نافذة مصر
موقف لن أنساه ..... ما بقيت في الجسد حياة
كنت في رابعة العدوية قبل الفض بأيام أجول في الميدان وأفكر بعمق مع أخي وأستاذي باسم عودة في مستجدات الثورة وسبل مواجهة الانقلاب وانتهى بنا المطاف في المركز الإعلامي لاعتصام رابعة التقينا مئات المعتصمين ودارت عشرات المناقشات وفجأة جاءني رجل أسمر اللون عريض المنكبين بسيط الملبس يرتدي منظارا طبيا تبدو طلته محببة إلى النفس قال لي ممكن أتصور معاك يا أستاذ أسامة ؟ وقبل أن أجبه مال على أذني الدكتور باسم عوده وقال : هل تعلم من هذا ؟ فنظرت له متسائلا فابتسم وقال : هذا والد الشهيدة هالة أبو شعيشع .
صعقت ....... وشرد بصري في وجه الرجل المبتسم والد الشهيدة واستصغرت نفسي أمام الرجل وشعرت أنه يتضخم ليصبح عملاقا مهولا وبدوت كقزم أمامه .... من أكون ليطلب مني هذا المربي الفاضل والمجاهد الصابر أن يلتقط لنفسه صورة معي ... تبا لي ألف مرة ..... انحنيت أقبل يد الرجل وأنا لا أستطيع أن أكف دموعي واحتضنني بحنان غامر وأخذ يربت على ظهري وقلت له نبئني بربك يا سيدي كيف ربيت هالة كيف كانت تعيش تلك الطفلة وما الذي بينك وبين ربك ليرزقك مثل هذه الابنة ... ثم كيف أنت لا زلت هنا أفلا تكون حزينا محطما تستغفر لها بدلا من أن تكون هنا معتصما ؟
قال الرجل : هالة استشهدت عشان احنا نكمل مش عشان ننكسر ولو كانت حاسة اننا ممكن ننكسر ماكنتش نزلت ..... يا بني هالة عند ربها أفلا أستكمل ونستكمل جميعا طريقها .
ثم قلت له اسمحلي أن ألتقط لنفسي صورة معك يا أبا هالة فوافق الرجل متواضعا ثم انصرف وأنا أتابعه ببصري مبهورا مسحورا .
أدركت يومها أننا منصورون ... وكيف لا وهالة كانت في صفنا هي وكل أخواتها واخوانها من الشهداء الأبرار _نحسبهم كذلك والله حسيبهم_ وكيف لا نستصغر الطاغية ونراه قزما وفينا عمالقة مثل والد هالة أبو شعيشع .
ولئن رزقت يوما بابنة فسأسميها هالة .
يا معشر الشباب والبنات ابحثو عن محمد أبو شعيشع وزوجه ومن كمثلهم من آباء وأمهات الشهداء وتتلمذوا على أيديهم وتعلموا كيف نربي أبناءنا ليكونوا كمثلها ..... كمثل "هالة"