قررت النيابة العامة إحالة ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية بصفته رئيس الاتحاد المصري للسباحة، و7 متهمين آخرين من قيادات الاتحاد والمنظمين وطاقم الإنقاذ، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة بتهمة القتل الخطأ، على خلفية وفاة السباح الطفل يوسف محمد أحمد عبد الملك، خلال مشاركته في إحدى البطولات الرسمية.
وحددت النيابة العامة يوم الخميس الموافق 25 ديسمبر 2025، موعدًا لبدء محاكمة المتهمين، بعد انتهاء التحقيقات التي كشفت عن سلسلة واسعة من الإهمال الجسيم والتقصير الإداري والفني، الذي عرّض حياة الطفل المجني عليه، وكذلك حياة عشرات الأطفال المشاركين بالبطولة، لخطر داهم انتهى بمأساة إنسانية.
وشملت الإحالة رئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد السباحة، والمدير التنفيذي للاتحاد، ورئيس لجنة المسابقات، ومدير البطولة، والحكم العام، إلى جانب ثلاثة من أفراد طاقم الإنقاذ، باعتبارهم المسؤولين المباشرين عن تنظيم البطولة وتأمينها طبيًا وفنيًا.
وأكدت النيابة أن جميع المتهمين أخلّوا إخلالًا جسيمًا بواجبات وظائفهم، ولم يلتزموا بالقواعد التنظيمية والاحترازات الواجبة في بطولات الأطفال، وهو ما أدى إلى وقوع الحادث المأساوي.
وكشف تقرير مصلحة الطب الشرعي البيولوجي، الذي فحص العينات المأخوذة من جسد الطفل، عن خلو الجثمان من أي مواد مخدرة أو سامة، وعدم وجود أي شبهة جنائية أو اعتداء خارجي، قاطعًا الطريق أمام أي تفسيرات مغايرة لأسباب الوفاة.
وبسؤال مصلحة الطب الشرعي، ثبت أن الوفاة حدثت نتيجة غرق الطفل في مياه المسبح بعد سقوطه إلى القاع وبقائه لفترة زمنية كافية لإحداث اختناق مائي، أدى إلى توقف عضلة القلب وفشل كامل في وظائف التنفس.
وأوضحت التحقيقات أن الطفل تعرض لمحاولات إنعاش طبي فور انتشاله، لكنها لم تفلح في إنقاذه، نظرًا لطول فترة بقائه فاقدًا للوعي داخل المياه، وهو ما أكدته شهادات الأطباء والمسعفين، إلى جانب أقوال عدد من أولياء الأمور، بينهم طبيب استشاري متخصص في قلب الأطفال.
وتوافقت هذه الشهادات مع ما انتهت إليه التحقيقات الفنية والتصويرية التي أجرتها النيابة لمحاكاة كيفية وقوع الحادث، والتي أثبتت غياب الرقابة الفعلية داخل المسبح وقت الحادث.
وكشفت استجوابات النيابة لرئيس وأعضاء مجلس إدارة اتحاد السباحة عن مفاجأة صادمة، تمثلت في عدم تمتع الغالبية العظمى منهم بالخبرة والدراية الكافية بالقواعد الفنية والتنظيمية لإدارة مسابقات السباحة، رغم كونهم المسؤولين المباشرين عن هذه الرياضة.
وأكد أولياء أمور السباحين المشاركين، وكذلك مسؤولو المسابح المستضيفة للبطولة، وجود عشوائية شديدة في التنظيم، وعدم تناسب أعداد المشاركين مع المساحات المتاحة داخل المسبح، سواء في فترات الإحماء أو أثناء المنافسات، ما تسبب في حالة فوضى خطيرة داخل منشأة يفترض أنها مؤمنة للأطفال.
إهمال جسيم داخل وزارة الشباب والرياضة
ولم تتوقف تداعيات القضية عند حدود اتحاد السباحة، إذ قررت النيابة العامة إرسال صورة كاملة من التحقيقات إلى وزارة الشباب والرياضة، لتحملها مسؤوليتها في اتخاذ الإجراءات الإدارية والتنظيمية اللازمة، في ضوء قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017 وتعديلاته.
وأشارت التحقيقات إلى وجود إهمال جسيم في تنفيذ القرارات الوزارية، وعلى رأسها القرار رقم 1642 لسنة 2024، الخاص بالإجراءات الطبية الواجبة قبل مشاركة الرياضيين في البطولات، وهو القرار الذي تم تجاهله من قبل اتحاد السباحة ونادي الزهور الرياضي، الذي شارك بلاعبيه في البطولة دون الالتزام الكامل بتلك الضوابط.
وأكدت النيابة العامة أن الأدلة القولية والفنية والرقمية، إلى جانب المحاكاة التصويرية، تساندت جميعها لإثبات صحة الاتهام المنسوب للمتهمين، وتحميلهم المسؤولية الجنائية الكاملة عن وفاة الطفل يوسف محمد، وتعريض حياة باقي الأطفال المشاركين بالبطولة للخطر.

