قال الدكتور أحمد الخطيب -الخبير في الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية-: إن حكومة الانقلاب ارتكبت 3 أخطاء خلال موسم توريد القمح الموسم الماضي، المنتهي في 30 يونيو الماضي، مما تسبب في خسارة الدولة لمليارات الجنيه، وأدى إلى دخول مِصْر منطقة الخطر الإستراتيجي، الذي انعكس على المخزون الاستراتيجي من القمح.

وأشار -في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء- إلى أن هذه الأخطاء تمثلت في السماح باستيراد القمح من الخارج مع دخول موسم توريد القمح المحلي، والسماح بتداول ونقل القمح المستورد خلال الموسم نفسه، إضافة إلى السماح بقبول توريد القمح حتى لو كان مخالفا للمواصفات المعتادة.

وأضاف، أن هذه الأخطاء تسببت في توريد مليوني طن قمح مستورد على أنه قمح محلي، بسعر 2800 جنيها للطن، من إجمالي 5.7 ملايين طن تم توريدها للحكومة، على الرغم من أن سعره استيراد الطن من القمح لم يتجاوز 1800 جنيه للطن، موضحًا أنه يعني أن هؤلاء حققوا أرباحا تصل إلى 1000 جنيه لكل طن تم توريده خلال موسم التوريد الأخير.

وأوضح أن منظومة الخبز المدعم الجديدة أسهمت في صرف الدعم لغير مستحقيه، وتسببت في حدوث خسائر كبيرة للخزانة العامة يصعب تحديدها، مشيرا إلى أنه تم خرق المنظومة من خلال لجوء أصحاب المخابز إلى تسجيل أكبر كمية من الخبز المباع للحصول على أكبر كمية من العدم بغض النظر عن حجم المبيعات الفعلية، وما اشترته أسر المستهلكين، وهو ما تسبب أيضا في تسجيل أرقام مبيعات تفوق الواقع على ماكينات التسجيل، بما يعود على أصحاب المخابز بأرباح طائلة.

وأشار إلى أن الدولة تحملت أكثر من 500 مليون جنيه، شهريا، هي قيمة السلع المجانية لكل أسرة مقابل الخبز المدعم، ومقابل لفروق شراء الخبز المدعم، ليصل إجمالي خسائر الدولة من هذه المنظومة إلى 6 مليارات جنيه، هي قيمة مستحقات بقال التموين سنويا مقابل صرف هذه السلع.

كما أشار الخطيب إلى أنه على الرغم من السلبيات التي أفرزتها منظومة دعم الخبز الجديدة، إلا أنها تتميز ببعض الإيجابيات، منها إلغاء طوابير الخبز، والتحسن النسبي في شكل وحجم الرغيف، وتقليل فاقد الصناعة، وإنخفاض فاقد الاستهلاك في المائدة.

وتابع: أن «معدل الإنتاج السنوي من القمح المِصْري يصل إلى 8 ملايين طن، بينما يصل معدل التوريد السنوي ما بين 3 إلى 3.7 ملايين طن بغض النظر على الإنتاج الكلي من المحصول أو أسعار التوريد»، مشيرا إلى أن معدل الاستيراد السنوي من القمح الموجه لمنظومة الخبز المدعم ما بين 5 إلى 6 ملايين طن.

وأضاف «الخطيب» أن «معدل السحب الشهري من مخزون القمح المحلي والمستورد، الذي يوجه لمنظومة إنتاج دقيق القمح يصل إلى 750 ألف طن شهريا، بإجمالي 9 ملايين طن سنويا»، مشيرا إلى أن معدل إستهلاك الأسرة المصرية لعدد 5 أفراد يتراوح ما بين 15 إلى 17 رغيف يوميا، ما يعادل 500 رغيف شهريا، ليصل متوسط إستهلاك الأسرة في مصر إلى 3.4 رغيف يوميا.

وأوضح «الخطيب» أن معدل استهلاك الخبز المعدم لأي فرد يصل إلى 5 أرغفة يوميا، بمعدل 25 رغيفا للأسرة المكونة من 5 أفراد، تعادل 750 رغيفا شهريا، وفقا لمنظومة الخبز المدعم للعام الماضي، مما يعد مبالغة في الأرقام، لأنها اعتمدت على نصيب الفرد فقط، دون الاهتمام بأن الفرد ضمن أسرة لها استهلاك خاص وفقا للفئة العمرية، وهو ما انعكس على رفع معدل السحب الشهري من مخزون القمح من 750 ألف طن شهريا إلى 950 ألف طن شهريا، وهو ما انعكس أيضا على زيادة احتياجات القمح لأغراض الخبز المدعم من 9 ملايين طن، إلى 11.4 مليون طن.

وتابع: إن «الزيادة المستحدثة في معدل السحب الشهري الجديدة انعكست بالضرورة في إحداث تآكل في حجم المخزون الإستراتيجي من القمح، الذي يجب ألا يقل عن معدل استهلاك من 3 إلى 6 أشهر أو 3 ملايين طن على الأقل، وكان ما يتم استعاضته عن طريق الاستيراد عند المتوسط السنوي المعتاد».