تاريخ أسود من الفشل المصري في التعامل مع قضايا التحكيم الدولي، وتصنفها مؤسسات عالمية بأنها الرابعة على المستوى العالمي، في قضايا التحكيم الدولي.

في هذا السياق، كشف أحدث تقارير المركز الدولى لفض المنازعات (أكسيد)، التابع لمجموعة البنك الدولى، عن أن عدد قضايا التحكيم الدولى التى رفعت ضد الحكومة المصرية بلغ 25 قضية منذ عام 1984 حتى الآن، تم الفصل فى 17 قضية بينما تبقى 8 قضايا لا تزال معلقة.
وأكد التقرير أن أولى تلك القضايا رُفعت فى أغسطس عام 1984 وكانت قضية شركة «جنوب الباسيفيك» بين وزارة السياحة وشركة بريطانية كُلفت ببناء شاليهات حول هضبة الهرم، وبعد أن قامت هذه الشركة بإحضار كل معداتها للبدء فى إجراءات التنفيذ، قام الجانب المصرى بفسخ العقد المبرم، ما كبد مصر غرامة قدرها 36 مليون دولار بعد اللجوء للتحكيم وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالى 18 مليوناً فعلياً، ثم كانت القضية الثانية بتاريخ 15 يونيو 1989 والخاصة بصفقة إطارات السيارات مع شركة «Manufacturers Hanover Trust Company»، التى أغرقت السوق المصرية بمنتجات تبين لاحقاً أنها غير مطابقة للمواصفات، ثم قضية «سياج» للاستثمارات السياحية حول أرض طابا، التى تبين قيام الشركة ببيعها لمستثمرين إسرائيليين ليتم اللجوء إلى مركز التحكيم الدولى التابع للبنك الدولى فى واشنطن فى 5 أغسطس عام 2005 وصدر حكم بتغريم مصر 300 مليون دولار، ثم قضية مطار «رأس سدر» التى حُكم فيها بتغريم مصر 530 مليون دولار فى قضية وزارة الطيران المدنى وهيئة بريطانية حول مطار «رأس سدر»، وحصلت الأخيرة على أحقية بناء مطار فى مدينة رأس سدر لمخالفة الجانب المصرى بنود العقد.

وتابع التقرير أن القضية الرابعة كانت بتاريخ 31 أغسطس عام 1998 المقامة من شركة «Hotel lease and development agreements» ضد وزارة السياحة المصرية، ثم قضية شركة عمر أفندى مع شركة «أنوال»، المملوكة للمستثمر السعودى جميل القنبيط. 
وأشار التقرير إلى أن عدد القضايا التى رُفعت ضد الحكومة المصرية بعد اندلاع ثورة يناير بلغ 13 قضية.
واختتم التقرير بالقضية التى أُقيمت ضد الحكومة المصرية بتاريخ 27 فبراير من العام الماضى من شركة «فينوسا» الإسبانية ضد الشركة القابضة للغازات التابعة لوزارة البترول بسبب توقف الشركة المصرية عن تصدير الغاز إلى الشركة الإسبانية.

وفي سياق متصل، يقول الدكتور برهام عطاالله خبير القانون التجاري الدولي، إن التحكيم الدولي دائمًا ما يكون وبالًا على الحكومة المصرية، التي لها تاريخ غير جيد معه ، وكان أخر تلك القضايا قضية شركة الكهرباء والغاز الإسرائيلية التي طالبت الحكومة المصرية بـ1.76 مليار دولار تعويض توقف إمدادات الغاز عقب ثورة يناير 2011.
ويواصل الأزمة الحقيقية تتلخص في كثرة توقيع الحكومات المتعاقبة، على اتفاقات الاستثمار الثنائية في عقد التسعينيات وحتى قبل ثورة يناير 2011، التي نصت جميعها تقريبًا على اللجوء للتحكيم الدولي في حالة نشوب نزاع بين المستثمر الأجنبي والدولة.
وأضاف عطا الله ، في تصريحات صحفية، أن الحكومة المصرية أكثر جهة في العالم، مرفوع ضدها قضايا تحكيم دولي، وكثير من تلك القضايا تصل قيمة التعويض فيها إلى عدة مليارات من الجنيهات.

واحتلت مصر المرتبة الرابعة في العالم، والأولى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، كطرف مرفوع ضده قضايا تحكيم دولي في 2014 بعدد 24 قضية.
ووفقًا لتقرير الاستثمار الدولي لمنظمة "الأونكتاد"، فإن 60% من القضايا يُحكم فيها لصالح المستثمر، ما يعني أن تخسر مصر15 قضية في السنة الواحدة، تصل إجمالي الغرامات فيها إلى عشر مليارات دولار.

نماذج الفشل المصري
سبق أن حصل رامىسياج فى قضية سياج الشهيرة على أكثر من‏134‏ مليون دولار، و قبله بسنوات تمكن نائل الفرارجى من الحصول على حكم بـ‏تعويض قدره 22‏ مليون دولار من مركز التحكيم الدولى بواشنطن فى قضية فندق النيل المعروفة، قضية شركة ماليكورب الانجليزية التىكانت تزعم أن مصر خالفت الاتفاقية معها، وطالبت بتعويض قدره 518 مليون دولار..
وتنظر مراكز التحكيم فى الخارج نحو 37 قضية تحكيم، أبرزها قضية المراجل البخارية التى قضت محكمة القضاء الادارى ببطلان عقد بيعها لمستثمر هندى، والذى أقامها أمام مركز الاستثمار الدولى فى أمريكا «الاكسيد».

وتكمن أزمات قضايا التحكيم الدولى فى صياغة العقود، وهناك ما يسمى بـ «Bit»، وهى اتفاقيات بين مصر ودولة ما تتعهد بموجبها مصر بحماية الاستثمارات، فضلاً عن اتفاقية فض منازعات الاستثمار” الأكسيد” ومقرها الأصلى واشنطن، وفرعها فى باريس،وتلتزم مصر مع أكثر من 100 اتفاقية، بقبول التحكيم الدولى عند نشوء أىنزاع، حتى أن مصر وقعت مثل هذه الاتفاقية مع أفغانستان بالرغم من عدم وجود علاقات تجارية بينها وبين مصر، وتنظر هيئة قضايا الدولة صياغة العقود.