شهدت أزمة العاملين بالشركة الحديثة للغاز الطبيعي "مودرن جاس" انفراجة محدودة، بعد قرار النيابة العامة بمحافظتي سوهاج وقنا إخلاء سبيل عدد من العمال المقبوض عليهم، بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه لكل منهم، عقب مشاركتهم في إضراب واسع للمطالبة بتحسين أوضاعهم الوظيفية وإنهاء نظام العمل "من الباطن". وعلى الرغم من الإفراج، فإن الأزمة ما زالت أبعد ما تكون عن الحل، وسط استمرار الغضب بين العمال وتضارب المعلومات بشأن أعداد المحتجزين.
اتفاق “مقايضة” تحت أعين الأمن
بحسب شهادات عاملين تحدثوا لوسائل إعلام محلية، جاء قرار الإفراج في إطار ما وصفوه بـ"اتفاق برعاية الأمن" يقضي بإنهاء الإضراب في عدد من المواقع مقابل خروج زملائهم المحتجزين، رغم استمرار المحاضر التي تقدمت بها الشركة ضد العمال، متهمةً إياهم بـ"التحريض على الإضراب، والتخريب، وإلحاق خسائر بالشركة نتيجة تعطيل العمل".
ووفق شهادة أحد العمال، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لم تُبدِ إدارة "مودرن جاس" أي نية لسحب البلاغات حتى الآن، ما يثير قلق العاملين بشأن استمرار الملاحقات القانونية، رغم الضغوط التي مورست لإجبارهم على تعليق الإضراب في بعض المواقع الأحد الماضي.
تضارب في أعداد المقبوض عليهم
يتحدث العمال عن حالة ارتباك كبيرة في معرفة الأعداد الدقيقة لزملائهم المقبوض عليهم، نظرًا لتنفيذ عمليات توقيف متفرقة. فبينما جرت بعض عمليات القبض من مواقع العمل، يقول عمال آخرون إن زملاء لهم جرى توقيفهم من منازلهم في سوهاج وقنا يوم الجمعة الماضي. كما تمت مداهمة آخرين أمام فرع الشركة بقنا يوم الأحد.
وأكد العمال أنهم يتواصلون مع محامين وذوي المحتجزين للتأكد من شمول قرار إخلاء السبيل لجميع العمال، وسط مخاوف من بقاء بعضهم قيد الاحتجاز.
مطالب عمالية متراكمة
يرى عمال "مودرن جاس" أن جوهر الأزمة يعود لنظام “عقود الباطن” الذي يعملون من خلاله لصالح شركة "المؤسسة العربية للتوريدات والمقاولات". ويؤكدون أن رواتبهم يتم اقتطاع أكثر من 25% منها لصالح الشركة الوسيطة، إلى جانب حرمانهم من التأمينات والحقوق المتعلقة بالإجازات الرسمية والمرضية والعارضة.
ويعتبر العمال أن الحل العادل للأزمة هو تحرير عقود مباشرة معهم من "مودرن جاس"، أسوة بزملاء آخرين يعملون داخل الشركة ذاتها.
انتقادات حقوقية واسعة
أثارت الأزمة موجة تضامن حقوقية، إذ أعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات دعمها الكامل لمطالب العمال، معتبرة أن تجاهل تطبيق معايير العمل داخل شركات مملوكة للدولة يفتح الباب أمام شركات القطاع الخاص للتوسع في الانتهاكات بلا رادع.
وفي السياق ذاته، وصفت دار الخدمات النقابية والعمالية استمرار العمل بنظام عقود الباطن بأنه "بيئة خصبة للاستغلال"، منددةً باستخدام الإجراءات الأمنية في مواجهة احتجاجات سلمية مرتبطة بالمطالب المهنية الأساسية. وطالبت الدار بالإفراج الفوري عن جميع العمال، ووقف العمل بنظام الباطن، وتثبيت العاملين بشكل مباشر.
خلفية عن الشركة
تعمل "مودرن جاس" تحت مظلة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" التابعة لوزارة البترول، بعد دمج ثلاث شركات هي "غاز الأقاليم"، "سيناء للغاز"، و"غاز القاهرة". وتُعد الشركة من أبرز الكيانات العاملة في توصيل وتركيب وصيانة شبكات الغاز للمنازل والمنشآت، وشاركت في أعمال عدة بمشروعات قومية كالعاصمة الإدارية ومدينة العلمين الجديدة.

