بسم الله الرحمن الرحيم
تحية وتقدير للمرأة المصرية
قال تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ)
هالة محمد أبو شعيشع، حبيبة أحمد عبد العزيز، أسماء محمد البلتاجي، وكثيرات غيرهن من الشهيدات، سمية الشواف، حفصة أحمد عباس، شيماء عوض، أمينة حسين حلاوة، سميه حسين حلاوة، فاطمة حسين حلاوة، وألوف من الحرائر غيرهن شابات وأمهات وجدات، ستظل أسماؤهن محفورة في ذاكرة الثورة المصرية العظيمة، كن حاضرات في الميدان، غير هيابات للموت، ولا متخوفات من التهديد، ولا آبهات بالأذى المتوقع، وقمن بأداوار كبيرة، بجوار الرجال والشباب، ورفعن أصواتهن المدوية مطالبة بالشرعية ورافضة للانقلاب العسكري الفاسد، فمنهن من قضت نحبها وارتقت شهيدة في روضات الجنات، ومنهن من اعتقلت أو اختطفت، ومنهن من سحلت وتعرضت لسوء المعاملة في المعتقلات والمعسكرات وأقسام الشرطة، ومنهن من اتهمت بحيازة الآر بي جي، ومنهن من تنتظر، وما بدلن تبديلا، وهن بذلك يعدن إلى الواقع نماذج سمية وونسيبة أسماء وأم سلمة وخولة والخنساء وأم نضال، وغيرهن ممن حفل بهن وبجهادهن تاريخ الإسلام العظيم الذي يجعلهن والرجال على قدم المساواة في حمل الرسالة (والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
تعرضت الثائرات المجاهدات لكل ذلك دون أن تحرك المنظمات الحقوقية النسوية أو منظمات حقوق الإنسان ساكنا، أو ترفع بالإنكار صوتا أو تعلن تنديدا، أو حتى تدعو لفتح تحقيق فيما جرى من مخازي وانتهاكات ضد الحرائر المشاركات في ثورة سلمية واعتصام سلمي شهد بسلميته الأولون والآخرون من الداخل والخارج، بل خرجت بعض المنظمات المذكورة تتهم المعتصمين السلميين بالتجارة بالنساء وباستخدامهن مع الأطفال دروعا بشرية في مواجهة القوات التي استعدت لفض الاعتصام، بل ربما زادت تلك المنظمات تهما أخرى فاسدة للحرائر الثائرات يعف القلم الحر عن كتابتها أو ترديدها، وكل ذلك لأن هؤلاء الحرائر من بنات التيار الإسلامي، ولأنهن يؤمن بالمشروع الإسلامي لتحرير الإنسان والأوطان، ولأنهن قدمن نموذجا عمليا للتربية العالية التي تتربى عليها هذه النماذج الحرة التي تقود حركة التحرر الحقيقي إن شاء الله.
لكن مع كل هذا الجحود من تلك المنظمات فقد استمر جهاد الأخوات الكريمات نموذجا رائعا غير مسبوق، من أول أيام الاعتصام ولا يزال مستمرا، بل يتزايد يوما بعد يوم، يتقاسمن التضحيات والشهادة في سبيل الله مع أبنائهن وأزواجهن وآبائهن، بل يدفعن ذويهن ويتسابقن معهم في تقديم الغالي والنفيس من أجل الدين العزيز والوطن الحر الكريم، ويقابلن رصاص الغدر بإعلان سلمية الثورة والثوار، وهن على يقين أن سلمية الثوار أقوى من رصاص الانقلابيين الغادرين.
ومع تزايد أعداد الشهداء، ومع استمرار حملات الاعتقال والمطاردات، تحملت الأخوات بمنتهى الرضا والثبات وبالعزائم الصامدة القوية مسئولية أكبر في استمرار وهج الثورة، فلا يمر يوم إلا وهن يخرجن في مقدمة الصفوف في كل الشوارع والميادين في المدن والقرى، متحديات كل أسباب الخوف والتهديد، طاويات أحزانهن على فقد الأحبة، عاضات على جروحهن، ثابتات على إيمانهن بعظمة الرسالة التي يحملنها، مصرات على تقديم المزيد من أجل مستقبل كريم لهذا الوطن ولأبنائه ومستقبله.
إن ما تقدمه الأمهات والبنات من صمود وصبر وتضحيات في هذه الثورة الكريمة لا يقف عند حدود وضعهن على لائحة الشرف والعز، بل إنه يضع الانقلابيين ومن يساندهم في خانة الخزي والعار، بما يمارسونه من ممارسات فاقدة للمروءة والأخلاق والقيم النبيلة تجاه هؤلاء الحرائر وتجاه أوطانهم، كما أنه يدفع كل متردد متخاذل خواف من المواطنين إلى إعادة النظر في موقفه، والتفكير الجدي والعاجل في الانضمام لهذه الثورة المباركة التي لا ريب أنها ستنتصر قريبا بإذن الله.
إن الأحرار والشرفاء في كل مكان وميدان لتغتبط نفوسهم فرحا بهذا التقدم الرائع للمرأة المصرية المجاهدة، التي لم يمنعها من استمرار المشاركة استشهاد أو اعتقال أو مطاردة أو فقد أبيها أو زوجها أو أخيها أو ابنها، فصارت هي القائمة بأمر الأسرة والمعيلة لأبنائها وإخوتها، ومع ذلك لا تتخلف عن الجهاد، ولا تتراجع عن مواقف العز والشرف، ولا تقصر في دفع أسرتها والاندفاع معها إلى ميادين الثورة، مصممة على أن ميتة الأحرار خير من عيشة العبيد، ومؤكدة أن عز الأوطان وحرية الإنسان شرف يستحق كل التضحيات.
إن هذا العطاء الكبير من المرأة المصرية الحرة لهو من أهم أسباب التثبيت للثوار المجاهدين، وإنه لنور يضيء طريق الثورة ويشق ظلام الاستبداد ويبدد ظلام الانقلاب بإذن الله، ويوجب علينا جميعا أن نقدم لهن تحية تقدير وإجلال وعرفان، وأن نشد على أيديهن ليكملن مواصلة المشوار الذي اقتربت نهايته إن شاء الله، والاستمساك بالسلمية شعارا لثورتنا وسلاحا ندفع به عنف الانقلابيين ومن وراءهم، ونحن على يقين من نصر الله للحق وأهله (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا ورُسُلِي) (إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (ولَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ) .
أما المنظمات التي تتاجر بقضايا النساء وتمالئ الانقلابيين فعما قليل ليصبحن نادمين، إذ ينصر الله ثورة الشعب الحر (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (فَسَيُنْغِضُونَ إلَيْكَ رُءُوسَهُمْ ويَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا)
والله أكبر، والنصر للحق، وعاشت مصر حرة مستقلة.
الإخوان المسلمون
القاهرة فى : 5 من ذي الحجة 1434هـ الموافق 11 سبتمبر 2013م