أكد ممدوح الولي نقيب الصحفيين السابق أن بيانات الموازنة مقصود بها الطنطنة الإعلامية خلال الشهور المقبلة ، عن استهداف خفض عجز الموازنة لأقل من 9 % حتى يظن البعض أنه قد تحقق ، دون النظر إلى النتائج الفعلية التى ستتحقق والتى ستختلف تماما عن تقديرات الموازنة. 

وأوضح الولي بالإحصائيات عدم واقعية غالبية مؤشرات الموازنة الحكومية للعام المالى الحالى 2015/ 2016 ، من حيث تقديرات الإيرادات ، ودعاوى الاهتمام بالجوانب الاجتماعية ، ونسبة العجز المتوقعة بالموازنة ، ونسبة النمو المتوقعة للناتج المحلى الإجمالي.

وقال في مقال له اليوم الجمعة بموقع "مصر العربية" : " حتي يكون القارئ على بينة بالموازنة ، فإن إجمالي الإنفاق بالموازنة العامة يبلغ 1148 مليار جنيه، موزعة على ثمانية أبواب رئيسية ،أبرزها أقساط الديون المحلية والخارجية بنسبة 5ر22 % من إجمالي الإنفاق ، و21 % لفوائد الديون المحلية والخارجية.


و20 % للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية لأصحاب المعاشات ، و19 % لأجور العاملين بالحكومة ، و5ر6 % للاستثمارات الحكومية ، و5 % للمصروفات الأخرى التى تشمل الدفاع وبعض الجهات القضائية ، وأقل من 4 % لشراء السلع والخدمات للجهات الحكومية ، و2 % لمساهمات الحكومة بالهيئات العامة.


وأضاف : أما الإيرادات المتوقعة فتبلغ 639 مليار جنيه ، موزعة على الضرائب بمختلف نوعياتها بنسبة 66 % من إجمالي الإيرادات ، و31 % من فوائض الجهات المملوكة للحكومة من هيئات عامة وبنوك وشركات عامة ، وأقل من 3 % من متحصلات الاقتراض ومبيعات الأصول كالأراضى الحكومية ، ونسبة ثلاثة بالألف أى أقل من نصف بالمائة للمنح والمعونات.


وقال : "مع بلوغ الإنفاق المتوقع 1148 مليار جنيه ، والإيرادات المتوقعة 639 مليار جنيه ، فإن العجز الحقيقى الذى ستقوم الحكومة بتمويله من خلال إصدار أذون وسندات خزانة واقتراض خارجى ، يبلغ 509 مليار جنيه ! ولمن لا يصدقون ذلك عليهم بالعودة إلى صفحة 109 بالبيان المالي للموازنة.

وعدد الولي ملاحظاته علي الموازنة الجديدة قائلاً إن هناك العديد من الملاحظات على الموازنة :

أولا : أن نسبة 44 % من الإنفاق بالموازنة لن يستفيد منها المواطنون ، والتى تمثل تكلفة الدين الحكومي بالموازنة خلال العام المالي ، والبالغة 502 مليار جنيه ، موزعة ما بين 258 مليار جنيه لأقساط الديون، و244 مليار جنيه لفوائد الديون.

 

ثانيا : أن ما قيل عن زيادة الاهتمام بالجوانب الاجتماعية بالموازنة غير حقيقى ، بدليل أن مخصصات الحماية الاجتماعية البالغة 212 مليار جنيه ، تقل عن مخصصاتها بالموازنة السابقة بحوالي 6 مليار جنيه.

ومن ذلك أيضا أن مخصصات معاش الضمان الاجتماعي التى تم تقديرها بنحو 2ر11 مليار جنيه ، هناك شك كبير فى تحققها ، ففى موازنة العام المالى السابق جرى الحديث عن زيادة عدد المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي ، من 5ر1 مليون أسرة إلى 3 مليون أسرة، ورصد 7ر10 مليار جنيه لذلك ، لكن البيان المالى للموازنة يكشف عن إنفاق متوقع لهذا الغرض بنحو 6ر6 مليار جنيه فقط، بنقص 1ر4 مليار جنيه عما قيل من قبل.


والأخطر من ذلك فإن الموازنة السابقة التى تحدثت عن مخصصات للحماية الاجتماعية بنحو 217 مليار جنيه، لن يتحقق منها سوى 189 مليار جنيه ، بنقص 22 مليار جنيه.

وفى مجال الدعم انخفضت مخصصات الدعم للمواد البترولية ، و لفائدة القروض الميسرة للإسكان ولتجديد التاكسيات القديمة، والدعم للتحول للطاقة النظيفة والدعم لتوصيل الغاز للمنازل عن السنة الماضية، كما لم تتغير قيمة مخصصات دعم الصعيد ودعم التدريب ودعم المناطق الصناعية ودعم الصادرات عن السنة الماضية.
وفيما يخص مخصصات دعم الفلاحين اتضح أن غالبها يمثل فرق سعر توريد القمح محليا عن سعره عالميا ، وفى دعم الكهرباء لم يتوجه الدعم إلى صغار المستهلكين كما نتصور ، ولكنه دعم لسعر الوقود المتجه لمحطات إنتاج الكهرباء.

