تجددت أزمة نقص الدولار لتضرب الأسواق، وحذر تجار ومستوردون من ارتفاع مُرتقب في أسعار السلع، ورأوا في الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لترشيد الاستيراد دليلاً على عدم وجود سيولة دولارية لديه، وسجلت العملة الأمريكية في السوق السوداء 8.60 جنيهات، مقابل 7.83 في البنوك.
 
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسئولين بقطاع الطاقة أن مصر تواجه صعوبة في سداد تكلفة وارداتها من المنتجات النفطية، والغاز الطبيعي المسال، المُسعرة بالدولار، ما دعاها إلى إلغاء مشتريات، ومطالبة الموردين بتمديد أجل السداد، فى ظل الأزمة الحادة في العملة الصعبة.
 
ونقلت "رويترز" عن مصادر مصرفية اليوم السبت، أن الانخفاض في إيرادات البلاد من العملة الصعبة تفاقم بعد سقوط الطائرة الروسية، في ظل انخفاض المساعدات الخليجية.
 
وأضافت المصادر: إن مصر متأخرة في سداد نحو 350 مليون دولار لموردي الغاز الطبيعي المسال، وألغت شراء 6 شحنات من السولار كان من المقرر تسليمها، أوائل يناير، بسبب نقص الدولار، محذرة من انسحاب بعض الموردين، فيما رد مصدر بهيئة البترول: "تأخُّرنا فى السداد قانونى، ولدينا 90 يوماً إضافية نُسدد خلالها بفائدة 1% سنويًّا".
 
وكشف "اتحاد المستثمرين" اعتزامه لقاء طارق عامر، محافظ البنك المركزي، الأربعاء المقبل، لوضع حل لأزمة نقص الدولار.
 
وأكد عبدالحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر الحكومية، أن إجراءات "المركزي" تُنذر بـ"كارثة"، وتتعارض مع قرار وزير الصناعة بفرض رسوم حمائية على واردات السكر، معتبرًا أن الأمر يعكس تخبطًا حكوميًّا في إصدار القرارات.
 
وذهب سامح زكي، مستورد بالغرفة التجارية للقاهرة، لوصف الإجراءات الجديدة بـ"غير المدروسة"، وأضاف: "إجراءات كتلك هي في الحقيقة عبء كبير على المُصدرين، الذين يستخدمون مواد خاماً مستوردة في صناعاتهم"، وطالب "المركزي" بعقد جلسة بين المستوردين والمصدرين لإعادة النظر في قرار حد الائتمان الذي رفع سقفه لـ100%.
 
وقال إن أول المضارين من تلك الإجراءات هو المستهلك، لاعتزام التجار تحريك الأسعار وتحميلها إياه في ضوء الإجراءات الأخيرة للبنك. 
 
وقال محمد مصطفى، مدير إحدى شركات الصرافة، إن الآونة الأخيرة شهدت إقبالاً كبيرًا من جانب المستوردين على السوق السوداء، لتلبية احتياجاتهم من العملة الصعبة، في المقابل، عزت مصادر مصرفية الإجراءات الأخيرة إلى "الرغبة في تقليص الطلب على العملة الصعبة، وتخفيض السلع المستوردة"، مؤكدة أن إجراءات البنك "لا تضر أحدًّا سوى المهربين والمضاربين على العملة الصعبة»، وأعلن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، أن القطاع المصرفي ضخ 8.3 مليارات دولار، من 29 أكتوبر وحتى 12 ديسمبر الجاري، لتنفيذ عمليات استيرادية، والإفراج عن بضائع محتجزة بالموانئ، وسداد مديونيات خارجية، ونفى المحافظ، في مؤتمر صحفي أمس، وجود صعوبة في توفير العملة الصعبة اللازمة لسداد التزامات الحكومة.
 
وكانت أزمة الدولار قد تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب انخفاض الاحتياطي الأجنبي في البلاد؛ نظرًا لفشل سياسات الانقلاب اقتصاديا ولجوئه المتكرر للاقتراض من الخارج؛ الأمر الذي رفع العجز في الموازنة والدين الخارجي لأكثر من تريليوني جنيه بسبب ارتفاع فوائد هذا القروض.