لا زالت وقائع التحرش والاعتداءات الجنسية التي تعرض لها عدد من الأطفال في إحدى مدارس اللغات بمنطقة العبور تثير جدلاً وانتقادات واسعة في مصر، على ضوء ما كشفته نتائج التحقيقات في الجرائم الأخلاقية التي هزت الشارع المصري. 

 

وتثير جرائم التحرش الجنسي بالأطفال التي باتت تتكرر من وقت لآخر ردود فعل غاضبة في مصر، وكان من اللافت حدوثها في أكثر من مدرسة مما أثار مخاوف جدية على سلامة الأطفال، وسط مطالبات بتغليط العقوبة على المتورطين فيها. 

 

واحدة من أبرز جرائم الاعتداء والتحرش الجنسي كانت ضحيتها ما عُرف إعلاميًا بقضية "طفل دمنهور" الذي الذي لم يتجاوز السادسة من عمره، والذي تعرّض للاغتصاب لفترة طويلة من قبل أحد العاملين في مدرسة خاصة بمحافظة البحيرة.

 

أما آخرها فشهدته مدرسة سيدز الدولية للغات بالعبور، حيث أفاد أولياء أمور 6 طلاب وطالبات بتعرض أطفالهم للتحرش والاعتداء الجنسي داخل إحدى الغرف بالمدرسة، تحت تهديد السلاح.

 

وعلى إثر ذلك، أصدر وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب، محمد عبداللطيف، قرارًا بوضع المدرسة تحت إشراف الوزارة بالكامل، في الوقت الذي لا زالت فيه جهات التحقيق تباشر التحقيق مع المتهمين.

 

جرائم منحطة ترفضها الأديان 


وأصدر الأزهر بيانًا أعرب فيه عن قلقه البالغ وحزنه الأليم إزاء ما تداولته الأنباء خلال الفترة الأخيرة من حوادث التحرش بأطفالنا الأبرياء وانتهاك حرماتهم والمساس بشرف عائلاتهم، على أيدي عصابات مجرمة تجرَّدت من كل معاني الرحمة والإنسانية، وضربت عرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية.

 

وقال الأزهر إن "هذا التحرش الخسيس الدنيء بالأطفال الأبرياء إنما هو جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع، وتقزز منها الذوق الآدمي والشعور الإنساني منذ القدم وحتى اليوم، ثم هو أيضًا جريمة مكتملة الأركان ليس فقط في حق الضحايا من الأطفال وأسرهم، بل في حق المجتمع بأكمله، بسبب ما تشيعه من رعب وخوف في مشاعر الأسر والعائلات، والأذى الجسدي والنفسي الذي يلحق كل أفراد الأسرة، فضلًا عن كونها جريمة شنعاء تناقض الفطرة الإنسانيَّة السَّليمة التي فطر الله الناس عليها من حب الأطفال والحنوِّ بهم وحمايتهم وصون كرامتِهم".

 

واستصرخ الأزهر الهيئات التَّشريعية مطالبًا بالنَّظر في تغليظ عقوبة التحرش بالأطفال إلى أقصى عقوبة تسهم في القضاء على هذه الجريمة، وبما يردَع هؤلاء المجرمين الذين ليس لهم مثيل حتى في عالم الأحراش والوحوش، والوقوف بالمرصاد لمافيا عصابات التحرش بالأطفال، الذين يتخذون من الاعتداء على أطفالنا وقتل براءتهم؛ متعةً قذرة وتجارةً نجسة في عالم الظلام والفوضى.

 

وشدد على ضرورة التَّكاتف من أجل تقديم الدعم النفسي للأطفال الأبرياء الذين تعرَّضوا للتحرش، والعمل على تأهيلهم نفسيًّا واجتماعيًّا ومساعدتهم على تجاوز تلك الصدمة العميقة التي لا يد لهم فيها، واستعادة شعورهم بالأمان والطُّمأنينة، والاستعانة في ذلك بالمختصين من علم النفس والاجتماع وعلماء الأديان، لاستعادة ثقتهم بأنفسهم وبالمجتمع من حولهم.

 

كما طالب الأزهر الآباءَ والأمهات بمزيد من التيقُّظ لسلوك أبنائهم واحتوائهم، والتحدث معهم بشكل دوري، ورفع وعيهم بضرورة الإبلاغ عن أيِّ سلوكيات غريبة والإفصاح عنها دون خوف أو خجل، وتدخل الدولة بتشريعات حاسمة للمراقبة الصارمة للبيئة الرقمية التي يتعامل معها الأطفال، لحمايتهم من خطر الاستغلال الإلكتروني، ومن هذه التجارة التي تُحرمها المسؤولية الإنسانية والدينية والمجتمعية.

 

وفي عام 2023، غلظ مجلس النواب، العقوبة على مرتكبي جريمة التحرش في أماكن العمل أو وسائل النقل. وشددت التعديلات العقوبة على مرتكبي التحرش لتصل إلى 10 سنوات في بعض الحالات المشددة، منها استخدام سلاح أبيض في الجريمة مع وقوعها في محل العمل. 

 

تطبيق أقصى العقوبات


وقال المجلس القومى للطفولة والأمومة، إنه سيتخذ حزمة إجراءات تتضمن إعداد مشروع تعديل تشريعي لعرضه على البرلمان، يهدف إلى تعزيز الردع وتطبيق أقصى العقوبات على كل من يرتكب انتهاكًا بحق أى طفل.
 

تشير الإحصاءات الصادرة عن المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر، إلى ارتفاع بلاغات التحرش بالأطفال بنسبة 35 في المئة خلال العامين الماضيين.

 

ووفق رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة سحر السنباطي، فإن المجلس رصد خلال الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في البلاغات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية والتحرش بالأطفال، خاصة عبر خط نجدة الطفل.

 

وربطت بين هذه الزيادة وارتفاع الوعي وشجاعة الأسر في الإبلاغ، وتوسع حملات التوعية، وتحسن آليات الرصد، وليس بالضرورة بارتفاع معدل الجريمة.

 

وأشارت إلى أن بعض الوقائع داخل المدارس ترجع إلى قصور في أنظمة الحماية، مثل غياب الرقابة أو وجود غرف مغلقة غير مؤمنة أو عدم تفعيل سياسات الحماية بشكل فعال.