تكليف المستشار حسام الغرياني، برئاسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، حلقة جديدة في مسيرة قاضٍ ناضل بقوة منذ ربع قرن ضد تغول السلطة خلال عهد مبارك، حيث عرف كواحد من أبرز رموز تيار "استقلال القضاء المصري"، الذي سيطر على نادي قضاة مصر خلال النصف الثاني من العقد الأخير.

واليوم تتطلع الأنظار إليه كـ"حارس" جديد على حقوق الإنسان التي طالما ناضل ضد انتهاكها خلال العهد السابق.

يمتلك المستشار الغرياني مؤهلات تجعله في طليعة قضاة مصر والعالم العربي الذين عُرفوا بالنزاهة والاستقلال، حيث يتوقع الكثيرون أن يحصل القضاء على استقلاله وتتأسس دولة قانون قوية بفضل كوكبة من القضاة المستقلين، بينهم الغرياني الذي شارك في وضع مشروع قانون السلطة القضائية عام 1990 وكان عضوًا فى لجنة مشروع قانون السلطة القضائية الذي أقره النادي عام 2005، فضلًا عن أنه كان المقرر العام بمؤتمر العدالة الأول عام 1986.

مسيرة الغرياني قد تساعد في فهم مواقفه الواضحة التي لا تقبل الشك، حيث كان أول من نظم وقفة احتجاجية حاشدة للقضاة أمام محكمة النقض بالأوشحة الخضراء عام2005 و 2006 وأعلن اعتصامه لمدة شهر عندما كان يرأس دائرة محكمة النقض الجنائي، وذلك بعد قرار الرئيس المخلوع مبارك بإحالة زميليه المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي إلى لجنة التأديب تمهيدًا لإصدار قرار بعدم صلاحيتهما على خلفية إدلائهما بأحاديث صحفية بعد اعتراضهما على تزوير الانتخابات البرلمانية.

كان الغرياني الذي تولى مجلس القضاء الأعلى بعد ثورة 25 يناير، أول من وقف أمام جبروت النظام السابق، عندما أصدر حكمًا كان منطوقه شديد اللهجة يقضى فيه ببطلان الانتخابات فى دائرة الزيتون عام 2003 والتي فاز فيها الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وتم رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا التي قررت تطبيق قاعدة قاضٍ لكل صندوق قبل أن يتم التراجع عنها فى انتخابات عام 2010.

تولي الغرياني رئاسة محكمة النقض ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء منذ يوليو 2011، وحتى يوليو الماضي، وذلك خلفًا للمستشار سري صيام الذي بلغ سن التقاعد في السلك القضائي، ووصفه أحمد مكي، عضو مجلس القضاء الأعلى السابق، بأنه صورة مثالية للقاضي في التزامه وسلوكه وأدائه، في حين يرى المستشار زغلول البلشي، نائب رئيس محكمة النقض، أن مايرجوه للقضاء هو أن يحقق الله ما يتمناه الغرياني للقضاء المصري في إشارة لرغبته القوية في استقلال القضاء، واعتبره المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، بأنه "صاحب أول وقفة احتجاجية قبل الثورة"، وذلك عندما نظم الغرياني وقفة احتجاجية بنادي قضاة الإسكندرية للمطالبة باستقلال القضاء.

ونظرًا لمجهودات الغرياني ومسيرته في القضاء، فقد اختاره أعضاء التأسيسية ليكون رئيسًا لها بالتزكية ليقود عملية كتابة الدستورالمصري بعد ثورة 25 يناير المجيدة.


الاهرام