01/08/2010

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

وبعد ، فبُعَيْد خروجي من المعتقل في 8/4 الماضي اتصل بي أحد الأشخاص هاتفيا ، وعرفني بنفسه وقال : أنا اسمي حسام السويفي ، صحفي بجريدة (...) وطلب أن يجري معي حوارا عبر الهاتف، فطلبت منه أن يكتب لي الأسئلة ويرسلها على بريدي الإلكتروني ؛ لأردعليها ، فوافق وتفضل مشكورا بإرسال الأسئلة ، التي سارعت بالرد عليها ، وإرسال الإجابة إلى سيادته ، وذكر لي الأخ الدكتور جمال نصار أنه هاتف الأستاذ حسام وعرف منه أن الحوار سينشر في الجريدة خلال أسبوع ، لكن مر أسبوع واثنان وثلاثة ولم ينشر الحوار ، وحدثني الدكتور جمال أن الأستاذ حسام اعتذر له بأن الجريدة رأت عدم النشر أو تأجيله (الشك من عندي). ولا أدري لماذا لم ينشر، ولا أحب أن أفترض أسبابا أو أتكهن بشيء لا اطلاع لي عليه.

وقد رأيت وأيدني في ذلك بعض الإخوان أنه ما دامت الجريدة لم تنشر الحوار ، ومر عليه ما يزيد على شهرين فلماذا لا أقوم بنشره ؟

وهانذا أنشر الحوار بالنص الذي أرسلته للأستاذ حسام على القراء الكرام:

  س: ما رأى الجماعة فى اعتقالات أعضاء وقيادات الجماعة هل يعتبر ذلك حرام شرعاً ؟
   ج: ترى الجماعة أن الاعتقالات بغير حق أو سند قانوني لأعضائها أو لغيرهم من عموم الأمة هو من الظلم المحرم شرعاً، ومن الإفساد المجرم قانوناً وأن الخصومة السياسية التى يفتعلها النظام مع الإخوان ومع القوى السياسية والفكرية فى الأمة لا تجوز شرعاً، ولا يصح قانوناً أن يستخدم الأمن النيابة فى مواجهتها، بل يناقش الفكر بالفكر، وتتم المنافسة بين القوى السياسية بعرض البرامج على الشعوب ودعوة الشعب للاختيار بين البدائل بحرية كاملة.
والإخوان يرفضون إقصاء أي مكوِّن أو طائفة أو فرد من حقه ا لطبيعي في خدمة الأمة وطرح آرائه بحرية على الشعب الذى له كامل الحق في الاختيار الحر.

س: ما رأي الجماعة فى عمل المرأة قاضية، مع العلم أن المرأة من الممكن أن تحكم وهي في فترة الحيض؟
   ج: لا أدري ما هى العلاقة بين الجملة الأخيرة من السؤال وبين الجملة الأولى، وقبل الإجابة عن هذا السؤال وأمثاله أحب التأكيد على ما يلي :
   أولاً: الجماعة ليست مذهباً فقهياً حتى يتم توجيه أسئلة فقهية مبدوءة بعبارة ( ما رأي الجماعة في كذا) إنما يسأل الشخص عن رأيه وعن فهمه، فالجماعة آراؤها يتم التعبير عنها بقرارات مكتب الإرشاد ومجلس الشورى في الأمور العامة التى تهم الأمة.
   ثانياً: مجمل موقف الجماعة فيما يتصل بالمرأة عموماً سبق وأن أعلنته جماعة فى كتيب منشور ومطبوع.
وبعد هذا، فإن الجماعة ترى أن قضية تعيين المرأة في مجلس الدولة قد وضع القانون لها ضوابط وأوكل إلى المجلس الخاص بمجلس الدولة اتخاذ القرار المناسب فى ذلك، ونحن نحترم القرار الذى يتخذه المجلس فى هذا الصدد.
وأنتهز هذه المناسبة لأدعو كافة المعنيين باستقلال القضاء فى مصرنا العزيزة إلى التأكيد على احترام هذا الاستقلال باعتباره إحدى الضمانات الأساسية للعدالة.
وقد سبق أن بين الإخوان أن هذه القضية خلافية بين فقهاء الأمة وأن الترجيح فيها يكون طبقاً للضوابط الشرعية ولظروف المجتمع وأحواله، وما دام المتخصصون فى مجلس الدولة يرجحون إرجاء هذا الأمر إلى أن تتحقق مواءمات معينة فى المجتمع، فلا مانع من ذلك.

