28/12/2010

حازم سعيد :

عودنا كثير من الطغاة على مدار التاريخ ألا يظهروا في الصورة أمام شعوبهم المستضعفة ، وإنما يتخذون أفراداً كالدمى يحركونهم لرعاية مصالحهم الخاصة ، ودائماً ما حرص الطغاة على إظهار هذه الدمى أمام شعوبهم على هيئة الفاعل الأصلى للأحداث والمحرك الرئيسى لها ، فإذا ما ثارت شعوبهم كانت الدمى كبش الفداء الأول .
وأحياناً كثيرة يترك الطغاة الفرصة للدمى للتحرك ورعاية المصالح والأهداف الخاصة بالطغاة وفق خطوط عامة للتحرك مع ترك التفاصيل للدمى ، فإذا ما أخطأت الدمى كان أمامها فرصتان إما تصحيح الخطأ ، وإما الطرد والإبعاد .
لا أستطيع أن أفهم مقالات امبراطور الحديد أو قارون القرن الواحد والعشرين بعيداً عن هذا المدخل ، وأنا أعتقد أن قارون الجديد يأخذ أكبر من حجمه إن نسبنا إليه – بإطلاق - فعلة السطو والبلطجة والسرقة – لا أقول للبرلمان – بل للحياة السياسية بمصر ، إنما هو أداة فى يد آخرين يمهدون للتوريث ولاستمرار سرقة الوطن .
قارون الجديد فى مقالاته التبريرية يحاول تصحيح خطأ اقترفه هو – أو اقترفه مستخدموه – حين زوروا وبلطجوا الانتخابات بهذه الطريقة الفضائحية التى تمت بها ، والتى جعلت من اتساع الخرق ما يعجز الراقع ليصدق عليهم قول الشاعر :
كنا نداريها وقد مزقــــت       واتسع الخرق على الراقـع
كالثوب إذ أنهج فيه البلى      أعيا على ذى الحيلة الصانع
أستطيع استيعاب أن يحلل المنهزم أسباب هزيمته على العلن ليحفظ ماء وجهه ، أو ليداري هزيمته ، أو ليكشف زيفاً عند المنتصر جعله يكسب المعركة ، أما أن يحلل المنتصر للملأ – وبهذه الطريقة السطحية الساذجة – انتصاره فهو العجب العجاب الذى يظهر حجم الكارثة التى وضع عز – أو - وضع مستخدموه أنفسهم فيها بهذا التزوير الفج .
أسائل نفسى وأتساءل معك أخى القارئ الكريم ما الذى كان سيضيرهم لو تركوا عشرة أو عشرين مقعداً للمعارضة والمستقلين فى الجولة الأولى ومثلها فى الثانية .. !!!!! ما الذى كان يمكن أن يقدمه هؤلاء – أكثر من الصوت المعارض العالى – حين يريد الطغاة سن قوانين تصب فى مصلحتهم ولو على حساب مصالح هذا الشعب المنكوب .. !!!!
مجرد الصوت العالي يفزعهم ، مع أنهم ينفذون ما يريدونه في النهاية ! وهو درس مستفاد من سياق الأحداث ومن مقالات عز التبريرية والتي حاول بها أن يخفف من وطأة الفضيحة ! خوف الطغاة من الإعلام .
والمنطق التبريرى الذى ساقه المزور لا يحتاج إلى رد ، وأنا أتمنى من كل المهتمين والذين يجيدون أداة الكتابة وأناشدهم ألا يتعرضوا لتفاهته بالرد ، لأنهم بذلك يعطونه ولو بصيصاً من شرعية ناتجة عن المناقشة ، بل إن مثله يكفيه أن يقال له يا مزور .. يا مزور .
يكفيه رداً مئات الكليبات التى ملأت الفضائيات والنت بصور تسويد البطاقات كدليل مادى منظور تراه العين رأى الحقيقة ، ويكفيه شهادات الحقوقيين والصحافيين والإعلاميين التى أصبحت – كما كنا ندرس فى علم الحديث – بالأمر المتواتر والذى يستحيل أن يتواطأ الجميع على الكذب فيه كدليل مسموع متيقن منه . كلا الدليلين المرئى والمسموع أدلة قطعية الثبوت على التزوير والبطلان .
ويكفيه أخيراً مئات الأحكام القضائية التي صدرت ببطلان مجلسه المزور كدليل واقعى حى ملموس وقطعى الدلالة على التزوير والبطلان .
 سيناريو الأحداث :
لقد أعطى مستخدمو قارون الجديد الضوء الأخضر له بألا يتكرر سيناريو 2005 من نجاح الإخوان والمستقلين ووصول صوتهم للآفاق ، وأن يعمل وسعه على تلافى ذلك ، وتركوا له تفاصيل التنفيذ أو شاركوه فيها – الله أعلم -  ، فما كان منه إلا أن ورطهم فى الفضيحة التى حاولوا أن يخففوا من وطأتها بفضيحة الجولة الثانية من تمثيلية خطف مرشح للإخوان وإنجاحه بالتزوير والتواطئ مع حفنة لم نسمع بها هى أو أحزابها من قبل ليخرجوا لنا مسلسلاً هابطا ً فضائحياً من الطراز الأول مرة ثانية .
ليأتى المحلل والمفكر الجهبذ بجرعة جديدة من تخيلاته وأوهامه يصبها علينا صباً فى جريدة يفترض أنها ملك الشعب ليخيل لنا أباطيله ، وليحاول تبرير فشله وفضيحته فى الجولتين( الأولى والإعادة ) .
نفذ قارون الجديد خطة تآمر فيها على أفراد من حزبه وثقوا فيه ومنعهم من حقهم فى الترشح إذا لم يختارهم الحزب ، ثم نزل بأكثر من مرشح فى العديد من الدوائر التى لا ينافس فيها الإخوان فى محاولة يائسة وعاجزة لترضية أولئك المرشحين ، أما فى الدوائر التى نافسه فيها الإخوان ففى أغلبها الأعم لم ينزل سوى بمرشح واحد ( على عكس كذبه فى المقالات التى جعل فيها تعدد المرشحين سبباً لتشتيت الأصوات عن الإخوان ! ) .
سلك الامبراطور سبيل البلطجة وشراء الأصوات وتسويد البطاقات عوضاً عن الناخبين .. تخيلوا سودوا البطاقات ليلاً ثم جاءوا بها فى ( أشولة وشكارات ) ليصبوها فى صناديق الانتخابات صباً .
ركز قارون الجديد على تأميم الإعلام الإخوانى الموجود على النت وحاول ضرب وغلق مواقع النت فى الجولتين الأولى والإعادة ، ظناً منه أنه بهذه الطريق سيكمم الأفواه ويدارى فضيحته ..
منع البث المباشر للفضائيات بمصر وجعلها بتصريح مسبق وترخيص ، صنع مشاكل للبرامج التى يمكن أن تخرج من تحت زمامه ولمقدميها .. وتخيل أنه بذلك حاصر الإعلام ..
لتأتيه اللطمة الكبرى فيما لم يكن يحسب له حساباً .. رجل الشارع الإعلامى .. نعم مصطلح جديد ، ولكنه يثبت تقدم الإخوان وعمق فكرهم وابتكارهم .. رجل الشارع الإعلامى ..
كل إنسان منا يمكنه أن يصور ما يراه أمامه ونغرس فيه هذا الوعى ، إذا رأى تزويراً ولو كان داخل اللجان يمكنه أن يثبته ولو بكاميرا تليفون محمول – ولا أظن لديهم القدرة على منعه هو الآخر أو مصادرته – فكانت مئات المشاهد التى صورت وتهافتت عليها وسائل الإعلام لتفضح التزوير وتكشف عواره ، فتأتى المفاجاة من حيث لم يحتسب هو ولا مستخدموه .
بعد الفضيحة والعار الذى انكشف تبارى المحللون بين محايدين وأصحاب وجهة وموقف معارض وحقوقيين وإعلاميين فى بيان الفضيحة وأسبابها وكيفيتها حتى أصبحت من المعلوم بالضرورة .
حاول الامبراطور شغل الناس وتخفيف أثر الفضيحة بإجراءات تفاوضية مع أمثال رفعت السعيد وغيره ممن لم نسمع بهم من قبل ، مع تمثيلية مرشح الإخوان مجدى عاشور .. ليأتى الإخراج الساذج من تمثيلية الاختطاف ثم العودة وعمل جولات أمنية للمرشح عوضاً عنه ثم تسويد البطاقات له فى سابقة تاريخية وحيدة وفريدة ، الحكومة تزور لمرشح الإخوان !! ، ثم إنجاح آخرين لا يعرفهم أهل دوائرهم ، فيأتى الإخراج الفضائحى والذى وسع من الخرق .
ليحين دور السيناريو الأخير فى محاولة لإنقاذ ماء وجه المزور بمقالاته الساذجة والتى اخترع فيها غرائب جعلها سبباً لفوز حزبه المزور بالانتخابات .
هذه الغرائب أترفع عن مناقشتها لسبب واحد فقط رغم تفاهتها وبساطتها وكون ما فيها يحطم بعضه البعض ، وأستطيع أن أجعل كلامه يرد على كلامه .. ولكنى لن أفعل لسبب واحد فقط هو أنى لا أريد أن أعطيه شرعية لا يستحقها بجعله طرفاً لنقاش عقلي لا يحسنه ولا يفهمه .
 اعتذار :
من هنا فإنى أعتذر إلى أصدقائى وأحبائى الذين طالبونى بالرد عليه وتفنيد حججه الواهية ، فأنا لن أرد عليه سوى بهذه المقالة العامة والتى حرصت فيها كل الحرص على ألا أناقش محتوى تبريراته رغم تفاهتها . فإنه مزور وسيظل مزور . هذا اعتذار أول .
أما الثانى فهو عن الأسلوب الذى كتبت به المقالة ، فقد حرصت على أن أقلده فى طريقته التحليلية التبريرية مع فارق أنى كنت أحكى سيناريو الأحداث بصدق لأبين كيف تم فضح تزويرهم ، أما هو فكان يخترع أحداثاً ثم يخترع لها تحليلات ، فجاءت مقالتى على هذ ا النحو ، مع وعدى بعدم العودة إلى ذلك ما استطعت إن شاء الله .
 مناشدة
وأكرر فى الختام مناشدتى لكل من قرأ مقالاته واعتزم الرد عليها بألا يفعل ، ولكن مع استمرار دوره الإيجابى فى وسمه بالمزور والسارق ..
فلقد سرق وطننا فى وضح النهار .. فلن نكف عن مناداته .. بالمزور ..

____________

[email protected]