وصف الكاتب السياسي ياسر الزعاترة ما يحدث بمصر بأنه مشهد عبثي بامتياز، وقال إن الذين يحملون السلاح لا يتم التعامل معهم إلا كأرقام؛ حيث نعلم أنه قتل في اليوم الفلاني عشرين وثلاثين وخمسين، دون أن يقول لنا النظام أين قتلهم، ومن هم، وما هي هوياتهم، كأنما ليسوا مصريين، ولا أهل لهم، ولا أبناء ولا زوجات؟!.
 
وأضاف "الزعاترة" في مقال له نشر، اليوم الأربعاء، بموقع "العرب" أن النظام لا يقول لنا أين وجدهم، فيما يعلم الجميع أنهم بلا عناوين واضحة، ولا قواعد عسكرية يمكن استهدافها، وإلا لكان بوسع الطيران أن يقصفهم ويقضي عليهم في يوم واحد لا أكثر، لكن المشكلة أنهم يتكاثرون، ويضربون ويهربون، بل يحدث أن يصل بعضهم إلى القاهرة ومناطق أخرى داخل مصر.
 
وأشار إلى أنه لا توجد معسكرات لحملة السلاح الذي بتنا نعرف أنهم ينتمون لفرع تنظيم الدولة المسمى "ولاية سيناء"، وهو الاسم الجديد لتنظيم "أنصار بيت المقدس" بعد أن أعلن بيعته لتنظيم الدولة الإسلامية، وما يجري قصفه عمليا هو مناطق سكان عاديين، ما يعني أننا إزاء عقوبات جماعية لأهالي سيناء، وبالطبع لأنهم يمنحون الحاضنة الشعبية لأولئك المسلحين، ليس لأنهم يؤمنون أن «ولاية سيناء» ستستقل عن مصر وتغدو دولة مستقلة، بل لأنهم في غالبيتهم من العشائر البدوية التي يؤمن كثير من أبنائها بالثأر. ومن يأخذ لهم ثأرهم من دولة لا تكتفي بالتمييز ضدهم، بل تضيف إلى ذلك قتل أبنائهم وتدمير بيوتهم غير أولئك المسلحين؟!.
 
واستطرد: يعلم النظام تماما واقع الحال في سيناء، قبل وبعد ثورة يناير، وأن في هذه المناطق مشاعر عميقة بالظلم والتهميش وجدت ضالتها في العنف ضد الدولة، وهي بدأت تتراجع أيام مرسي، ليس لأن له صلة بالمسلحين كما أشاع النظام بناءً على كلمة أطلقها القيادي الإخواني المحكوم بالإعدام حاليا (محمد البلتاجي)، وجرى تحريفها بالطبع، بل لأن مرسي هو أول رئيس مصري يعترف بما يتعرض له أهالي هذه المنطقة من مظالم، ويعدهم في المقابل بتنمية وعدالة توقف مسيرة الظلم الذي تعرضوا لها طوال عقود طويلة.
 
وتابع: لا شيء غير السلاح والقصف تستخدمه الدولة في مواجهة العنف هناك، وهو ما يزيد في مشاعر الثأر ويدفع الناس إلى التعاطف مع المسلحين، ما يعني أن الحل هنا لن يكون عسكريا فقط، ولا بد من منظومة اجتماعية واقتصادية تخرج هذه المنطقة من بؤسها الراهن.

صحيح أن النموذج الجاذب الراهن لتنظيم الدولة يفعل فعله في استقطاب مزيد من الشباب، لكن المؤكد أن العنف هنا كان سابقا على هذه الجاذبية الجديدة.