تحولت أجواء الانتخابات في الدائرة الرابعة بمحافظة الفيوم، التي تضم مراكز أبشواي ويوسف الصديق والشواشنة، من منافسة انتخابية تقليدية إلى أزمة سياسية وإعلامية مكتملة الأركان، عقب تداول تسجيل صوتي منسوب لعبد الحميد تعيلب، عم ومدير حملة المرشح اللواء محمد تعيلب، يكشف عن كواليس مثيرة تتعلق بإدارة الحشد الانتخابي والاعتماد على وسطاء من الجمعيات الأهلية مقابل مبالغ مالية.
التسجيل، الذي انتشر على نطاق واسع بين أبناء الدائرة وعلى منصات التواصل الاجتماعي، أشعل حالة من الغضب والجدل، وفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول نزاهة العملية الانتخابية، وحدود العلاقة بين المال السياسي والعمل الأهلي، ودور الوسطاء في توجيه إرادة الناخبين.
كواليس الحشد المأجور
بحسب ما ورد في التسجيل المنسوب لمدير الحملة، فإن عدداً من ممثلي الجمعيات الأهلية حصلوا على مبالغ مالية مقابل وعود بحشد الأصوات لصالح المرشح، إلا أن تلك الوعود – وفق ما جاء في الحديث – لم تُترجم على أرض الواقع بالشكل المتفق عليه. وأشار التسجيل إلى أن هذه الجمعيات أصبحت تقود مشهد الحشد الحالي بعد أن تقاضت المقابل المادي، مع تأكيد أن “الحساب الحقيقي” سيكون مع نتائج صناديق الاقتراع وما ستسفر عنه عمليات الفرز النهائية.
هذا الطرح أعاد إلى الواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية في الانتخابات المحلية والبرلمانية، وهي مسألة شراء الأصوات، ليس بشكل مباشر هذه المرة، وإنما عبر قنوات يُفترض أنها تعمل في إطار العمل الخيري والمجتمعي، ما يثير شبهة استغلال الفقر والحاجة الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية.
دفاع مشوب بالتهديد
لم يخلُ التسجيل من لهجة دفاعية حادة، إذ أكد عبد الحميد تعيلب – وفقاً للتسجيل المتداول – أنه لم يُجبر أحداً على التعامل معه، وأن الوسطاء وممثلي الجمعيات هم من توافدوا على منزله “بمحض إرادتهم”، بحثاً عن اتفاقات انتخابية. كما شدد على أنه “ليس فريسة سهلة”، ولن يسمح لأحد بخداعه أو تحميله خسائر في المسار الانتخابي.
الأخطر في التسجيل كان حديثه عن احتفاظه بتسجيلات لجميع المكالمات التي جرت بينه وبين الوسطاء، في إشارة واضحة إلى نية استخدام تلك التسجيلات كوسيلة ضغط أو أداة محاسبة، وهو ما يعكس حجم التشابك بين المال، والوعود، والتسجيلات السرية في إدارة المشهد الانتخابي.
غضب شعبي ومطالب بالتحقيق
أثار التسريب حالة من الغليان داخل الدائرة الرابعة، حيث عبّر مواطنون ونشطاء محليون عن استيائهم مما اعتبروه “إهانة لإرادة الناخبين”، مطالبين بتدخل عاجل من الجهات الرقابية والأجهزة المعنية للتحقيق في مضمون التسجيل، والتحقق من صحته، ومحاسبة المتورطين في حال ثبوت وجود مخالفات انتخابية.
ويرى مراقبون أن خطورة القضية لا تكمن فقط في اتهام حملة بعينها باستخدام المال السياسي، بل في الإشارة إلى دور الجمعيات الأهلية كوسيط انتخابي، وهو ما قد يضرب مصداقية العمل الأهلي في الصميم، ويفتح باب الشك في أنشطة يفترض أن تكون بعيدة عن التجاذبات السياسية.
لسماع التسجيل الصوتي اضغط هنــــــــــــــا

