ماجدة شحاته :
أكاد أستشرف مرحلة أخرى من الابتلاء الداخلي للصف ؛ ليحدث نوع من الانفلات الكبير ، يلفظ على أثره كل من لم يكن يوما منتميا للدعوة إلا من حيث ركوبها حيث ظن أن وراء اﻷكمة نفع كثير، أو أن يكون وجوده عبئا ثقيلا ، ولعله يكون أهلا لخير كبير في غير مكانه الذي ظل فيه القائد اﻷمير .
فلكل مرحلة رجالها ، وسياساتها وأدواتها ، وفي كل خير .
اغتيل اﻹمام البنا ومن حوله كوكبة من الكبار نفسا وعقلا وفكرا ، واشرأبت اﻷعناق لمن يخلفه في شرف المقام ، وعظيم المكان ، وكادت أن تعقد خلافته بكل ثقة لزيد أو عبيد معروفة سيرتهم ومسيرتهم علوا وشموخا .
وجاءت الفتنة عابرة كسحابة صيف لاتلبث أن تنقشع ، اشتد الخلاف وبلغ الاختلاف مداه ، وعلا الضجيج ، وارتفع صدر المخلصين من الهم بنشيج ، كانت فتنة تعليم وتدريب وتصحيح وتصويب من خلال المواقف والمحكات ؛ ليمضي الركب الكريم على نقاء من علل النفسيات وحظوظ النفس .
وتصدر الهضيبي القاضي الذي جاء من خلف أستار الغيب ، فيحمل اﻷمانة وقد انقطع الطريق على كل من ظنها تؤخذ غلابا .
انتظمت الصفوف بعد اضطراب ، وعادت النفوس بعد شرود واغتراب ، وتآلف العقد الفريد من لؤلؤ أغلى مما يزين الجيد ، من رجال كانوا أشد صلابة في المحن من الحديد .
وكانت دروسا استوعبت سريعا ، واستقرئت جميعا ، فانعكست أدبا وألقا ورقيا يليق بتصرف الكبار في المحن .
النعي على مامضى دندنة يتقنها العجزة ، والاستعداد للقادم من بين ظلام الحاضر هو ديدن البناة حقا مهما بلغ حجم التأنيب والتثريب والغمز واللمز .
فكونوا أسرع لﻹفاقة بعد أزمة ، وأحزم للفصل مما فيه تشتيت ، ولا تخذلوا من أحسن بكم الظن على أي حال ، وبلغت ثقته تحدي كل طعن بمقال أو فعال ، وأصلحوا ذات بينكم فإنما المؤمنون إخوة ، ومن يفارق أو يغادر فلعل الله يغني كلا من فضله وسعته ، فلتكن مفارقة بمعروف وإحسان فتلك شيمة الأصيل النبيل ، وليست مفارقة الوضيع الذليل بجحود ونكران .
سيواصل الركب سيره ، يستريح البعض أو يستقيل ، ويبقى لكل ذي مروءة الموقف الجليل ..
والله غالب على أمره ..
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع