استباقا لأي تقييم أو محاسبة عن إنجازات رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي الذي يوشك أن يتم عامه الأول في منصب رئاسة سلطة الانقلاب، بدأ الإعلام المصري حملة ممنهجة - وفق مراقبين - لتصدير حالة من الإحباط للمصريين والتأكيد على أن الأحوال في البلاد لن تتحسن.
وكان السيسي قد غير خطابه للمصريين، حيث فاجأ مؤيديه الذين كان يعدهم بأن مصر "هاتبقى قد الدنيا" وقال في ندوة أقامتها القوات المسلحة منذ أسبوعين "إن مصر ظروفها صعبة وبتموت".
"اللي مش عاجبه يغور"
وفيما يبدو أنه تنفيذا لتوجيهات صدرت لهم، من مكتب "عباس كامل" طالب إعلاميون مقربون من النظام المصريين بالهجرة أو عدم التذمر من سوء الأوضاع الاقتصادية لأن الحكومة ليست قادرة على الوفاء بالمتطلبات الأساسية للمواطنين.
وبدأ هذه الحملة، عمرو أديب الذي اعترف بشكل واضح أن النظام غير قادر على توظيف الشباب أو توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، داعيا المصريين إلى الهجرة من مصر، وعدم انتظار تحسن الأوضاع.
وانتقد أديب تمسك المصريين بالبقاء في مصر على الرغم من تفشي الفقر والعوز، وطالبهم بالسعي في أرض الله الواسعة للبحث عن عمل خارج البلاد.
وخصص خالد صلاح حلقة الاثنين من برنامجه على قناة النهار لإيصال رسالة إلى الشباب المصري أن ظروف البلاد في غاية الصعوبة، مطالبا إياهم بعدم تصديق الشائعات بأن مصر دولة غنية وأن النظام يقوم بنهبها ثرواتها.
وأكد صلاح أن البلاد في أزمة طاحنة في كل المجالات تقريبا، خاصة البطالة والأمية والمرض والفشل الحكومي.
وكان تامر أمين أكثر صراحة، حيث أعلن أن النظام لا يريد أن يسمع أصوات المتأففين والشاكين من ارتفاع الأسعار أو ضعف الخدمات، قائلا "اللي مش هيستحمل الظروف الصعبة ومش عاجبه البلد على الوضع ده يأخد باسبوره ويغور، وحدود مصر مفيش أطول منها".
الوزراء: الدولة لم تعد قادرة
كما شارك المسئولون في إصابة المصريين بالإحباط، حيث أدلى وزير التخطيط الانقلابي أشرف العربي، بتصريح صادم فأعلن أن معدل النمو الاقتصادي في مصر يجب أن يكون ثلاثة أضعاف معدل النمو السكاني حتى يشعر المواطنين بثمار التنمية.
وأضاف العربي - في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر اقتصادي بالإسكندرية الأحد الماضي - ردا على سؤال حول عدم شعور المواطن بالنمو؟ فقال سيشعر به بعد 30 سنة من النمو المتواصل.
وقال محافظ الشرقية رضا إبراهيم، فقال في تصريحات صحفية يوم الاثنين، إن "الدولة لم تعد قادرة على أن تتحمل بمفردها احتياجات المواطنين المتزايدة، ويجب أن يعتمد المواطنون على الجهود الذاتية في تنمية المجتمع وسد احتياجاتهم، مطالبا رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني بالمشاركة في التنمية ومساعدة محدودي الدخل.
مصر بتغرق .. "استمتعوا بالأوضاع السيئة لأن القادم أسوء"
وكتب الانقلابي المعتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، سلسلة مقالات في صحيفة "الوطن" تركز على نفس الرسالة المحبطة، وأن الأوضاع في مصر متدهورة، مطالبا المصريين بالاستمتاع بأوضاعهم السيئة لأن القادم أسوء.
وأكد عبد الفتاح أنه عقد لقاءً مطولا مع قائد الإنقلاب عبد الفتاح السيسي وإبراهيم محلب رئيس الحكومة خرج منهما بانطباعات سلبية للغاية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية في البلاد، وطالب المواطنون بأن يعتمدوا على أنفسهم دون انتظار لدور حكومي.
وتابع عبد الفتاح في مقاله "الوضع صعب يا مصريين، ومركب مصر هتغرق، ولو تحدثت مصر فستقول لأبنائها: أريد مساعدتكم لأني مش قادرة أستحمل، هناك إحساس متعمق عند المواطنين وولاة الأمر أن الضائقة المالية تزداد عمقاً، فاستهلاكنا يتضاعف وإنتاجنا يتناقص.
وخلال الأسابيع الأخيرة انهالت تصريحات الوزراء التي يعترفون خلالها بفشلهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، فاعترف الانقلابي خالد عبد العزيز وزير الشباب بفشل جميع المبادرات التي أطلقتها الحكومة لتشغيل الشباب في القطاع الخاص، أو الحد من مشكلة البطالة، كما اعترف الانقلابي خالد فهمي وزير البيئة بفشل الحكومة في إنهاء مشكلة السحابة السوداء الناتجة عن حرق المزارعون للمخلفات الزراعية، كتهما المواطنين بعدم التعاون مع الحكومة لحل الأزمة.
وقال وزير التخطيط إن الحكومة فشلت في السيطرة على أسعار المواصلات بعد زيادة أسعار الوقود، كما فشلت في انهاء عشوائية منظومة النقل الجماعي، مبشرا المواطنين بزيادة جديدة في أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة وبالتالي تفاقم مشكلة الموصلات أكثر وأكثر.