يشير الذكاء العاطفي إلى قدرة الإنسان على فهم مشاعره والتحكم فيها، وفي الوقت نفسه قراءة مشاعر الآخرين واستيعاب تأثيرها في السلوك والعلاقات. يضم هذا النوع من الذكاء خمسة عناصر رئيسية: الوعي بالذات، ضبط النفس، الدافعية، التعاطف، والمهارات الاجتماعية.

 

يدرك الشخص صاحب الذكاء العاطفي المرتفع ما يشعر به، ولماذا يشعر به، وكيف تؤثر هذه المشاعر في أفعاله وفي من حوله. يصعب التحكم المباشر في مشاعر الآخرين، لكن يتيسر فهم دوافعهم العاطفية، مما يساعد على اختيار أسلوب تواصل أكثر حكمة وفاعلية.

 

ويلفت موقع مينتال هيلث أميركا إلى أن الذكاء العاطفي يتقاطع بقوة مع مهارات التعامل مع الناس، خاصة في مجالي إدارة الخلاف والتواصل، وهما ركيزتان أساسيتان في أي بيئة عمل ناجحة. يضبط الموظف القادر على تنظيم مشاعره تصرفاته، ويتجنب القرارات المتسرعة، ويفكر بعقلانية قبل أن يتحرك.

 

يعزز التعاطف روح الفريق، ويجعل الآخرين يشعرون بأنهم مسموعون ومفهومون. يبدأ الوعي الحقيقي من إدراك المشاعر الداخلية وعدم السماح لها بقيادة السلوك بطريقة سلبية، ثم الانتقال إلى خطوات عملية أكثر إنتاجية.

 

الذكاء العاطفي في قلب بيئة العمل

 

يلعب الذكاء العاطفي دورًا محوريًا في العلاقات المهنية اليومية. يفهم الموظف الواعي عاطفيًا لغة المشاعر غير المعلنة خلف الكلمات، فيستطيع التعامل مع الزملاء والعملاء بطريقة تقلل التوتر وتزيد التعاون. يظهر أثر ذلك واضحًا عند إدارة الخلافات، حيث يهدئ هذا النوع من الذكاء حدّة المواقف ويحول الصراع إلى فرصة للفهم والتطوير.

 

يتحكم الفرد في انفعالاته، فيتجنب الردود الغاضبة، ويختار كلمات أكثر اتزانًا. ينعكس ذلك على جودة القرارات، إذ يقل الاندفاع ويزداد التفكير المنطقي. في الوقت نفسه، يمنح هذا الفهم العاطفي قدرة على احتواء مشاعر الآخرين واحترام اختلافاتهم وظروفهم، فينشأ مناخ أكثر أمانًا وتقبلًا في مكان العمل.

 

القيادة الواعية بالمشاعر

 

ترتبط القيادة الفعالة غالبًا بدرجة عالية من الذكاء العاطفي. يحتاج القائد إلى وعي ذاتي يسمح له بالنظر إلى الأمور بموضوعية، والتعرف على نقاط القوة والضعف دون إنكار أو مبالغة. يظهر التواضع كجزء أساسي من هذه العملية، لأن الاعتراف بالقصور يفتح باب التعلم والتطوير المستمر.

 

في الوقت نفسه، يتوازن الوعي الذاتي مع التعاطف مع الآخرين. يشعر الموظفون بالتقدير عندما يلمسون اهتمامًا حقيقيًا بمشاعرهم واحتياجاتهم، ولا ينعكس ذلك فقط على مزاجهم العام، بل ينعكس أيضًا على مستوى إنتاجيتهم والتزامهم. يقود الذكاء العاطفي إلى بيئة عمل يشعر فيها الجميع بأنهم مهمون، وأن مشاعرهم لا تُهمَل.

 

طرق عملية لتنمية الذكاء العاطفي

 

يتطوّر الذكاء العاطفي مع التدريب الواعي والممارسة اليومية. يبطئ الفرد رد فعله عند الغضب، ويجلس مع شعوره قليلًا قبل أن يرد. يحاول أن يفهم سبب غضبه، وهل ينشأ من تصرف شخص آخر أم من تجربة داخلية أعمق. يعطي هذا التوقف القصير مساحة للعقل كي يتدخل بدلًا من الانفعال.

 

يفكر الإنسان في نقاط قوته وضعفه بصدق، ويدرك أن الكمال وهم، وأن طلب المساعدة أو تقديمها سلوك صحي لا يدل على نقص. يراقب الإشارات غير اللفظية عند الآخرين، مثل نبرة الصوت وتعابير الوجه، فيلتقط التردد أو القلق حتى لو لم يُصرّح به. يطوّر مهارات التواصل، فيختار كلمات واضحة ومباشرة، ويركز على جوهر الفكرة دون تشتيت، ويمنح من أمامه كامل انتباهه عند الحديث.

 

بهذه الخطوات الصغيرة، يتشكل وعي أكبر بالذات والآخر. ومع الوقت، يتحول الذكاء العاطفي من مفهوم نظري إلى أسلوب حياة ومفتاح لنجاح مهني وإنساني أعمق.

 

https://mhanational.org/resources/what-is-emotional-intelligence-and-how-does-it-apply-to-the-workplace/