تشهد الساحة السياسية والأمنية الإسرائيلية حالة من الجدل الحاد عقب الكشف عن احتمال سماح حكومة الاحتلال بخروج عدد من المقاومين الفلسطينيين المحاصرين في مناطق تقع داخل نطاق سيطرة الجيش الإسرائيلي جنوب قطاع غزة، مقابل تسليمهم أسلحتهم.

 

وتزامن هذا التطور مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واستلام تل أبيب عبر الصليب الأحمر جثث ثلاثة من أسراها الذين قتلوا خلال المعارك الأخيرة.

 

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي يدرس السماح لما يقارب 300 مقاتل من حركة حماس، محاصرين في منطقة رفح ضمن ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" – وهي مناطق تسيطر عليها إسرائيل ميدانيًا – بمغادرتها نحو مناطق أخرى في القطاع بعد انسحاب قواته منها. ووفق القناة، فإن القرار المحتمل مشروط بتسليم المقاومين أسلحتهم بالكامل قبل خروجهم، وهو ما وصفته بأنه "تطور غير مسبوق في تاريخ العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل غزة".

 

وأضافت القناة في تقريرها أن ما يجري في رفح "يبدو كواقع يصعب تصديقه"، خاصة مع تزايد الأصوات داخل الجيش المطالبة بالقضاء على جميع عناصر حماس المحاصرين، مقابل تيار آخر يرى في السماح بخروجهم فرصة لتقليل الخسائر بين صفوف الجنود الإسرائيليين المنتشرين في المنطقة.

 

موقف الجيش والقيادة السياسية


ونقلت القناة عن مسؤولين كبار في الجيش قولهم إن رئيس الأركان هرتسي هليفي يصر على ضرورة "القضاء على كل من تبقى من الإرهابيين"-على حد وصفه-، لكن مصادر سياسية ألمحت إلى أن القيادة قد تتجه نحو تسوية محدودة "لحماية أرواح الجنود وتجنب معارك جديدة داخل المناطق المأهولة".

 

وفي هذا السياق، صرّح مصدر أمني للقناة بالقول: "نقوم بهذه الخطوة المحتملة حفاظًا على حياة جنودنا، ونزع سلاح المقاتلين على أراضيهم. وإذا وافقوا على الخروج دون أسلحتهم فلن يُصنفوا كإرهابيين بعد ذلك".

 

لكن هذا التوجه لم يمر دون معارضة داخل الحكومة. إذ نقلت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن مصدر سياسي رفيع قوله إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعارض بشكل قاطع السماح بخروج عناصر حماس من منطقة تخضع لسيطرة الجيش، معتبرًا أن ذلك "سيشكل سابقة خطيرة ويقوّض الردع الإسرائيلي".

 

رفض واتهامات داخل اليمين الإسرائيلي


تصاعدت حدة المواقف في الأوساط السياسية، حيث هاجم وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش الفكرة، واصفًا إياها بأنها "جنون مطلق"، ودعا نتنياهو إلى التدخل الفوري لوقف أي قرار يسمح بمرور المقاتلين.

 

كما انضم إليه رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت، الذي اعتبر السماح بخروج مقاومين "عملاً من فقدان العقلانية الأخلاقية"، مضيفًا أن "العفو عنهم بدعوى وقف النار إهانة لتضحيات الجنود".

 

خسائر ميدانية وتبريرات أمنية


وزعمت القناة 12 أن ثلاثة جنود إسرائيليين قتلوا في رفح منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، معتبرة أن السماح بخروج المقاتلين قد يقلل من احتمالات وقوع خسائر جديدة. وأوضحت أن القيادة السياسية تدرس هذا الخيار ضمن صفقة أوسع تشمل تبادل الأسرى والبحث عن مفقودين في مناطق القتال.

 

تسليم جثامين ثلاثة أسرى إسرائيليين


وفي تطور متصل، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مساء الأحد أن تل أبيب تسلمت عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر جثث ثلاثة من أسراها، عُثر عليهم خلال عمليات ميدانية نفذتها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في حي الشجاعية شرق غزة ومحافظة خانيونس جنوب القطاع.

 

وقالت مصادر إسرائيلية إن عمليات التسليم تمت بعد تنسيق ميداني مع الصليب الأحمر وموافقة المستوى السياسي، في إطار ما وصفته القنوات العبرية بأنه "مرحلة من مراحل صفقة تبادل الأسرى التي يجري التفاوض بشأنها برعاية مصرية وقطرية".

 

وكانت كتائب القسام قد أعلنت عثورها على جثث ثلاثة أسرى داخل أحد الأنفاق في رفح، مشيرة إلى أن تسليمهم يأتي ضمن التفاهمات الإنسانية المصاحبة لوقف إطلاق النار.

 

وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية لاحقًا أن الفحص الجنائي للجثث التي تسلمتها تل أبيب أظهر أن بعضها لا تعود لأسرى مفقودين معروفين.

 

دور الصليب الأحمر وجولات ميدانية جديدة


في سياق متصل، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن فرقًا من الصليب الأحمر الدولي بالتعاون مع مجموعة من حماس أجرت جولتين ميدانيتين في خانيونس وحي الشجاعية للبحث عن رفات إسرائيليين مفقودين، وذلك بموافقة رسمية من حكومة الاحتلال.