فيما بلغ الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا ذروته خلال الأسابيع الأخيرة مع تبادل التصريحات بينهما، قال موقع "ميدل إيست مونيتور"، إن سد النهضة يمثل بالنسبة لإثيوبيا الفرصة لانتشال ملايين السكان من براثن الفقر، بينما يمثل بالنسبة لمصر، التي تعتمد على نهر النيل في 90 بالمائة من إمداداتها المائية، تهديدًا وجوديًا لحياة 100 مليون مواطن.
وأضاف: "منذ بدء أعمال بناء سد النهضة عام 2011، تسبب السد في توتر العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا. وتتابع مصر بقلق متزايد قيام إثيوبيا بملء خزان السد الضخم دون اتفاق ملزم بشأن تصريف المياه خلال فترات الجفاف. وقد انهارت المفاوضات السابقة مرارًا وتكرارًا، حيث طالبت مصر بضمانات ملزمة قانونًا، بينما أصرت إثيوبيا على الاحتفاظ بسيادتها على عمليات تشغيل السد".
قراءة في تصريحات السيسي
وعلق الموقع على تصريح قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بأن مصر "لم تُصدر أي تهديدات قط"، قائلاً إنه يستدعي تحليلاً دقيقًا، مشيرًا إلى أن مصر امتنعت مصر بالفعل عن توجيه إنذارات عسكرية صريحة، إلا أن أفعالها كانت أبلغ من أي كلام.
ولفت في هذا السياق إلى المناورات العسكرية رفيعة المستوى التي أجرتها مصر قرب الحدود الإثيوبية، وعززت علاقاتها مع خصوم إثيوبيا، واستندت مراراً وتكراراً إلى "حقوقها التاريخية" في مياه النيل استناداً إلى معاهدات تعود إلى الحقبة الاستعمارية لم توقعها إثيوبيا قط.
ورأى أن تركيز السيسي على "عدم التدخل" يبدو أجوفًا في نظر العديد من المراقبين. فقد اتُهمت مصر بدعم جماعات المعارضة في إثيوبيا خلال نزاعاتها الأهلية الأخيرة، وضغطت بنشاط على شركائها الدوليين للضغط على إثيوبيا بشأن قضية السد.
وقال الموقع: "في العام الماضي فقط، وقّعت مصر اتفاقيات دفاعية مع عدة دول من أعالي النيل، وهي خطوات فُسّرت على نطاق واسع على أنها محاولات لتطويق إثيوبيا دبلوماسيًا".
الوقت يدق
فيما شدد الموقع على أن ما يجعل لهجة السيسي التصالحية ذات أهمية بالغة هو توقيتها، فالتغير المناخي يُفاقم ندرة المياه في المنطقة، مع تزايد عدم انتظام تدفق النيل، ومواجهة مصر عجزًا مائيًا قدره 20 مليار متر مكعب سنويًا، وتشير التوقعات إلى أنه قد يتضاعف بحلول عام 2050. في غضون ذلك، واصلت إثيوبيا ملء خزان سد النهضة، حيث أنجزت المرحلة الرابعة من الملء عام 2023 رغم اعتراضات مصر.
ورأى أن تداعيات هذه الأزمة تتجاوز حدود هاتين الدولتين بكثير. فكيفية حل القاهرة وأديس أبابا لنزاعهما قد تُرسّخ سوابقَ للنزاعات المائية في جميع أنحاء العالم. ومع جفاف الأنهار وتزايد عدد السكان، تُقدّم أزمة النيل لمحةً عن حروب الموارد في القرن الحادي والعشرين، متسائلاً: "فهل سيسود القانون الدولي، أم ستُهيمن القوة على تحديد من يسيطر على المياه العابرة للحدود؟".
اختبار لوحدة أفريقيا
واعتبر أن الأكثر إثارة للقلق هو ما يكشفه هذا الصراع عن عجز المؤسسات الأفريقية عن التوسط بين الدول الأعضاء. فقد أظهرت إخفاقات الاتحاد الأفريقي المتكررة في التوصل إلى اتفاق دائم قصور البنية التحتية الدبلوماسية للقارة في التعامل مع النزاعات الوجودية المتعلقة بالموارد.
مما دفعه إلى التساؤل: "إذا كانت أفريقيا عاجزة عن إدارة أزمة النيل، فكيف ستتعامل مع النزاعات المائية المتلاحقة التي سيجلبها تغير المناخ حتمًا؟".
مع ذلك، قال الموقع إن التقارب الدبلوماسي للسيسي قد يُمثل رغبةً صادقةً في إعادة ضبط العلاقات، أو قد يكون مجرد مناورة تكتيكية أخرى في لعبة شطرنج إقليمية طويلة الأمد. لكن مع مرور كل فصل، تضيق نافذة الحل السلمي.
وتساءل في النهاية: "هل ستنجح "سياسة مصر الثابتة" في السعي إلى اتفاق مُلزم حيث فشلت سنوات من التهديدات والضغوط؟ أم أن النيل، أقدم أنهار البشرية، سيصبح مصدر صراعها الجديد؟".
https://middleeast24.org/egypt-seeks-legal-agreement-on-ethiopian-dam-amid-tensions/

