من يصدق أنه لازال هناك حتى الآن قرى في مصر لم يدخلها الصرف الصحي، وهو أمر إن دل فإنما يدل على حالة التهميش التي عانت منها تلك القرى على الرغم من تعاقب الرؤساء والحكومات، دون أن يكون لها نصيب من اهتماماتها في إدخال الصرف الصحي إليها، والذي هو أبسط حقوق المواطن. 

 

ثلاثة أرباع القرى المصرية لايوجد بها شبكة صرف صحي 

 

وفقًا لبيانات المسح الشامل لخصائص الريف المصرى الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء في ديسمبر 2015، فإن ثلاثة أرباع القرى المصرية لايوجد بها شبكة صرف صحي عاملة.

 

شمل المسح نحو 4655 قرية موزعة بواقع 12 قرية بالمحافظات الحضرية و2700 قرية بمحافظات الوجه البحري و1754 قرية بالوجه القبلي و189 قرية بالمحافظات الحدودية.

 

وأظهر المسح أن 66.3 بالمائة من القرى تحتاج لرصف طرقها بينما يحتاج 59.4 بالمائة منها لإنشاء مدارس جديدة و40.5 بالمائة تحتاج لإنشاء مستوصفات للعلاج، كما أن حوالي ثلث القرى في حاجة لإقامة ناد ثقافي ومخابز ومراكز شباب وفصول محو الأمية.


وكشف المسح أن 6 بالمائة من القرى فقط متوافر بها مستشفيات حكومية، و50.7 بالمائة من إجمالى القرى تتخلص أسرها من القمامة عن طريق تجمعيها من المنازل فى حين أن 17.4 بالمائة منهم تلقى بها فى الشوارع و5.9 بالمائة تتخلص منها عن طريق الصناديق العامة، بينما يلجأ   12 بالمائة من الأسر لحرقها.

 

القرى تعاني من قلة الخدمات

 

وعلى الرغم من أنه مضى 10 سنوات على المسح، إلا أن الحال يبقى هو عليه في الغالبية العظمى من القرى المصرية، على الرغم من الإعلان إدخال الصرف الصحي إلى آلاف القرى في إطار مشروع "مبادرة كريمة".

 

فالوضع يتدهور من سيء إلى أسوأ، والخدمات الأساسسية تكاد تكون معدومة في الريف المصري عمومًا، التي لم تجد يد الاهتمام والرعاية حتى الآن على الرغم من محاولة التظاهر والادعاء بإيلاء الاهتمام بها وإمدادها بالمرافق والبنى التحتية. 

 

هذا يجعل من الحياة في الريف صعبة إلى حد كبير، بخاصة في القرى والنجوع التي تبعد بمئات الكيلومترات عن القاهرة، ولا يجد سكانها أمامهم سوى اللجوء إلى العاصمة للعلاج بالمستشفيات. 

 

ويمكن من خلال تفحص وجوه المترددين على المستشفيات الحكومية والعامة في القاهرة أن تسكتشف بسهولة، أن غالبية المرضى قادمون من محافظات تفتقر إلى الخدمات الطبية والعلاجية، مما يدفع سكانها إلى السفر وربما يوميًا إلى القاهرة للعلاج.

 

تساؤلات مشروعة

 

وهو ما يطرح التساؤل: إلى متى يتم تهميش القرى في مصر؟، ومتى تجد الاهتمام من الدولة؟، ومتى يستشعر سكانها بآدميتهم؟، ومتى لا تفرق الدولة بين مواطن يقيم في المدينة وآخر يسكن في الريف؟.

 

فمعظم الخدمات تكون من نصيب المناطق الحضرية في مصر، مقابل التجاهل والإهمال التام للوضع في القرى، وكأن سكانها مواطنون من الدرجة الثانية لا يستحقون الاهتمام، ولا يجب أن تشملهم مظلة الخدمات الأساسية.

 

ويمثل هذا أحد الأسباب والدوافع القوية لسكان القرى في مصر للهجرة إلى القاهرة، للعمل والإقامة فيها، وهو ما يجعل منها دولة صغيرة تضم ملايين النازحين إليها، والذين يتحولون إلى بؤر عشوائية تشكل ضغطًا على شبكة الخدمات الحكومية.