ثالثا : عدم واقعية ما قيل عن خفض العجز بالموازنة إلى 251 مليار جنيه تمثل نسبة 9ر8 % من الناتج المحلى ، وهذه لعبة يستطيع أى محاسب مبتدأ أن يلعبها ، من خلال النفخ فى قيمة الإيرادات المتوقعة للحصول على رقم أقل للعجز، بالمقارنة بالمصروفات.


والأمر الثاني هو تضخيم رقم الناتج المحلى المتوقع ، بحيث تسفر قسمة الرقم الأقل للعجز ، على الرقم المتضخم للناتج ، عن الحصول على نسبة عجز متدنية!


فكيف نصدق أن العجز الكلى المتوقع البالغ251 مليار جنيه ، ونتائج 11 شهر من العام المالى السابق تشير إلى بلوغ العجز الكلى 262 مليار جنيه ، بمتوسط شهرى 24مليار جنيه ،أى أنه متوقع خلال العام المالى الماضى بلوغ العجز الكلى حوالى286 مليار جنيه.


وكيف نصدق أن نمو الناتج سيكون بنسبة 5 % ، رغم أن البيان المالى نفسه يتوقع آثارا سلبية على الاقتصاد المصرى نتيجة ضعف الطلب فى أوربا ، وذلك على الصادرات المصرية باعتبار أوربا تمثل الشريك التجاري الأكبر ، وعلى إيرادات قناة السويس ، وعلى السياحة المصرية مع اعتبار أن أوربا تقدم ثلثى عدد السياح الواصلين لمصر.


والجدير بالذكر أن نسبة النمو المتوقعة للناتج البالغ 2833 مليار جنيه تبلغ 5ر16 % ، وبخصم نسبة التضخم المتوقعة البالغة حوالي 5ر11 % يصل صافى نمو الناتج المتوقع5 %.
 

رابعا : التقديرات غير الواقعية للإيرادات الضريبية والبالغة 422 مليار جنيه ، بينما النتائج المتوقعة لها خلال العام المالى الماضى 318 مليار جنيه فقط ، بل أن تلك النتائج المتوقعة الفعلية ، تقل عن تقديرات الإيرادات الضريبية عند إعلان موازنة العام المالى السابق والتى بلغت 364 مليار جنيه.
ورغم عدم تحقق المستهدف الضريبي خلال العام المالي الماضي ، فقد زادت تقديرات حصيلة الضرائب المستهدفة بنحو 58 مليار جنيه ، منها لضرائب المبيعات عن تقديراتها بالعام المالي السابق بنحو 41 مليار جنيه ، وزيادة بالجمارك بنحو 7 مليار جنيه ، وزيادة للضرائب العامة بنحو 6 مليار جنيه ، وزيادة 4 مليار جنيه للنوعيات الأخرى من الضرائب .
 

أما مقارنة تقديرات إيرادات نوعيات الضرائب بالعام المالي الجديد ،بتوقعاتها المتحققة بالعام المالي الماضى ، فتشير إلى زيادتها كإجمالي بنسبة 33 % ، ونموها لضرائب المبيعات بنسبة 48 % ، وللضرائب العامة بنمو 22 % ، وللجمارك بنمو27 % رغم صعوبات الاستيراد فى ظل مشاكل تدبير الدولار ، وللنوعيات الأخرى من الضرائب بنمو 62 %.
 

ولقد أكد رئيسان سابقان لمصلحة الضرائب استحالة تحقق تلك التقديرات الضريبية ، فى ظل ظروف الركود الحالي وتراجع الصادرات وكثرة المصانع والشركات المتعثرة وضعف النشاط العقاري ونشاط المقاولات ، ومع زيادة التقديرات الضريبية زادت مخاوف الممولين من عودة التقديرات الجزافية.
 

خامسا : حفل البيان المالي باستعراض عدد من الأعباء الجديدة التى تصحب الموازنة منها : استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة ، وزيادة الرسوم على بعض الأنشطة والتراخيص والتى لم يتم تحديدها ، ومنها الزيادة فى رسم التنمية ، وتوسيع دائرة تطبيق الضريبة العقارية ، وسوف تؤثر زيادة الرسوم على المناجم والمحاجر فى زيادة أسعار مواد البناء ، كما تحدث وزير المالية فى أحاديث صحفية عن الاتجاه لتقنين كميات الوقود الموزعة بالكروت الذكية مستقبلا.
 

سادسا : تأجيل تحسين مستوى المعيشة للمواطنين من خلال تحسين خدمات المياه الشرب والصرف الصحي والطرق والكباري والمستشفيات والمدارس ، حيث بلغت مخصصات الاستثمارات الحكومية 75 مليار جنيه.
 

لكنه فى ضوء خبرة العام المالي الماضي لا يتوقع تحقق ذلك ، فقد تم استهداف تحقيق 67 مليار جنيه كاستثمارات حكومية خلال العام المالي الماضي ، بينما أشارت البيانات الرسمية لتوقع تحقق 60 مليار جنيه منها فقط.