دافعت كل من رئيسة الحزب اليميني المتطرف "الجبهة الوطنية الفرنسية"، مارين لوبان، وأحمد الطيب أحمد الطيب، عن اللقاء الذي جمعهما، الخميس، بمقر مشيخة الأزهر، بعد أن أثار عاصفة من الجدل، لاسيما أن مارين معروفة بعدائها للمسلمين، وأن المشيخة تتعرض لضغوط من قبل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، جسدها لقاؤها الطيب، الأربعاء الماضي، الذي أعقبه صدور بيان من رئاسة الانقلاب، ألمح إلى الاتفاق على إجراء تغييرات في مناهج الأزهر.

ورأى مراقبون أن المتطرفة الفرنسية، استهدفت "تغيير" الزيارة لصالحها، كي تبعد تهمة التطرف عن حزبها، خاصة أنها ستخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017، في حين قالت مصادر مصرية إن الطيب يحاول بهذا اللقاء اتقاء غضب السيسي عليه، جراء عدم تعاطيه الكافي مع دعوته لما يعتبره تجديد الخطاب الديني، الذي يعني عنده التلاعب بمناهج الأزهر.

وفى حوار مع برنامج "لقاء خاص"، على فضائية  "سكاي نيوز" عربية، السبت الماضي، قالت ماريان لوبان، إنه كان من المهم جدا بالنسبة لها أن تزور مصر للمرة الأولى، لأنها تعتبر أن لها دورا محوريا، لاسيما في ظل تصاعد نفوذ المتطرفين والإرهابيين الذين يشكلون مشكلة عالمية حقيقية"، وفق وصفها.

وأضافت: "لقد حفزتني خطابات السيسي (التي يهاجم فيها الدين الإسلامي)، والتى اعتبرها شجاعة جدا، (لزيارة مصر)، وبالتالي أردت من خلال زيارتي أن أوضح سوء الفهم حول رؤيتنا للعالم العربى والأحداث هناك، ومناقشة جهود مكافحة التطرف".

تمسكت بموقفها الرافض لارتداء المسلمات الحجاب، وكذلك رفضها لما اعتبرته"صلاة المسلمين في الطرقات"، مشددة على أن فرنسا بلد علماني، وأنه يجب على المسلمين فى فرنسا احترام قانون هذا البلد العلمانى.

ونفى وكيل الأزهر، عباس شومان، -فى تصريح له السبت- صحة ما تردد بشأن غضب الأزهريين من استقبال أحمد الطيب، الخميس الماضي، لزعيمة الحزب الفرنسى المتطرف، قائلا إن "كل من تحدث عن وجود غضب بين الأزهريين بسبب استقبال الإمام الأكبر لزعيمة الحزب الفرنسى، كشفوا عن هويتهم بعد زعمهم أن الطيب يسكت عن الدماء التي تسيل"، مشيرا إلى أن مواقف أحمد الطيب من الدماء التى تسيل معروفة للقاصي، والداني. (دون أن يوضح ماذا يقصد بذلك).

وفي سياق متصل، كشفت مصادر بالسفارة الفرنسية في القاهرة أن زيارة رئيسة حزب الجبهة الفرنسية لمصر، تمت بشكل غير رسمي، وأنه لم يتم التنسيق بينها وبين السفارة لتنظيمها، وأن اللقاءات تمت بعيدا عن الشكل الرسمي أيضا، وأن السفارة لا تعلم سبب زيارتها لمصر.

من جهتها، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا مفصلا عن الزيارة. وقالت إن بعض المراقبين بالخارج انتقدوا زيارة لوبان، ورأوا أن الوقت غير مناسب لها، إذ قال نائب مدير هيومن رايتس ووتش لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نديم حوري: "ربما ستُفسر زيارة لوبان على أنها علامة لدعم عبد الفتاح السيسي".

وكان مراقبون ربطوا بين موافقة أحمد الطيب على المقابلة، ولقائه السيسي صباح اليوم السابق للقاء مارين لوبان، التي تمثل -وفق مراقبين- رمزا فجا للنهج اليميني المتطرف بأوروبا، إذ شبهت صلاة المسلمين في الشارع بالاحتلال النازي، وأكد مرشحون بحزبها أنهم إن فازوا بانتخابات البلديات، سيكون أول قرار يتخذونه هو وقف منح تراخيص لبناء المساجد.

وكان رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، دليل بو بكر، دعا إلى مضاعفة عدد المساجد في فرنسا لحل مشكلة نقص دور العبادة لملايين المسلمين الفرنسيين، إذ يبلغ عدد المساجد في فرنسا 2200 مسجد فقط، ما وصفه بأنه يحتاج للمضاعفة لاستيعاب أعداد المسلمين هناك.

من جهتها، عبرت لوبان -في بيان طويل أصدرته عقب الزيارة- عن تطرفها بشكل جلي -وفق مراقبين- فيما اعتبرته "وجهات النظر المتقاربة مع أحمد الطيب"، قائلة: "الأهمية الحيوية لعشرة ملايين مسيحي قبطي، أحفاد مصر الفرعونية، والذين يدفعون ثمنا باهظا لعدم التسامح الإسلامي، ودور التوازن الذي يجب أن تلعبه فرنسا ومصر في الصراعات التي يشهدها العالم العربي، ودور الاستقرار الذي يتعين على مصر لعبه في ليبيا، وأهمية إقناع مواطني شمال افريقيا والشرق الأوسط بالتخلي عن أرض أجدادهم من أجل مستقبل مجهول في أوروبا"، وفق قولها.

وهو ما رأى معه مراقبون أن لقاء أحمد الطيب مارين لوبان يؤكد وجود أغراض سياسية لكل منهما من وراء اللقاء، فمارين حاولت تحقيق مكتسبات سياسية لها على الساحة الداخلية الفرنسية، من خلال اللقاء، دعما لتوجهاتها المتطرفة.

بيما حاول أحمد الطيب، بهذا اللقاء، إرضاء السيسي، الذي يبدو غاضبا مما يعتبره عدم تجاوب كاف من الطيب معه، في دعوته لتجديد الخطاب الديني، الذي يعني عند السيسي تغيير مناهج الأزهر، يؤيد ذلك مطالبة الأذرع الإعلامية للسيسي لأحمد الطيب بالتنحي، غير مرة.