   س: ما رأى الجماعة في التدخين ؟ هل هو حرام شرعاً أم مكروه كراهة تحريم ؟
   ج: مرة أخرى أقول: هذا السؤال لا يوجه بصيغة: ما رأي الجماعة، لأن الجماعة ليست مجرد جماعة فقهية.
علماً بأن الجماعة لا يوجد فيها - في حدود علمي – مدخنون، ومن أهم الأشياء التى يلتزم بها المنضم للجماعة الإقلاع عن التدخين.
أما الرأي الشرعي في التدخين فقد أوضحه فضيلة المفتي الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، وهو حرمة التدخين شرعاً ، وأدلة الحرمة كثيرة جداً، وهو نفس الرأي الذى تتبناه كافة هيئات الفتوى في العالم الإسلامي.
 ومن أنشطة الجماعة السنوية تبنِّي حملات لمكافحة هذه الآفة المدمرة وحماية شباب الأمة منها.

  س: ما رأي الجماعة في أداء شيخ الأزهر الجديد الدكتور أحمد الطيب وهجومه العنيف على الجماعة؟
   ج: لم أسمع بما تسميه الهجوم العنيف من فضيلة الإمام الأكبر على الجماعة، وما سمعته – إذ كنت حينذاك محبوساً – أنه قال : إنه لا علاقة له بالجماعة، ونحن نقول لفضيلته : لكننا لنا بك أمتن العلاقات، فأنت إمام الأزهر وأستاذ لنا، وأنت رأس علماء السنة، ومن حق كل المسلمين أن تربطهم بفضيلتك علاقات الحب والتقدير والاحترام، ونحن نرجو للأزهر فى عهدك رقياً وسمواً ومشاركة فعالة فى قضايا الأمة الكبرى، وتطويراً مناسباً يعيد للأزهر دوره وقيمته الكبرى والسامية.
ونحن نستبشر خيراً بفضيلته فى هذا الموقع، وقد بادر فضيلة المرشد العام بتهنئة فضيلته، وما إن غادرت الحبس والاعتقال حتى كتبت تهنئة لفضيلته، وكذلك غيري من الإخوان.
ونحن فى الجماعة نعتبر أنفسنا جنوداً لدعوة الإسلام التي يحمل الأزهر الشريف رسمياً عبئها بكل اقتدار.

س: ما رأي الجماعة في أداء الدكتور عبد الله الحسيني رئيس جامعة الأزهر الجديد؟
   ج: فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله الحسيني أحد العلماء المرموقين، ونحن إذ نهنئه بتولي جامعة الأزهر فإننا نرجو أن تأخذ الجامعة دورها حاملة لدعوة الوسطية في العالم، وناشرة لرسالة الإسلام العظيم فى أنحاء الدنيا.
وأحب أن ألفت النظر إلى أن الإعلام والصحافة يجب أن تعطى لكل من يتولى مهمة ما أن يؤدي دوره لفترة مناسبة قبل أن تطرح الأسئلة لتقويمه، أو تدعو لاتخاذ مواقف مسبقة منه.
 وفى هذا الإطار فإننا نرجو خيراً للجامعة برئاسة فضيلة الدكتور عبد الله الحسيني إن شاء الله.

س: ما رأيكم فى تصريحات الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة بقوله : إن الرئيس مبارك والد كل المصريين؟
   ج: لا شك أن منصب الرئاسة الذي هو أرفع المناصب يفرض على من يتولاه أن يأخذ مصالح عموم الأمة بعين الاعتبار، وأن ينظر إلى كل أبناء وطنه نظرة واحدة، وأن يحرص على إقامة العدل ورفع الظلم عن كافة مواطنيه، وأن يتخير لوطنه و مواطنيه أفضل السبل لحياة حرة كريمة آمنة عادلة، تتحقق فيها المساواة، وهذا يجعله فى مقام الوالد لرعيته يحرص على مصالحهم مثلما يحرص الوالد على مصالح أولاده، وفى هذا الإطار جاء كلام فضيلة المرشد.
صحيح أن بعض المصريين يتحفظ على اعتبار الرئيس مبارك والداً لهم، بسبب ما يتعرضون له من عسف وبطش وتضييع للحقوق وتسلط على الحريات، وزواج باطل بين السلطة والثروة أفسد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الوطن، وفي هذا الإطار أتفهم دوافع البعض لعدم القبول باعتبار الرئيس والداً لهم.
ولكن يجب أن يفهم الكلام دائماً في سياقه الطبيعي وألا يُحمَّل الكلام أكثر مما يحتمل.

