قال المركز العربي - واشنطن سي دي، إن انتخابات مجلس النواب التي تشهدها مصر هذه الأيام تهدف في الأساس لتمديد الحكم الاستبدادي لنظام السيسي، حيث سيعمل المجلس لمدة خمس سنوات، وسيدير عملية انتخاب خليفة له أو تعديل الدستور المصري للسماح له بالبقاء في منصبه بعد انتهاء ولايته الحالية والثالثة في عام 2030. 

 

وأضاف: "في كلتا الحالتين، للسيسي والنظام مصلحة واضحة في ضمان دعم النواب للوضع الراهن؛ إذ يُشكل مرشحو المعارضة مصدر إزعاج للحكم الاستبدادي، ومعظمهم ممنوعون من الترشح".

 

وأشار إلى أن قانون الانتخابات المصري، الذي يُطبّق مبدأ "الفائز يأخذ كل شيء" يسمح للائتلافات والأحزاب والأفراد الموالين للنظام بالهيمنة على الانتخابات. 

 

أحزاب المعارضة

 

في المقابل، رأى أن أحزاب المعارضة لا تملك أي فرصة تُذكر لتحدي قوائم الأحزاب أو المرشحين الذين رشّحهم أنصار النظام بنجاح، وذلك لعدة أسباب، منها القمع الواسع، والتكلفة الباهظة للترشح، والمتطلبات الإدارية والصحية للترشح، والتحيز للنظام داخل القضاء الذي يُشرف على العملية الانتخابية. 

 

وذكر أنه في انتخابات مجلس الشيوخ التي أُجريت في أغسطس 2025، فازت "القائمة الوطنية من أجل مصر"، وهي ائتلاف موالٍ للنظام، بـ 175 مقعدًا من أصل 200 مقعد مُتنافس عليها في المجلس. 

 

ومع تعيين السيسي لأعضاء مجلس الشيوخ المائة الآخرين، ضمن هذا الفوز سيطرة النظام الساحقة على المجلس. ومن المتوقع أن تُسفر الجولة الحالية من الانتخابات التشريعية حتمًا عن نتيجة مماثلة، وفق التقرير.

 

وتأتي انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب في ظل استمرار النظام المصري في اعتقال الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتقييد حريتي التجمع والتعبير. بل إن الحكومة منعت المصريين من الاحتجاج على الإبادة الجماعية "الإسرائيلية" المستمرة في غزة. 

 

في يونيو 2025، اعتقلت السلطات واحتجزت مصريين وأجانب كانوا يستعدون للتظاهر في رفح للمطالبة بإنهاء حصار "إسرائيل" للقطاع. ورُحِّل الأجانب بإجراءات موجزة، وتعرض أحد النشطاء المحليين للتعذيب في السجن، بحسب التقرير.

 

تعزيز استبداد النظام

 

وعلى ضوء ذلك، رأى المركز العربي – واشنطن سي دي، أنه لن يكون على رأس البرلمان الجديد التمديد المحتمل لحكم السيسي فحسب، بل من المرجح أن يكون شريكًا راغبًا في تعزيز استبداد النظام بشكل أكبر. 

 

وقال إن الجيش المصري، الذي خرج منه السيسي لقيادة انقلاب عام 2013 ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيًا الوحيد في البلاد يتمتع بنفوذ غير مقيد في السياسة والاقتصاد المصريين لعقود. 

 

وأشار إلى أنه من غير المرجح أن يتغير هذا الواقع في المستقبل القريب. حيث يمنح الجيش دورًا بارزًا في الاقتصاد، إن لم يكن مهيمنًا، وهو ما ندد به صندوق النقد الدولي مؤخرًا باعتباره يزاحم المشاريع الخاصة و"يشوه السوق". 

 

في يناير 2024، منح مجلس النواب الجيش المزيد من السلطة عندما أقر قانونًا يوسع سلطة المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، مما أدى إلى مزيد من تآكل الحقوق المدنية للمصريين وسيادة القانون التي ينبغي أن تحميهم.

 

ورصد التقرير إجراء الانتخابات التشريعية في مصر في وقت تعاني فيه البلاد من دين عام هائل – 87 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي - ومعدل بطالة رسمي يبلغ 7.4 بالمائة (مع احتمال أن يكون الرقم الفعلي أعلى بكثير)، وارتفاع حاد في معدل التضخم بنسبة 20 بالمائة، من بين مشاكل أخرى. 

 

الرأسمالية المحسوبية 

 

ورأى أنه من غير المرجح أن تتحسن هذه المؤشرات الاقتصادية طالما استمرت الرأسمالية المحسوبية في مصر. والأهم من ذلك، يصعب تصور كيف سيُغير الأعضاء المنتخبون في مجلسي الشورى والنواب القادمين أسس النظام في حين أن الغالبية العظمى من أنشطتهم التجارية تستفيد من الفساد المستشري.

 

في ظل التحديات الداخلية والإقليمية المتزايدة التعقيد التي تواجهها مصر، ومع انزلاق اقتصادها إلى أزمة أعمق، توقع التقرير أن يرضى السيسي بسلطة تشريعية مرنة لا تُشكك في سلطته. 

 

وأوضح أن الانتخابات الحالية تبشر بمجلس تشريعي يعكس الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الراهن ويُرسّخه. 

 

ومثل غيرها من الانتخابات في النظام السياسي المصري المُحكم، خلص إلى أن إن هذه الانتخابات ليست سوى محاكاة دورية أخرى للديمقراطية، تُحاول خداع العالم وإيهامه بأن نظام السيسي الاستبدادي يُعنى فعلاً بآمال الشعب المصري وتطلعاته.

https://arabcenterdc.org/resource/egyptian-democracy-is-what-sisi-makes-of-it/