنوار المحمدية، قبل حملة الاعتقالات الكبرى في سبتمبر عام 1981 ومع ذلك ادرج اسمه في قضية اغتيال السادات.

وتم الحكم عليه بالمؤبد وفي أثناء فترة سجنه أضيف اليه حكمين اخرين احدهما ثلاث سنوات في قضية الهروب الكبير بالرغم من انه لم يشارك فيها حكم عليه بالمؤبد أيضا في عام 95 في قضية تنظيم طلائع الفتح الثانية وكانت التهمة إمداد خلية جهادية بمعلومات من اجل قلب نظام الحكم بالرغم من انه كان معزولا عن الدنيا منذ 15سنة وكل معلوماته تنحصر في زنزانته ومواعيد زيارته.

محاولته الهروب

لم يطق الرجل السجن، وسرعان ما خطط للهروب منه بعد صدور الأحكام في القضية الشهيرة التي عرفت بقضية تنظيم الجهاد، وحاول الهروب هو وزميل له يدعي محمود إسماعيل عام 1986، لكن المحاولة فشلت، وتم القبض عليهم وحكمت المحكمة عليه بالسجن ثلاثة سنوات تضاف إلى حكمه.

تعذيبه واضطهاده

وعن تعذيبه في السجون يقول الشيخ،رحمه الله في حديث مسجل مع سيد علي في برنامج حدوتة مصرية، كان التعنت في منع الزيارة أو الترحيل من سجن إلى سجن، والتعرض على لعمليات تعذيب ممهنجة هو أسلوب إدارات السجون المفضل في التعامل مع أعضاء هذه الجماعات وأنا منهم.

كما إنه  في مطلع عام 1994 تم نقله إلى معتقل الوادي الجديد، وحبس في دورة مياه غير مستخدمة لمدة 4 أشهر، أقسم“المغربي”، أن الحشرات نفسها كانت تتوقف عند الباب، وكان يُلقَى له الطعام كما يلقى للدواب، وعندما نصحه أحد السجناء بأن يضرب عن الطعام حتى يتم عرضه على طبيب السجن الذي أوصى إدارة السجن نقله لمكان جديد التهوية، وقتها اعتبر مأمور السجن هذه التوصية تدخلا في عمله، فما كان منه إلا أن أمر بجمع السجناء، وأقسم أن يكسر على قدمي “المغربي” “4 خرزانات” ليجعل منه "عبرة لمن يعتبر".

أخذ المغربي يصرخ ويصرخ حتى “بح الصوت”، وتشنجت الأعصاب، وأخذ ينحصر الصون إلى أنين، وصمت... وخشي نائب المأمور أن يموت المغربي فنقله مسرعاً إلى سجن آخر ليخفي الجريمة، حيث دأبت وزارة الداخلية على تغير القيادات الأمنية في السجون كل فترة.

المراجعات الفكرية

شارك المغربي عام 2008 في مراجعات الجهاد ويعتبر من أوائل من وقع عليها بعد بيان من القيادي الإسلامي المتواجد في ألمانيا أسامة صديق أيوب من بني سويف وأقرتها مجموعات جهادية كثيرة من عين شمس وإمبابة وشبرا و كرداسة، غير انه بعدها بأشهر قليلة نقلته امن الدولة إلى سجن أبي زعبل

الإفراج الصحي في عهد المجلس العسكري

جاءت ثورة يناير فبدأت وسائل الأعلام تنادي بالإفراج عنه بكل قوة حتى أن كثيرا من الصحفيين الكبار والحقوقيون نادوا بالإفراج عنه لمعاير الحقوقية والإنسانية لبلوغه سن السبعين،بعد ان قضى ثلاثون عاما في السجون المصرية، ورجليه منتفختان، ويعاني من أمراض السكر والضغط والقلب واضطراب في إنزيمات الدم وخلل في وظائف الكبد، هذا فضلا عن الجانب النفسي والعصبي الذي يعاني منه من سوء المعاملة وضيق المساحة، وكانت قد صدرت عدة قرارات بالإفراج عنه ولكنها ظلت حبيسة الأدراج.

حتى صدر قرار السيد عادل السعيد رئيس المكتب الفني للنائب العام  بعد توصية المجلس العسكري بالعفو عن المغربي، بتاريخ الاثنين 6/6/2011، صدر قرار بالإفراج الصحي عنه، ولم يفرج عنه في عهد الرئيس مرسي  كما زعم  وزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم،  في 13 نوفمبر 2013.


عائلته  واستشهاد ابنه

 كان متزوجا من السيدة عزيزة عباس، شقيقة حسين عباس الذي نفذ عملية اغتيال الرئيس الرحل أنور السادات في 6أكتوبر عام 1981، و الذي حكم عليه بالإعدام في القضية ، له ثلاثة من الأبناء وهم محمد وعمار وأسماء علي الترتيب، تعرضت زوجته  ولداه للاعتقال و التعذيب،  في عهد المخلوع  مبارك، من قبل جهاز امن الدولة،  وقد استشهد ابنه،  محمد نبيل المغربي في أحداث رمسيس 2013/8/16،حيث أصيب بطلق ناري في الظهر فارق الحياة على أثرها، تلقى الأب نبأ الوفاة بعدها بساعات، ولم يتمالك نفسه من البكاء فلم يمكث معه كثيرا حتى قتل.

اعتقاله من جديد

وألقت قوات الانقلاب القبض على “المغربي”،البالغ من العمر 70 عاما، في 29أكتوبر 2013، ووجهت له تهما بالتورط في مذبحة الضباط في كرداسة، وكنيسة الوراق، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم وظل الشيخ قابعا في سجون العسكر يعاني من أمراض كثيرة ولا يتلقى أي علاج حتى تدهورت حالته الصحية كثيرا".

ونقل الى المستشفى حيث توفى،في 2015/6/4 ، عن عمر يناهز 72عامًا داخل مستشفى سجن طره، الذي نقل إليه لتلقي العلاج من محبسه بسجن العقرب.

المصدر : نبض النهضة