س: كيف واجهت اتهامات نيابة أمن الدولة بأنك تتبنى الفكر القطبى ؟
 ج: تصحيحاً للسؤال فإن نيابة أمن الدولة إنما توجهت لي ولسائر أساتذتي وإخواني بمذكرة تحريات مباحث أمن الدولة، وليس باتهامات من النيابة.
 ثم إننا جميعاً قد امتنعنا عن الإجابة على هذه المذكرة، نظراً لأنه قد تمت الإجابة عن كل الأسئلة الموجهة مرات متعددة في تحقيقات سابقة، وصار من الواضح تماماً أن هذه الفبركات مجرد تمثيلية يصر جهاز أمن الدولة على إعادة تمثيلها بشكل ممل، ونحن نرفض أن نكون طرفاً فى هذه التمثيلية، ونربأ بالقضاء الشامخ والنيابة الموقرة أن تكون طرفاً في ذلك، ولذلك نحن مثلنا أمام النيابة احتراماً وتقديراً لدورها، وامتنعنا عن الإجابة على ما ورد بمذكرة ضابط أمن الدولة.


س: دائماً توجه الكنيسة اتهامات للجماعة بأنها وراء حملات أسلمة الفتيات المسيحيات القصر، فما ردكم؟
   ج: لم أقرأ ولم أسمع بأن الكنيسة وجهت مثل هذا الاتهام للجماعة، ولا أدري من أين لك بأن الكنيسة دائماً توجه مثل ذلك.
الذي أعلمه أن هناك أفراداً يحملون في صدورهم خصومة غير معقولة للجماعة، ولذلك يسارعون بتحميلها كل الخطايا، أملاً في تشويه صورتها الوطنية، وتشويه مواقفها المتميزة والرائعة في خدمة هذا الوطن وحماية أمنه وسلمه الاجتماعي ووحدته الوطنية. وهؤلاء هم الذين يطلقون مثل هذه الأراجيف، ومنهم من هو مسلم ومنهم من هو غير مسلم، ولا أتصور إطلاقاً أنهم يدققون فيما يطلقون من أباطيل.
 والكل يعرف موقف الإخوان من المسيحيين إخوانهم في الوطن وشركائهم في مشروع النهضة والإصلاح لهذا الوطن .
ولا يتأخر الإخوان عن إدانة أي إساءة إلى أي مواطن مسلماً كان أو مسيحياً، ومؤخراً أدانت الجماعة بكل قوة ما حدث فى نجع حمادي، وأنا شخصياً ذهبت مع وفد من الإخوان في الدقهلية إلى الكنيسة في طلخا والمنصورة وعبرنا عن إدانتنا لمثل هذه الأعمال التى تصب فى مصلحة أعداء الوطن، وقدمنا التهنئة بمناسبة عيد الميلاد، كما أعلنت ذلك في مقالاتي وفي الفضائيات.
وعلمت بأن فضيلة الأستاذ المرشد الدكتور بديع فعل ذلك أيضاً في بني سويف، وكذلك غيره من الإخوان.
وأحب التأكيد على أن الإخوان سيبقون صمام أمن لوطنهم حريصين على تدعيم وحدته الوطنية.

س: هناك اتهامات موجهة للجماعة بأنها عقدت صفقة مع النظام للإفراج عن الدكتور محمود عزت، فما حكم الدين في  الصفقات السياسية؟
   ج: هذا اتهام باطل، كثر التأكيد من كل قيادات الجماعة على فساده وبطلانه، وأرى أن كثرة الترديد لمثل هذه الفرقعات الإعلامية هو الذى يجعل لها وجوداً فى أذهان البعض.
أما ما يسمى بالصفقات السياسية فمصطلح يجب تحديده قبل السؤال عن حكمه الشرعى، لأن العبرة بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
   فإذا كان المقصود بالصفقات السياسية اتفاق مجموعات معينة في الدولة على تبادل منافع لأفرادها وهيئاتها على حساب مصالح الأمة، وعلى حساب الحقيقة، ولتكريس ظلم واقع أو فساد قائم، فمثل هذا يكون حرام شرعاً.
   أما ما يجب أن يتم فهو أن تتعاون كل قوى الأمة لما فيه مصلحة الأمة، وأن يتفاهم كل السياسيين من الحزب الحاكم وغيره من الأحزاب والقوى، ويتفقوا على المساحات المشتركة فيما بينهم لما فيه مصلحة الأمة دون إقصاء لفصيل دون فصيل ، ودون إقصاء لحزب دون حزب، وعلى احتمال الآراء المتنوعة والمختلفة مع التسامح والصدق في تبني كل ما يحقق الخير للأمة.