د. محمد صبحى رضوان

قبل التعرض لبعض ما قاله رئيس الجمهورية فى مؤتمر حقوق مصر المائية أود الإشارة إلى أن الذى دعا للمؤتمر هم الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة والتى بعثت من وراء هذه الدعوة بعدة رسائل من أهمها الحرص على مصلحة الوطن وأن قضاياه الكبرى يجب أن تتجاوز كل الاهتمامات وتعلو فوق كل الخلافات كذلك حرصهم على العمل البناء والهادف وتوجيه رسالة للواعين والمخلصين من شعب مصر ليعرف الفرق بين من يبنى ومن يهدم, وبين من يعمل ومن يتكلم, وبين من اختار العمل مع الشارع ومن اختار التواجد فى غرف الفضائيات المكيفة كما بعثوا برسالة أخيرة لمن اختارهم ووثق بهم, أن هذا الاختيار كان صحيحا وفى محله.

ومن وجهة نظرى فقد أثبت المؤتمر أن بعض قوى المعارضة لا تملك رؤية ولا تصور واضح للنهوض بمصر وبنائها لأننا لم نر منهم شيئ بهذا الخصوص إلى الآن.

وقد كان الرئيس على مستوى الحدث فاختط بكلماته المباشرة والمعبرة رؤية واضحة لموقف مصر من قضية السد الأثيوبى، فبعد أن سرد ما قامت به مصر من خطوات تجاه هذا الموضوع ذاكرا الدور الذى كان حريصا من خلاله على مد جسور وآفاق العمل والتعاون مع الدول الإفريقية من خلال زياراته المتعددة لدول القارة فقد زار أثيوبيا مرتين وأوغندا وجنوب أفريقيا والسودان, وأكد على أن أمن مصر المائي لا يمكن تجاوزه أو المساس به على الإطلاق.

وانطلاقا من أهمية هذه القضية الحيوية لمصر فقد ذكر أن "جميع الخيارات مفتوحة في التعامل مع هذه الملف"، مشيرا إلى أن المصريين "جاءوا برسالة سلام إلى العالم، وليسوا دعاة حرب، ولكنهم لن يسمحوا لأحد أن يهدد أمنهم المائي".

وعبر الرئيس عن سعادته بما يسمعه من مساهمات بالرأي والنصيحة في هذه المواقف، والتى إن دلت على شيئ فإنما "تدل على أننا كلنا صف واحد، رغم اختلافه مع بعض الآراء"، داعيا الجميع لعدم البخل أو التباطؤ في تقديم المشورة للوطن.

وكان الرئيس حريصا على الداخل السياسي فخاطب جميع القوى السياسية مؤكدا بأن "الاختلافات في الرؤى ظاهرة صحية، لكن ما يتعلق بالتحديات الكبرى وعلى رأسها ملف نهر النيل (فإنني أدعو الجميع أن نتناسى الخلافات السياسية حتى يمكن أن نتخطى التحديات، وقلت لكم أنني سأستمر في دعوة الجميع إلى مصالحة وطنية شاملة تنطلق من الرؤية الموحدة), وكما هو معروف من مسلك الدول الناهضة وخطوات بناء المستقبل العملاقة فقد قال الرئيس "دائما الحقائق والإنجازات تبدأ بالأحلام، ونحن نصبر على أهل مصر، وهؤلاء يستحقون أن نحلم معهم وأن نكون على درجة عالية من التفاهم والحوار"، وفى لفتة رائعة وحانية أضاف الرئيس "أنا مستعد أن أذهب للجميع ؛ لأن هذا نداء الوقت، وهذا واجبنا، رغبة في ضرورة الاصطفاف الوطني".

وبعد استماعي لخطاب الرئيس وتعليقي على بعض ما جاء فيه أمنيتى أن يكون هذا المؤتمر علامة مهمة من علامات مراجعة النفس والاصطفاف من أجل الوطن وإعمال العقل تغليبا لمصالح البلاد العليا.