في خطوة وُصفت بأنها انتصار رمزي وإنساني، منحت نقابة المحامين الدولية لحقوق الإنسان (IBA) جائزتها السنوية للمحامية المصرية المعتقلة هدى عبد المنعم، تقديرًا لدورها البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان، رغم مرور أكثر من سبع سنوات على اعتقالها. ويُنظر إلى هذا التكريم بوصفه إقرارًا دوليًا بمكانتها الحقوقية، وإدانة ضمنية لاستمرار حبسها، فضلًا عن كونه ضغطًا معنويًا وسياسيًا على السلطات المصرية أمام الرأي العام العالمي، وإن كان لا يضمن الإفراج عنها مباشرة.

 

اعتراف دولي بمظلومية هدى عبد المنعم

 

رحب حقوقيون ومنظمات مدنية بالقرار، معتبرين أن منح الجائزة لمحامية تقبع خلف القضبان منذ عام 2018 هو إشارة قوية إلى تضامن المجتمع القانوني الدولي مع نضالها الحقوقي. فالجائزة، المخصصة لتكريم المساهمات المتميزة في الدفاع عن حقوق الإنسان، تعكس قناعة راسخة بأن هدى عبد المنعم تمثل رمزًا للثبات والمبدأ في مواجهة القمع والانتهاكات.

 

ويرى مراقبون أن هذا التكريم يُعد بمثابة إدانة ضمنية للانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها، من الإخفاء القسري إلى الحبس المطول وتدهور حالتها الصحية، وهي وقائع وثّقتها منظمات دولية عديدة. كما أن منْح الجائزة من نقابة تضم أكثر من 80 ألف محامٍ من 190 دولة يُبرز اتساع دائرة التضامن المهني العالمي مع قضيتها.

 

الجائزة بين التكريم والضغط السياسي

 

ورغم أن الجائزة لا تحمل طابعًا إلزاميًا قانونيًا للإفراج، فإنها تُعد أداة ضغط قوية في الحملات الحقوقية الدولية. فمثل هذه الجوائز غالبًا ما تدفع مؤسسات مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى إصدار بيانات رسمية أو ممارسة ضغوط دبلوماسية على الحكومات المعنية.

 

ويرى ناشطون أن تكلفة استمرار احتجازها سياسيًا تتضاعف مع كل تحرك حقوقي أو إعلامي دولي، خاصة إذا دعمتها نقابات محامين محلية ودولية في حملات تضامن منسقة.

 

لكن في ظل غياب الإرادة السياسية الداخلية، تبقى فعالية هذا الضغط مرهونة بتحويل الاعتراف الرمزي إلى تحرك جماعي مستمر، يربط بين التقدير الدولي والمطالبة الميدانية الفاعلة بالإفراج عنها.

 

جوائز نقابة المحامين الدولية: منصة للاعتراف والفضح

 

تُعد نقابة المحامين الدولية (IBA) من أبرز الكيانات القانونية العالمية، ومقرها لندن، المملكة المتحدة. وتمنح النقابة ثلاث جوائز أساسية:

 

جائزة المساهمة البارزة في حقوق الإنسان: وهي الجائزة التي حصلت عليها هدى عبد المنعم، وتُمنح لمن قدّم إسهامات استثنائية في الدفاع عن القيم الحقوقية.

 

جائزة العمل القانوني التطوعي (Pro Bono Award): تكريم للمحامين الذين يقدمون خدمات قانونية مجانية للفئات المهمشة.

 

جائزة المحامي الشاب المتميز: تمنح للمحامين دون 35 عامًا الذين أظهروا تميزًا مهنيًا والتزامًا أخلاقيًا لافتًا.

 

ومن المقرر أن يُقام حفل تسليم الجوائز لعام 2025 خلال المؤتمر السنوي للنقابة في مركز تورونتو للمؤتمرات في كندا بين 2 و7 نوفمبر 2025، حيث ستتسلم الجائزة نيابة عنها ابنتها جهاد خالد.

 

تضامن محلي ودولي متجدد

 

رحبت منظمات عدة، منها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، بهذا التكريم، واعتبرته فرصة لإعادة تسليط الضوء على معاناة هدى عبد المنعم داخل السجن. كما أعادت حملة الحرية لهدى عبد المنعم نشاطها، داعية إلى تحرك حقوقي واسع يربط الجائزة بمطلب الإفراج.

 

وأكدت منصة "الموقف المصري" أن فوزها بالجائزة هو “تهنئة وتذكير بحقها في الحرية”، مشيرة إلى أن التكريم يسلط الضوء على ثماني سنوات من الاحتجاز والتدوير في قضايا جديدة، إضافة إلى حرمانها من العلاج والرعاية الصحية اللازمة رغم تدهور وضعها الصحي الخطير.

 

وأشارت المنصة إلى أن هدى عبد المنعم ليست أول مصرية تُكرم دوليًا، إذ سبقها كل من محمد الباقر وهيثم محمدين وماهينور المصري، لكن ما يميزها أنها تُكرم وهي خلف القضبان، في تجسيد لمعنى الصمود الحقوقي رغم القمع.

 

الانتقام المفتوح واستمرار الظلم

 

وصفت المنصة ما تتعرض له هدى عبد المنعم بأنه “انتقام مفتوح”، لا مبرر له سوى نشاطها الحقوقي والقانوني المستقل. وأكدت أن استمرار احتجازها رغم انتهاء مدة الحكم يكشف عن منهج عقابي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.

 

وأضافت أن الجائزة ليست فقط وسام شرف لها، بل إدانة صريحة للسلطات المصرية التي تتجاهل مطالبات الإفراج عنها، مطالبة بتحرك عاجل لإنهاء الظلم الواقع عليها احترامًا للقانون والدستور.

 

واختتمت المنصة بيانها بالتأكيد على أن هذا التكريم الدولي المستحق يعكس فخر الحركة الحقوقية المصرية بإحدى أبرز رموزها، ويستلزم من المجتمعين الحقوقي والسياسي المحلي والدولي تحويل الجائزة إلى منصة ضغط لإنهاء معاناتها، والإفراج عنها فورًا بوصفها مواطنة مصرية وقامة قانونية وإنسانية تستحق الحرية قبل أي تكريم آخر.